التقي محمد إدريس، سفير مصر بإثيوبيا، وزير الصناعة الإثيوبي الجديد، حيث هنأه على توليه مهام منصبه، مشيرًا إلي العلاقات التاريخية التي تجمع مصر وإثيوبيا. وقدم السفير إدريس عرضًا حول آخر تطورات الأوضاع بمصر، منوهًا بأن ثورة 30 يونيو تعد امتداداً لثورة 25 يناير وتحركاً شعبياً لاستكمال تنفيذ أهداف الثورة، كما عرض لما شهدته مصر على مدار العام الماضي من محاولات للإقصاء والتفرقة بين المواطنين بناء على الدين والانتماءات الأيديولوجية. وأكد أنه "ليس ممكنُا فرض لون واحد أو أيديولوجية محددة على الشعب المصري، ذي التعددية الدينية والثقافية والتراث الحضاري الممتد". وأشار السفير محمد إدريس خلال اللقاء إلى "الاهتمام المتزايد لدى العديد من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين بالعمل في إثيوبيا، وتطلع الجانب المصري إلى تعزيز هذا التوجه الذي يسهم في خلق شبكة مصالح حقيقة بين البلدين". وأعرب المسئول الإثيوبي عن ترحيبه بما استمع إليه من السفير إدريس، مشيراً إلى وجود العديد من النماذج الناجحة للمستثمرين المصريين في إثيوبيا. ونوه إلى التسهيلات المقدمة للمستثمرين الأجانب، موضحاً أن حكومات الأقاليم لديها اهتمام كبير بجذب المستثمرين الأجانب، وتعمل على تيسير وتوفير الخدمات اللازمة، معرباً عن اهتمامه بتشجيع رجال الأعمال المصريين على تنفيذ مشروعات في الأقاليم الإثيوبية. وأبلغ الوزير الإثيوبي السفير المصري بأن أولوياتهم خلال المرحلة المقبلة على صعيد تطوير قطاع الصناعة تتمحور حول تطوير قدرات العمالة الإثيوبية والعمل على استثمار رخص تكلفتها للمنافسة في سوق الصناعات كثيفة العمالة، لاسيما صناعات الأقمشة والمنسوجات والمنتجات الجلدية والصناعات الزراعية. وأشار إلي اهتمام إثيوبيا بتطوير الصناعات المتقدمة لاسيما الصناعات الدوائية والإليكترونيات من خلال جذب مستثمرين أجانب ذوي الخبرات بهذا المجال،وذلك في ضوء اتساع الفجوة بين حجمي الإنتاج والاستهلاك المحلي من هذه الصناعات. من جانب آخر، أجرى أحد البرامج الحوارية التليفزيونية الإثيوبية "Meet ETV" الذي يتمتع بنسبة مشاهدة عالية ويقدمه الإعلامي الإثيوبي الشهير تفرا جيدامو لقاءاً مع سفير مصر بأديس أبابا. وعرض السفير الأحداث التي تشهدها مصر، منوهاً بأن مصر دولة تتميز بالتاريخ العريق، وامتزاج الحضارات، والتعايش الديني والثقافي، مضيفاً أن خير شاهد على ذلك هو ثورة 25 يناير الشعبية التي تميزت بمشاركة جميع ألوان الطيف السياسي والديني للشعب المصري، وطالبت الجماهير فيها بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. وأشار السفير إلى أن الثورة ليست مجرد حدث، بل هي عملية مخاض تدفع إليها رغبة جامحة في التغيير السياسي لأسباب موضوعية. كما أوضح السفير أن خروج الملايين من أبناء الشعب المصري مجدداً في 30 يونيو وبأعداد أكبر من تلك التي خرجت فى يناير 2011 إنما يبرهن على أن 30 يونيو هي موجة ثانية وامتداد طبيعى لثورة 25 يناير، مشيراً فى هذا الصدد إلى الطبيعة المعقدة والممتدة للثورات في العالم، وأن الثورة المصرية ليست استثناءً من ذلك. وفى رده على سؤال حول مدى دقة تسمية ما شهدته مصر مؤخراً من تغيير في الحكم بالثورة، أوضح السفير أن ما حدث هو أن نحو 22 مليون مواطن مصري خرجوا لميادين مصر بالمدن المختلفة مطالبين بتصحيح المسار السياسي، لتحقيق أهدف ثورة 25 يناير، وذلك بعد أن تدهورت الأوضاع السياسية والمجتمعية والاقتصادية، الأمر الذي دفع بهذه الملايين من أبناء الشعب للثورة مجدداً، مطالبين بإزاحة النظام الذي فشل في تحقيق أهداف ومطالب ثورة 25 يناير، وأن تدخل القوات المسلحة إلى جانب الإرادة الشعبية أملته عليها مسئوليتها الوطنية تجاه الدولة المصرية والشعب المصري كي تحفظ البلاد من ويلات الانزلاق إلى الفوضى. وردًا على استفسار بشأن موقف الاتحاد الأفريقي إزاء التغيير الذي شهدته مصر، أشار السفير إلى أن "الاتحاد الأفريقى قام بتطبيق قاعدة قانونية وإجرائية تتعلق بالتغيير في الحكم بطريقة آلية". وأضاف "نحن من جانبنا اختلفنا ونختلف مع هذا التفسير، ونعتبر أن ثورة 30 يونيو هي امتداد لثورة 25 يناير، ونؤكد على عدم صواب اللجوء لتلك النصوص القانونية بشكل تلقائي مفارق لخصوصية الحالة المصرية على أرض الواقع، خاصة في ضوء عدم امتلاك الاتحاد الأفريقي للآليات الخاصة بالتعامل مع الانتفاضات والثورات الشعبية، وذلك بإقرار الاتحاد نفسه على مستوى القمة". كما نوه السفير إلى أن "مصر على الرغم من ذلك، فقد رحبت بالتواصل مع الاتحاد، واستقبلت وفداً رفيع المستوى برئاسة رئيس مالي الأسبق للتعرف على حقيقة الأوضاع في مصر، وقدمت له كل التسهيلات المطلوبة للتأكد من أن التغيير الذي حدث بمصر، إنما هو استجابة لإرادة شعبية". واختتم السفير بتساؤل عما يكون عليه الحال لو جاء من يقول لأشقائنا في إثيوبيا أنه لم يكن عليكم القيام بثورتكم ضد النظام السابق فى إثيوبيا، وأنه كان يتعين عليكم اللجوء إلى آليات انتخابية أو برلمانية يعلم الجميع انسداد مجراها. وأضاف "في لحظات من تاريخ الشعوب، لا يكون أمامها سوى الثورة الشعبية من أجل التغيير وتحقيق المطالب المشروعة، وتأكيد أن الشعب والإرادة الشعبية هي المصدر الحقيقي لأي شرعية".