رأى الكاتب الأمريكي المخضرم "توماس فريدمان" أن استقرار تركيا على المدى القريب مرهون بالكيفية التي سيحافظ بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على إرثه خلال الفترة القادمة. وأضاف فريدمان في مقاله الذي أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء،أن مايحدث في تركيا في ساحة تقسيم عام 2013 ليس مشابها للانتفاضة المصرية في ميدان التحرير عام 2011، فالمصريون آنذاك كانوا حريصين على الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. وتابع قوله "أما بالنسبة للأتراك فهم لم يصلوا لتلك المرحلة التي يرغبوا فيها بالإطاحة بأردوغان رئيس الوزراء الإسلامي المنتخب ديمقراطيا، بل إن سبب خروجهم للشوارع تمثل في عمليات قمع المعارضة التي يقوم بها أردوغان، والذي هيمن على السياسة التركية لأكثر من عقد ولا يزال يحظى بالدعم والتأييد من قبل أكثر من نصف الأتراك المتدينيين المنتمين إلى التيار الإسلامي". وأردف فريدمان "أن أردوغان قد استخدم قوانين الضرائب وغيرها من الوسائل لتخويف الصحافة والخصوم السياسيين وقمعهم، حتى أن "سي إن إن ترك" رفضت تغطية الاحتجاجات في بداية الأمر، إضافة إلى مدى ضعف المعارضة في البرلمان الرسمي، لذا استخدم الشباب التركي مواقع التواصل الاجتماعي كوسائل الأخبار وشبكة الاتصالات وساحة تقسيم وحديقة جيزي كبرلمان خاص بهم ليصبحوا المعارضة الحقيقية". وأوضح فريدمان أن المحزن في الأمر هو أن غطرسة أردوغان واستبداده، كانت كفيلة بتلويث سجله القيادي الحافل، بداية من تحسين الرعاية الصحية ورفع مستوى الأجور مرورا بالبنية التحتية وإبعاد الجيش عن الحياة السياسية". ونوه فريدمان إلى استياء الأتراك مما اعتبروه بمثابة تدخل في حياتهم، حيث يرون أن الديمقراطية ليست ماتريده الأغلبية فقط، بل إنها ما تريده الأقلية أيضا، فالديمقراطية ليست فقط صناديق الانتخابات، لافتا إلى استطلاع للرأي نشرته صحيفة "زمان" التركية الاثنين الماضي يبين أن نسبة 54.4 بالمائة من الأتراك المستطلع آرائهم يعتقدون أن الحكومة تتدخل في أسلوب حياتهم. وأشار فريدمان إلى أن هناك نوعين من السلطة: السلطة الرسمية والسلطة الأخلاقية، وتعد الأخيرة أكثر أهمية في وقتنا هذا، حيث تتحول القوة إلى الأفراد الذين يمكن أن يتصلوا بسهولة ويمزجوا بين قوتهم لتصبح أضعافا مضاعفة من أجل الخير أو السوء". وشدد على أن السلطة الأخلاقية تستمد من خلال الكيفية التي تتصرف بها، وكيف يمكنك بناء الثقة مع شعبك، فكل مرة تمارس فيها السلطة الأخلاقية، وتبدي المزيد من الاحترام تجاه أبناء شعبك، كلما عززت من موقفك، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد للقياد الفعالة في هذا العصر، يتمثل في توليد الطاقة من خلال الشعوب، فارتباط القائد بشعبه يكسبه المزيد من ثقتهم، ويجعلهم ينخرطون في رؤية مشتركة". واختتم الكاتب الأمريكي "توماس فريدمان" -مقاله-متسائلا "هل يمكن أن يفهم ويدرك أردوغان ما سبق"، مشيرا إلى أن استقرار تركيا على المدى القريب وإرث أردوغان ستكون رهنا بالجواب على هذا السؤال.