تعرف على أسماء أحد الشعانين    ورقة المائتى جنيه تستحوذ على الحصة الأكبر من النقد المصدر    محافظ الجيزة يوجه معدات وفرق النظافة لرفع المخلفات بالبراجيل    وزير الخارجية الإسرائيلي يلمح لتأجيل اقتحام رفح حال التوصل لاتفاق بشأن الأسري    الزمالك يتأهل لنهائي كأس مصر للرجال الطائرة    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    حملة على الأسواق والمحلات بمدينة أبوزنيمة بجنوب سيناء لضبط الأسعار    فرقة ثقافة الشيخ زايد تقدم العرض المسرحي "ابن الإيه" بالإسماعيلية    حزب "المصريين" يُكرم هيئة الإسعاف في البحر الأحمر لجهودهم الاستثنائية    مدبولى يشارك فى المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض نيابة عن الرئيس السيسى    52 مليار جنيه حجم أرصدة التمويل متناهية الصغر بنهاية يناير 2024    تعرف على أفضل 10 مطربين عرب بالقرن ال 21 .. أبرزهم الهضبة ونانسي والفلسطيني محمد عساف (صور وتفاصيل)    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    طارق يحيى مازحا: سيد عبد الحفيظ كان بيخبي الكور    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    ناهد السباعي: عالجنا السحر في «محارب» كما جاء في القرآن (فيديو)    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    مدير «تحلية مياه العريش»: المحطة ستنتج 300 ألف متر مكعب يوميا    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبح الحرب الباردة.. حرب كلامية بين «بايدن» و«بوتين» ممزوجة ب«خلاف متجذر» منذ 9 سنوات
نشر في بوابة الأهرام يوم 19 - 05 - 2021

حرب كلامية بين «بايدن» و«بوتين» ممزوجة ب«خلاف متجذر» منذ 9 سنوات
بول سالم: أمريكا تنظر إلى روسيا على أنها «تحدٍ كبير وعالمي».. و«خصم» يستدعى مواجهته
دينيس روس: العلاقة بين موسكو وواشنطن ستتحول للتنافس مع إمكانية التعاون فى بعض الملفات الأخرى
توفيق حميد: العقوبات الأمريكية دليل على الندية بين البلدين.. وتدفع إلى مزيد من التوتر فى عهد «بايدن»
إدموند غريب: هناك خلفيات وشخصنة للصراع الدائر حاليًا.. والديمقراطيون أكثر تشددا فى التعامل مع هذا الملف
طفت على السطح، مجددًا، ملامح صراع وشيك بين الولايات المتحدة وروسيا، قد ينفجر فى الأفق، بدأ كلاميًا بين رئيسى الدولتين العُظميين، ممزوج بإجراءات على شكل عقوبات أمريكية على مسئولين روس، على إثر أزمة المعارض الروسى نافالني، مما يشكل إعادة لرسم جديد لخريطة العلاقات الدولية، خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع دخول الأولى صراعًا محتدمًا مع الصين.
يشير سلوك الإدارة الأمريكية الجديدة فى عهد جو بايدن، إلى أن بلاده تتجه لاعتبار روسيا التهديد الخارجى الذى يجب التركيز عليه، والضغط عليه فى المدى القريب، فالاتهامات الأمريكية لروسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية، والتحركات الروسية فى شبه جزيرة القرم وأوكرانيا والقوقاز ستكون مادة فى متناول واشنطن، لممارسة ضغوط وفرض عقوبات على موسكو.
وتعد سياسات الضغط والعقوبات الأمريكية، تجاه روسيا والصين، أحد أهم العوامل التى أدت لدفع الجانبين إلى تعزيز علاقاتهما وإنشاء أطر ثنائية وإقليمية ودولية رديفة للأطر التقليدية، لكن ذلك لا يعنى بالضرورة أن التوتر سيحكم المستقبل القريب للعلاقة بينهما، فالتوترات الدبلوماسية يتراجع تأثيرها مقابل حجم المصالح المشتركة، ورغبة أحد الأطراف الأقل، وهو الصين، بتجنب التصعيد والصدام المباشر مع الآخر.
برغم تأثير تنامى القدرات الصينية والروسية, وتطور العلاقة بينهما، على شكل النظام الدولى الحالي، وعلى دور الولايات المتحدة بالتحديد فى قضايا الأمن العالمى والأمن المالى والنظام الاقتصادي، فإنه من المبكر الحديث عن تحولات جذرية يقودها تحالف بين الصين وروسيا فى بنية النظام الدولي، فلا الصين، ولا روسيا بطبيعة الحال، ولا العلاقة بينهما، تملك الأهلية لإحداث تحولات جذرية فى بنية النظام الدولي.
