رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها سيكونون في حاجة إلى العثور على إجابات لثلاثة أسئلة مهمة قبل اتخاذ قرار بتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري. ولفتت الصحيفة البريطانية، في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الاثنين، إلى أن موقف الغرب حيال سوريا خلال فترة العامين والنصف الماضية، كان يحيط به التردد العميق إزاء الانخراط في الحرب الأهلية في سوريا، إلا أنه وخلال الأيام الأخيرة، تغير الوضع بشكل كبير إزاء القيام بعمل ما في أعقاب الهجوم بالأسلحة الكيميائية شرقي العاصمة دمشق، حيث بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالتفكير في معاقبة نظام الرئيس بشار الأسد. وأوضحت الصحيفة أن السؤال الأول يتمثل في كم من الوقت ينبغي على واشنطن وحلفائها أن ينتظروا أدلة حاسمة على استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي ضد المدنيين الأسبوع الماضي؟. وأشارت الصحيفة إلى أنه من المرجح أن تجد واشنطن نفسها دخلت في حرب كلامية مع النظام السوري حول ما حدث في الغوطة، حيث إنه عقب أيام من المماطلة، يبدو أن الأسد سمح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى الموقع، وسترد واشنطن بأن ذلك كان يهدف إلى طمس الأدلة الموجودة على استخدام السلاح الكيميائي. وشبهت الصحيفة ما يحدث حاليا بالخطأ الذي ارتكبته واشنطن ولندن إبان فترة غزو العراق عام 2003 والذي ينبغي عدم تكراره، حيث تعجلت الحكومتان في اتخاذ إجراء عسكري، بينما كان وفد المفتشين الدوليين على أسلحة الدمار الشامل في العراق إبان فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين، يطالب بالمزيد من الوقت للعثور على أدلة دامغة. أما السؤال الثاني، فيتمثل في مدى قدرة واشنطن وحلفائها على القيام بعمل عسكري خارج مظلة الأممالمتحدة، حيث يعيد الموقف الأذهان إلى ما حدث في العراق أيضا، إضافة إلى ما حدث في صربيا من قيام الولاياتالمتحدة وحلفائها بشن غارات جوية على صربيا عام 1998 لوقف التطهير العرقي في كوسوفا دون تفويض من الأممالمتحدة. وتابعت الصحيفة قولها "فالإدارة الأمريكية وحلفاؤها آنذاك قالوا إنهم لا يحتاجون تفويضا لحماية المدنيين من جرائم الحرب، لكن يرى الكثيرون الآن أن تلك الغارات لم تكن مبررة وهو الخطأ الذي لا ترغب في تكراره القوى الغربية الآن مع سوريا". ورأت الصحيفة أن السؤال الثالث هو الأصعب حيث يتعلق بما ستكون عليه طبيعة العمل العسكري الذي تخطط له واشنطن وما أهدافه؟. وأردفت الصحيفة تقول: "إن قادة الجيش الأمريكي والبريطاني يعارضون وبشدة توريط جنودهم في معارك برية مع قوات المعارضة السورية، فهم لا يرون في أي منها قوة قادرة على شغل فراغ السلطة المتوقع حدوثه في حال سقوط نظام الأسد". وتابعت قولها "لكن في الوقت ذاته، يعتقد الكثير من الخبراء العسكريين أن واشنطن ولندن ترغبان في القيام بعمل عسكري يمثل ردعا للأسد ويقدم مثالا حيا على أن العالم الغربي لن يسمح باستخدام الأسلحة الكيميائي لتتحول إلى نمط معتاد في الصراعات المقبلة". واختتمت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية -تحليلها- قائلة "إن ما تحتاجه سوريا حاليا ليكون حلا وسطا، هو شن غارات مكثفة بالطائرات والصواريخ على بعض الأهداف الإستراتيجية للجيش النظامي السوري والتي ستكون بمثابة تحذير له، بالرغم مما يحمله من مخاطر قد تؤدي إلى تفاقم التوترات الدولية، ويسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، مما يسمح للأسد بإلقاء اللوم على الغرب، ولكن الأسوأ سيظهر حال لم تتخذ واشنطن ولندن إجراءً حاسما ضد الأسد، إذ أنه سيواصل استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين بشكل أوسع وهو الأمر الذي لا يمكن أن يسمح به العالم الغربي.