تأتي المظاهرات والمسيرات، التي جابت مناطق متفرقة فى مصر، بعد حادث التفجير الذى وقع أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، مغايرة لكل شعارات وآداب التعبير عن الغضب البعيد عن العنف والخطأ. فرغم تأكيد البابا فى حديثه للتليفزيون المصري، أنه من حق الجميع الغضب، ومناشدته جموع الشباب ألا يقودهم الغضب إلى الوقوع فى الخطأ، فإن غالبية المسيرات، التى خرجت لتندد بالحادث لم تخل من الوقوع فى الخطأ. ويبدو أن حملة "اغضب ولا تخطئ" التى دشنتها الأجهزة الإعلامية بمصر، إلي شباب الأقباط المصري لم تؤت ثمارها. بدوره لم يمنع الأمن خروج هذه المسيرات، مادامت سلمية، والهدف منها التعبير عن الغضب، دون الوقوع فى الخطأ.. لكن ما شهدته غالبية هذه المسيرات من أحداث مؤسفة، استهدفت رجال الأمن وبعض الممتلكات المادية، تؤكد أن الغضب الحالي، لم يولد إلا الخطأ، حيث تجاوزت الحدود، بوجود أصابع خفية تدفع بها إلي مسيرة الفتنة الطائفية، خصوصًا بعد أن أسسوا مواقع إلكترونية علي الإنترنت، تحرض على الفتنة، وتدعو الشباب المصري القبطي للانضمام إليهم، ونجاحهم في ضرب ضباط الشرطة وإحراق المساجد بطريقة خاطئة وكاذبة ومدعية، لا تجني من ورائها أي ثمار سوي إشعال الفتنة الطائفية، وتحقيق مصالح قوي خارجية تريد تمزيق النسيج المصري الداخلي. شهدت القاهرة يوم الإثنين مظاهرتين بمنطقة المطرية والمرج، استمرتا حتى الساعات الأولي من صباح اليوم، كما تجمع نحو 1300 قبطي بكنيسةالسيدة العذراء بمنطقة مسرة، واندس بينهم أعضاء حركات كفاية، وأقباط من أجل مصر، ومصريون ضد التميز، ووجهوا المظاهرة التي بدأت بطريقة سلمية، عبر فيها أقباط من شبرا ومسلميها عن ترابطهم ووحدتهم، وعندما انضم نحو ألف قبطي من محافظة القليوبية إلي المظاهرة، بدأ فتيل الأزمة في الاشتعال، وحثت بعض العناصر المندسة المتظاهرين علي توجيه شعاراتهم ضد الدولة والجهاز الأمني لها. مع كل الاستفزازات اللفظية، التي وجهها المتظاهرون لرجال الشرطة، إلا أنهم فوجئوا بتعليمات صارمة تم توجيهها إلي جميع الأفراد والضباط والمجندين من اللواء إسماعيل الشاعر، مساعد أول الوزير لمنطقة القاهرة بعدم حمل العصي أثناء توجيه المتظاهرين، منعا وتأكيدا لعدم حدوث اشتباكات، بينما قذف المتظاهرون -نحو ساعتين من الزمن- قوات الشرطة بالحجارة، مما أسفر عن إصابة ثلاثة ضباط و12مجندا بإصابات بالغة، كما تسببت حجارة المتظاهرين في إتلاف 16 سيارة شرطة و10 سيارات ملاكي، كما دمر المتظاهرون نقطة مرور شرطية بمنطقة المؤسسة، واستمرت المظاهرة بأحداثها المؤسفة بطول شارع الترعة البولاقية بشبرا، من الساعة السابعة مساء، وحتى الساعة الرابعة صباحا. الأمر الذي تسبب أيضا في إحداث ارتباك مروري بشوارع وسط المدينة ومحور كورنيش النيل بسبب تغيير المسارات المرورية. من الملاحظ أن المسيرات الغاضبة لها توجهات، تؤكد أن هدفها ليس التعبير عن الغضب فقط، بل هى أهداف أخري يستخدم فيها الشباب المصري للاندفاع إلي خلق أزمة طائفية تعرض الكل للخطورة، وظهر ذلك من خلال الدعوات التي يقوم بها بعض الشباب ويبثها إلكترونيا لآلاف الشباب الأقباط. من بين هذه النماذج إذاعة موقع الغاضبين علي ال"فيسبوك" أمس، حيث أشاروا إلي وجود اعتداء علي كنيسة أبو سيفين بمحافظة القليوبية، بهدف تجميع الشباب المسيحي بدأ من الساعة الواحدة صباحا والاستمرار في قطع الطريق الدائري والذين نجحوا في تعطيل حركة المرور عليه لمدة خمس ساعات متواصلة وأشعلوا النيران في إطارات الكاوتشوك وألقوها فى نهر الطريق، وقاموا بقذف السيارات والمنازل ولوحات الإعلانات بطريقة خلفت تلفيات عامة عديدة ومؤسفة. وبعدما شهدته العاصمة من مظاهرات غاضبة بدأها شباب الأقباط في أحداث الكاتدرائية بالعباسية وتعدوا علي بعض المسئولين والوزراء، أثناء تقديمهم واجب العزاء في ذويهم، وخرجوا للشارع مرددين الهتافات التي امتدت إلي قذف القوات الأمنية بالحجارة، وأصيب علي أثرها 41 مجندا و5 ضباط بخلاف الضباط والمجندين، الذين أصيبوا أمس الأول بمنطقة شبرا، كما أشاع المتظاهرون إحراقهم لبعض المساجد بمنطقة مسطرد وعين شمس، وهو ما نفته الأجهزة الأمنية. وأكدت أن الإصابات البشرية جاءت بقوات الشرطة التي التزمت بتوجيهات السيد حبيب العادلي، وزير الداخلية بضبط النفس أثناء الوجود في المسيرات الغاضبة، وتخشي الأجهزة الأمنية من الإفراط في استخدام هذا الأسلوب للتعبير عن الغضب، والذي قد تستخدمه بعض العناصر الإجرامية أو القوي السياسية لتحقيق أهداف غير مشروعة. الأمر الذي أثار الدهشة، هو قيام المتظاهرين بالتعدي بالضرب علي وسائل الإعلام التليفزيونية والمصورين الصحفيين، رافضين تصويرهم بطريقة غير منطقية، فإذا أرادوا أن يوضحوا للعالم أجمع عن غضبهم واستيائهم فقط، فلن يتم ذلك إلا من خلال وسائل الإعلام المختلفة. جدير بالذكر، أنه في كل المظاهرات التي تشهد تلك الأحداث المؤسفة نري خطا واحدا يعمل علي ردع المتجاوزين من الغاضبين، حيث تحرص القيادات الكنسية علي الخروج إلي الشارع ومحاولة إطفاء نار الفتنة، والتدمير الذي تقوده أصابع خفية.