لكن تعامل جو بايدن مع روسيا والصين، بوصفهما دولًا استبدادية بنفوذ دولي، يُمثل خطرًا على المصالح الأمريكية من جهة، وعلى القيم الأمريكية الليبرالية من جهة أخرى، لذلك فإن الخطاب الأمريكى على المستوى الرئاسى سيكون واضح النقد، بل حاد أحيانًا، خصوصا فيما يتقاطع مع القيم الغربية التى يرى بايدن فى التمسك بها جسرًا لعودة الدور الأمريكى فى العالم، وهو ما ستعتبره موسكو تدخلًا فى شئونها الداخلية، كما أن الإدارة الأمريكية ترى فى الأدوار الإقليمية الروسية خطرًا، من المهم احتواؤه.
لغة المصالح المتشابكة
يُفند دينيس روس المستشار السياسى للرئيس أوباما، لغة المصالح المتشابكة جراء هذه الأزمة، حيث يرى أننا سننتهى فى نهاية المطاف بعلاقة تتميز إلى حد كبير بالمنافسة، لكن بدون صراع علنى بين الولايات المتحدة وروسيا، حتى العقوبات الأمريكية لن تؤدى إلى صراع مباشر، موضحًا أن الروس سيحاولون إظهار أن أى عقوبات من هذا القبيل ستفشل فى تغيير السياسات الروسية.
وقال إنه قد نجد بعض المجالات التى يكون فيها التعاون ممكنًا، وفى الشرق الأوسط سيكون ذلك محدودًا، حيث يود الروس أن يروا الولايات المتحدة تغادر المنطقة، ومع ذلك، فهم لا يريدون أن تمتلك إيران سلاحًا نوويًا، لذلك هناك مجال للتعاون، وفى سوريا أيضًا يريد الروس خروج الولايات المتحدة، ويشاركون هذه الرغبة مع إيران.
وأشار المستشار السياسى للرئيس أوباما، إلى أن الرئيس بوتين يريد بعض القيود، على ما يفعله الإيرانيون، وليس لديه مصلحة فى الوقوع فى خضم الصراع الإسرائيلى – الإيراني، لذلك قد يكون هناك بعض الاحتمال لأن تتعاون الولايات المتحدة وروسيا على وضع قيود على نوع الأسلحة التى تدخلها إيران إلى سوريا ولبنان.
ويعتقد دينيس، أن إيران ستحاول استغلال الخلافات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين للحد من الضغط عليها والحفاظ على برنامجها النووى وخياراتها، لكن ستكون هناك حدود هنا، حيث لا يريد الصينيون ولا الروس أن يمتلك الإيرانيون أسلحة نووية، وكلاهما يعلم أن ذلك سيؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة إلى حد كبير، ويزيد من خطر نشوب حرب وانتشار نووى فى الشرق الأوسط، خصوصا أن الروس قريبون من المنطقة جغرافيًا، وآخر ما يريدونه هو انتشار الأسلحة النووية هناك.
تحدٍ كبير وعالمي
بدأت الأزمة الأخيرة بين واشنطن وموسكو، على خلفية تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكى جو بايدن لتليفزيون "آى بى سي" فى حوار أذيع 17 مارس الماضى، حيث رد الرئيس الأمريكى بالإيجاب عن سؤال: عما إذا كان يعتبر نظيره الروسى قاتلًا، كما أعلن بايدن أن بوتين سيواجه عواقب توجيه جهود سعت إلى التأثير فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى عام 2020 لصالح دونالد ترامب.
وقد رد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على تلك التصريحات فى اليوم التالى قائلًا: إن "القاتل هو من يصف الآخر بذلك"، ودعا إلى إجراء محادثة ثنائية علنية ومباشرة عبر الإنترنت، يشاهدها الشعبان الأمريكى والروسى والشعوب الأخرى، فى محاولة من الرئيس الروسى لإحراج نظيره الأمريكي، وإظهاره بمظهر المتخوف من الأحاديث المفتوحة وكشف الحقائق.
تصريحات بايدن الحادة لروسيا، أتاحت فرصةً للرئيس الروسى لتسليط الضوء من جديد على المواجهة الروسية مع الغرب فى ظل العقوبات المفروضة والتصريحات الهجومية والتوترات الدبلوماسية، وهو ما يُسهم فى تجاوز بوتين للمشكلات الداخلية، وتوجيه الأنظار نحو انعكاسات حكم بايدن على موسكو، وتظهر استطلاعات رأى روسية تزايد ثقة الروس فى سياسات بوتين الخارجية أكثر من نظيرتها الداخلية.
كما أن الرئيس الروسي، يعمل على نسج روابط بين المعارضين الروس من جهة والغرب والولايات المتحدة، من جهة أخرى لتبرير إجراءاته بحقهم، ولحشد الرأى العام بجانبه ضد "الخطر الغربي" و"عملائه"، وهو ما تسهم تصريحات وإجراءات بايدن الأخيرة فى تدعيمه، التى سيسعى بوتين إلى استثمارها لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، خصوصا فى ظل اقتراب موعد الانتخابات النيابية الروسية، المقرر إجراؤها سبتمبر المقبل.
