طالب الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، الحكومة المصرية بأن توجه اهتمامها إلى النية التحتية والعدالة الإجتماعية، موضحًا أن الأوضاع بمصر مختلفة عن التجربة الماليزية فالنسيج الوطنى بمصر موحد، ولايوجد بها اختلافات عقائدية. وأضاف، في مؤتمر "تجارب النهضة فى العالم.. ماليزيا نموذجا" بحضور المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ود.صفوت عبد الغنى، القيادى بالجماعة الإسلامية: "الوضع فى مصر يتطلب تحسين المعيشة وعدالة إجتماعية، وكل شئ هيبقى تمام". وأوضح أن ماليزيا بدأت تجربتها في وضع أصعب بكثير من الوضع الحالى بمصر، حيث بدأت بوضع مختلف من وجود أصناف مختلفة من الشعب الماليزى بتنوع واختلاف فى الطبيعة البشرية، ف 60% مسلمون، و30% بوذيون و10% هنود، مشيراً إلى أنه رغم ذلك إلا أن الشعب الماليزى اتفق على عدم الاهتمام بتلك الخلافات العقائدية وتنحيتها جانبًا، ووضع فى وجهته التطور والنهضة. وأضاف: عقب ذلك بدأت الحكومة الماليزية، فى الإتجاه نحو الإهتمام بالمواطن الماليزى دون أى تفرقة فى العمل على تحقيق وظيفة عمل، وتحقيق فرص العمل، للمواطنين من أجل تحقيق الاستقرار فى الشارع الماليزى، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت فى توفير فرص العمل من خلال الاهتمام بالزراعة فى تخصيص الأراضى للشباب والمواطنين حتى سرعان ما نفذت الأراضى الزراعية، حتى بدأت الحكومة للاتجاه نحو الإهتمام الصناعى والتركيز على الصناعات الخفيفة فى بداية الأمر التى تحتاج إلى عمالة كثيرة من أجل توفير فرص عمل أيضا للشباب والمواطن الماليزى". وأوضح أنه بعد الاهتمام الكامل بالصناعات الخفيفة بدأ الاتجاه نحو الصناعات الثقيلة التى من شأنها أيضًا توفير العديد من الوظائف وفرص العمل من أجل تخفيض نسبة البطالة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر ساعد كثير فى الاتجاه نحو الاستثمارات الخارجية والأجنية من أجل دعم الإقتصاد. وتابع: "بدأنا بالاهتمام الزراعى ومن ثم الصناعى بشقية الخفيف والثقيل والصناعات ذات القيمة المضافة مما ساعدنا على وضع أرجلنا بانتظام فى طريق النهضة الماليزية معتمدة على تحقيق الاستقرار والسلم للمواطن الماليزى وذلك عبر توفير فرصة العمل والوظيفة الخاصة التى يعمل فيها". ولفت إلى أن الهدف من الوظائف تحقيق الاستقرار ووضع السلم العام للوضع بماليزيا، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالصناعات الثقيلة كان من شأنه فتح أبواب كثيرة للتحول الصناعى قائلاً: "نجحنا فى صناعة أول سيارة ماليزية فتحت آفاق كثيرة أمام وظائف واستثمارات كبيرة، بالإضافة إلى فتح الباب أمام صناعات هندسية أخرى من شأنها توفير فرص العمل والوظائف للمواطنين. وعقب ذلك تحدث صاحب نهضة ماليزيا، عن التحول الإقتصادى الذى تم من خلال اكتشاف البترول، مشيرًا إلى أن الماليزيين اعتمدوا على الخبرات الأجنبية، وأيضا المستثمرين حتى نجحوا فى الاستفادة فى الداخل من تلك الخبرات، قائلاً: "أصبح لدينا مهندسون وخبرات كبرى فى الداخل تقود الآن