نشرت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية اليوم الأربعاء، تحقيقًا مطولا عن المد السلفي في الشرق الأوسط والمساحة، التي أتاحتها الانتفاضات العربية لظهور مثل هذه الحركات السلفية في المشهد السياسي. وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، بدأت رولا خلف مراسلة الصحيفة في المقارنة بين صورتين داخل المعارضة السورية بين صورة معاذ الخطيب، الإسلامي المعتدل الذي تحرص الحكومات الغربية على التعامل معه كممثل للمعارضة السورية، وبين صورة الشيخ السلفي عدنان العرعور الذي ترى الكاتبة إن خطابه مؤثر في العديد من المقاتلين ضد النظام في سوريا إلى درجة اختياره عضوًا في قيادة بعض مجالسهم العسكرية. وتحاول الكاتبة أن تقدم صورة لنمو هذه الحركات السلفية وتشابهاتها أو اختلافاتها في مختلف بلدان المنطقة من سوريا الى مصر وتونس وليبيا والمغرب وغيرها من البلدان، واصفة تلك النماذج المختلفة التي تتخذ طيفا واسعا من الاستجابات لتحقيق أهدافها بفرض تطبيق الشريعة الاسلامية، من استخدام القوة كما هي الحال لدى سلفيي جبهة النصرة في سوريا أو الجماعة السلفية الليبية التي اتهمت بالهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي وتدمير عدد من الأضرحة والمقامات الصوفية، إلى الجماعة السلفية المصرية التي تحاول أن تستعير بعض تكتيكات الإخوان المسلمين في التركيز على العمل الخيري والتركيز على كسب أصوات الناخبين المصريين. وترى الكاتبة أن العلمانيين العرب يرون في المد السلفي أكبر تهديد لعملية بناء الديمقراطية في المنطقة، لاسيما في اضرارها بالحقوق المدنية للمرأة. كما ترى في تصاعد مدهم عامل ضغط على الإسلاميين المعتدلين كالإخوان المسلمين لاتخاذ خط أكثر تشددًا. وتنتقل الكاتبة إلى رصد تزايد الانتقادات والضغوطات التي يواجهها السلفيون في هذه البلدان أيضا، ضاربة أمثلة بمهاجمة الليبيين لجماعة أنصار الشريعة بعد حادثة القنصلية الأمريكية، وتصاعد الضغوط على الحكومة المؤقتة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي المعتدل في تونس لاتخاذ إجراءات صارمة ضد السلفيين في تونس. كما تتوقف عند الانتقادات التي تعرض لها نائب سلفي في مصر بعد إجرائه عملية تجميلية لأنفه أو لنائب سلفي آخر حاول غواية فتاة شابة مقابل إعطائها وظيفة، فضلا عن الانتقادات المتزايدة للسلفيين واتهامهم من بعض المعارضين السوريين بتشويه صورة انتفاضتهم ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتخلص الكاتبة إلى الاستشهاد برأي راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس الذي يرى أنه لا ينبغي إلغاء التيار السلفي حتى لو كانت وجهات نظره الدينية خاطئة التوجه، وتستشهد أيضا برأي عمر عاشور الباحث بجامعة إكسيتر الذي يرى أن "أي محاولة لمنعهم أو قمعهم ستؤدي إلى ضرر كبير على المدى الطويل لأنهم سيتحولون إلى العنف، وسترى مزيد من التجذر لإحساس أنهم ضحايا. وفي الوقت نفسه فإن أي تساهل مع محاولتهم الاعتداء على حقوق المرأة والأقليات ستؤدي أيضا إلى ضرر كبير على المدى الطويل".