اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن تزايد وتيرة الضغوط الممارسة على الرئيس الأمريكى باراك أوباما لإنجاز تدخل عسكرى مباشر فى سوريا، إنما يربك استراتيجيتة الخارجية الرامية بالتحول إلى القارة الآسيوية وتجنب التورط فى حروب جديدة فى منطقة الشرق الأوسط. وأوضحت الصحيفة - فى تحليل إخبارى أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت اليوم السبت - أن المجازر التى ترتكبها قوات بشار الأسد ضد بلدات سورية بكاملها إضافة إلى التقارير الواردة بشأن استخدام النظام أسلحة كيميائية ضمن حملته القمعية للثورة فى بلاده، زادت من وطأة الضغوط الممارسة على أوباما كى يسرع بفرض تدخل عسكرى مباشر فى سوريا لمواجهة ما اعتبره هو "خط أحمر" لواشنطن . وأضافت "لكن حتى الآن لا يزال البيت الأبيض - وعلى رأسه أوباما - يؤثر اعتماد الحرص والحذر فى هذا الشأن برغم من كافة التحذيرات التى يطلقها كبار مستشاروه حول سقوط المنطقة بأسرها فى بحر الفوضى والعنف الطائفى وفقدان واشنطن مصداقيتها إذا ما لم تقد تدخلا عسكريا يطيح بنظام الأسد". ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على نقاشات الإدارة الأمريكية حول الملف السورى قوله "إن أوباما فى حاجة إلى أن يقتنع بأن تدخلا أمريكيا فى سوريا لن يحول دون مزيد من تفاقم الأحداث المأساوية بل أيضا من شأنه تحسين الأوضاع على كافة الأصعدة وانتشال سوريا من بحر الظلمات". وعزت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، من جانبها، أسباب عزوف إدارة باراك أوباما عن التحرك عسكريا فى سوريا إلى الخوف من تحميل الولاياتالمتحدة مسئولية أى إخفاقات أو أخطاء قد تحدث فى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد سواء بسقوط ترسانة الأسلحة الكيميائية فى يد الجماعات الإرهابية أو اندلاع مجازر طائفية. لذا رأت الصحيفة أن الرئيس أوباما لا يزال حريصًا على الالتزام بأطر الاستراتيجية الخارجية التى كرس لها خلال فترته الرئاسية الأولى القاضية بتفادى إهدار موارد وطاقات بلاده البشرية والمالية فى حروب لا طائل من ورائها وإعادة بناء نفوذ أمته عالميا من خلال إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية فى الداخل. وأضافت "ربما قد نجح أوباما من خلال هذه الاستراتيجية فى دعم الثورة الليبية والإطاحة بنظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى، حيث أوكل إلى كل من بريطانيا وفرنسا مهمة تزعم التدخل العسكرى فى ليبيا واكتفى بقيادة الدفة من الوراء، ولكن السير على ذات المنوال فى سوريا قد يأتى بنتائج عكسية". وتابعت فإن حلفاء واشنطن الأوروبيين لن يتمكنوا من الإمساك بزمام الأمور هذه المرة نظرا للتركيبة المعقدة للمجتمع السورى وتعدد طوائفه وتدفق عناصر جهادية من الخارج إلى سوريا للانضمام إلى صفوف الجيش الحر.