أكبر شركات البترول فى العالم. لدينا شركة بتروناس العالمية التي أصبحت تصدر البترول ومواده الخام بنسبة 80 % من إنتاجها". وأشار مهاتير إلى أنه عقب ذلك بدأوا فى الاهتمام برفاهية المواطن الماليزى من خلال الاهتمام بالبنية التحتية من أساليب تعليم وتطويره، وأيضًا الاهتمام بالخدمات من كهرباء وغاز والطرق والمواصلات، مشيًرا إلى أن هذه الأمور والتطويرات كانت تتم بالتوافق مع القطاع الخاص، مع بعض التسهيلات الحكومية، التى من شأنها تحقيق الرفاهية للمواطن الماليزى. فى السياق ذاته، أكد مهاتير محمد على أن كل ذلك تطلب من الحكومة أن تضع الإستقرار والسلم العام فى الشارع الماليزى نصب أعينها، حتى يكون نتيجة التنمية له تأثير فى الشارع الماليزى، مشيرًا إلى أن هذا الأمر تطلب من الحكومة أيضا تحقيق العدالة الإجتماعية بإزالة الفوارق المالية بين الطبقات الماليزية، وهذا ما نجح فيه بالتدرج. وأضاف:" نجحنا بنسبة 69% برفع مستوى المعيشة للمواطنين ونسب التعليم، وأيضًا تحقيق التقارب فى الدخول وذلك بالإعتماد على الخطط الخمسية حتى أوائل التسعينات، وبدأنا فى وضع خطة 2020 لكى نكون من أكبر الدول الاقتصادية فى العالم وهذا ما نتجه نحوه فى الفترة الأخيرة". وفى رده على تساؤلات وسائل الإعلام بشأن الوضع فى مصر وماليزيا والزخم السياسى وعملية الديمقراطية، قال: "كنا تحت الإحتلال الإنجليزى وعقب تحقيق التحرر من وطأته اتفق الشعب الماليزى على نظام الملكية الدستورية فى أن يدير رئيس الوزراء والرئاسة شيئ شرفى، ومن ثم إجراء الانتخابات البرلمانية والتشريعية، والإيمان أيضا بآليات الأحزاب, وتداول السلطة مشيرا إلى أنهم أدركوا أن الضابط للديمقراطية هو استعداد المهزوم لقبول الهزيمة، قائلاً:" عانينا فى الفترات الماضية فى أن المهزوم لم يقبل الهزيمة بسهولة وكان يملء البلاد بالاحتجاجات ولكن مع الوقت ترسخت الديمقراطية". وتابع: "لابد أن يعى المصريين أن لعبة الديمقراطية منتصر ومهزوم، وعلى المهزوم لاستعداد للانتخابات القادمة ويسوق نفسه للشعب"، مشيًرا إلى أن إذا تم التغلب على الخلافات السياسية والانتهاء منها بشكل جيد ستتجه الحكومة والنظام نحو التطوير والإهتمام الاقتصادى. وبشأن المرأة الماليزية فى مشروع النهضة الماليزى، قال مهاتير: "كانت العناية للمرأة كبيرة جًدا واهتتمنا بها فى كل المجالات لأنها مشارك أساسى فى تحقيق النهضة بأى شكل من أشكاله". وفى رده على سؤال حول أساليب ردع الفساد فى ماليزيا، قال:" تم التركيز على مكافحته بكل صوره من خلال عدة أساليب أهمها تقصير المدة الزمنية لأى إصدار للتصاريح والتراخيص التى من شأنها القضاء على الفساد بكل صورة وحصر أشكاله.. كان تراخيص الفندق يصل إلى 150 يومًا، والآن أصبحت التراخيص تستغرق 3 أيام فقط، بالإضافة إلى منظومة متكاملة من الشفافية". وبشأن التعليم، قال مهاتير: تم الاهتمام به بشكل كامل من خلال ميزانية خاصة حيث وصل الأمر إلى إنشاء جامعات كثيرة بعد أن كان بماليزيا جامعة واحدة، وأيضًا تخصيص ميزانية موحدة للتعليم من أجل النهوض بالعملية التعليمية".