أصبح الباعة الجائلون حاملو الأعلام، والبوسترات، والمأكولات الخفيفة، وغيرها عاملًا مشتركًا فى جميع الأحداث والمشاهد السياسية، سواء المظاهرات والمسيرات، أو المحاكمات المهمة. لكننا وجدناهم فى عدد من الميادين يرفعون بوسترات لصور شهداء الثورة، ولافتات تحمل انتقادات وعبارات الرفض للنظام السابق، واليوم وأمام أكاديمية الشرطة في أثناء الجلسة الثانية لإعادة محاكمة مبارك ونجليه، وجدنا البعض منهم يبيع أكوابًا مرسومًا عليها صورة الرئيس السابق بمبلغ 25 جنيهًا، والبوسترات بسعر 5 جنيهات. الدكتور إسماعيل يوسف - أستاذ علم النفس بجامعة قناة السويس –رفض وصف هؤلاء بالانتهازيين، وقال إن من حقهم البحث عن وسيلة للسعى وراء الرزق، وقال ل"بوابة الأهرام" أليس من حق تلك الفئة البسيطة البحث عن مصالحهم كباقى الفئات فى المجتمع؟. وأضاف أنه لا أحد يسأل الأثرياء عن تغيير قناعتهم و تلون طرقهم من أجل البحث عن المصلحة والحصول على مزيد من الأموال، ويأتى البعض ليستنكر تغيير البائع المتجول البسيط لنشاطه حسب الوضع السياسى ليحصل على جنيهات قليلة يطعم بها أطفاله. وتابع د.يوسف أن البائع المتجول يهدف دائمًا إلى الترويج لسلعته بغض النظر عن أى توجه سياسى، فبالأمس هو يرفع صورة واليوم قد يرفع صورة أخرى لخصم لها، وهو فى النهاية "إنسان" ولا نستطيع توجيه اللوم له، خاصة أنهم فى الغالب ليس لهم أي قناعات سياسية أو أيديولوجية، حيث إنهم فى معظم الأحوال تحت خط الفقر فمن لا يملك قوت يومه لا يملك إرادته. و قال إنه خلال الثمانية عشر يوم للثورة، وفى ميدان التحرير قابل سيدة مسنة فى السبعين من عمرها تبيع خبزًا و"جبنة مش" وتوزع الساندويتشات مجانًا للمتظاهرين، ويبدو عليها الفقر المدقع، فعرض عليها خمسة جنيهات كمساعدة منه لها، لكنها رفضت قبولها، وقالت إنها حصلت على أجرتها من أحد الأفراد مقابل بيع تلك الوجبة للمتظاهرين بدون مقابل. ويضيف: أن تلك النماذج على سبيل المثال من الشعب المصرى البسيط ممن يطلق عليهم "ملح الأرض" يعلموننا كيف تكون القناعة والاستغناء والرضا، وعلينا أن ننظر لهم أكثر من جانب الشفقة، وليس من جانب الناقد لممارساتهم.