فيما يرى الدكتور بول سالم - رئيس معهد الشرق الأوسط بواشنطن - أن الولايات المتحدة، لا ترى روسيا على أنها تحد كبير أو تحد عالمي، بل تراها خصمًا، حيث إنها عبرت عن استيائها من التدخل الروسى بالداخل الأمريكى بالانتخابات وعبر الإنترنت، وهذا التدخل يعد أمرًا خطيرًا لأمريكا، بينما تحركات روسيا بأوكرانيا أو بسوريا لها أهمية لكن ليس تحديا كبيرًا بالنسبة للولايات المتحدة.
ولفت سالم النظر، إلى أن العلاقة بين الدولتين ستستمر بجانبين، إحداهما سلبي، من حيث رغبة إدارة بايدن بالمحافظة على العلاقة بصلابة مع الرئيس الروسى بوتين بدعم لأوكرانيا، وبالحوار عن حقوق الإنسان والديمقراطية، وبرد الفعل على التدخل الروسى بالداخل الأمريكي، فمن المؤكد أنه سيكون أحد جوانب العلاقة سيئا.
وتابع: إدارة بايدن دبلوماسيًا لا تريد تصعيد الأمور مع روسيا بل ترغب فى التوصل إلى اتفاقات حول السلاح النووى للتخفيف من خطورته، وتبحث عن محاور تمكن من التعاون الدبلوماسى مع روسيا، كما أن المبادرة الأمريكية بالنسبة لأفغانستان أعطت دورا كبيرا لروسيا، مما يعني البحث عن سبل حدة التوتر، وقد يكون هناك تعاون بملفات أخرى بالملف الفلسطينى أو السورى يوما والملف الإيراني، لافتا النظر إلى أن الخلاف الأمريكى مع روسيا يختلف عن الخلاف مع الصين الذى يشبه تحد كلي، بينما روسيا دولة تعتبرها أمريكا دولة وسطية لديها سلاح نووى كبير، بينما الاقتصاد الروسى صغير جدا، وليس له مستقبل وبالتالى العلاقة ستكون محدودة.
وأوضح أن تعاون روسيا والصين مع إيران، سيقوى موقعها ويعزز موقفها فى التفاوض مع الولايات المتحدة، كما أن روسيا والصين كلما استثمرتا وأصبحت لهما علاقة جيدة مع طهران، كان لهما نفوذ، فالمفاوضات الإيرانية - الأمريكية عمليا بدأت، وبهذا التفاوض فإن الدعم الصينى والروسي، سيعزز الموقف الإيرانى وسيشجعها للعودة إلى اتفاق نووى والتفاوض مع الولايات المتحدة والتخفيف من حدة سياستها الخارجية الأيديولوجية، والاستفادة من عروض النمو والاتجاه إلى الدولة الطبيعية وليس الدولة الإسلامية الثورية.
وتابع: لا الصين ولا روسيا لديهما قبول للإسلام السياسى إطلاقا، بل إن هناك عداوة صينية وروسية لأى نوع من الإسلام السياسي، وبالتالى التوجه سيكون إلى التفاوض بين إيران والولايات المتحدة، وربما بدايات تفاوض على ملفات أخري، دون أن يحدث تقدما بالنظام الصاروخى أو التدخل الإيرانى بدول المنطقة العربية، وهو ما يعزز التوقع بوجود تهدئة ومساومات خلال الأشهر المقبلة.
تصعيد التوتر دوليًا
الدكتور إدموند غريب - أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة جورج تاون فى واشنطن - يتوقع تصعيد التوتر والمواجهة بين روسيا والولايات المتحدة فى عدة مناطق من العالم، ربما قد يكون أخطرها ما قد يجرى بين أوكرانيا وروسيا، وذلك بعد الانتقادات الموجهة للحكومة الأوكرانية من المجموعات المؤيدة لروسيا.
وقال إن الإدارة الأمريكية، تتحدث بأن هناك معارضة متزايدة فى الداخل الروسى بعد عملية تسميم المعارض نافالني، الذى تتهم الدول الغربية والولايات المتحدة الحكومة الروسية، بأنها وراء ذلك، فيما يقول بعض المسئولين الغربيين: إن الحكومة الروسية فى الماضى استغلت بعض الخلافات لتحويل الأنظار عما يجرى فى الداخل الروسي، وفى نفس الوقت هناك تصعيد فى الخلافات، التى بدأت بتصعيد اللهجة بين الرئيس بوتين وحكومته بعد استخدام وصف الرئيس الأمريكى نظيره الروسى بأنه قاتل، والرد الدبلوماسى للرئيس الروسى الذى طالبه بالمحاورة والمناظرة، فيما رفضت الإدارة الأمريكية ذلك.
وتابع: أضف إلى ذلك أن دول حلف الأطلسى والولايات المتحدة صعدت من وجودها العسكرى فى عدد من جمهوريات البلطيق وجمهوريات حلف وارسو السابقة على الحدود مع روسيا، كما أن روسيا أيضًا بدأت تحرك قوات كانت فى كاليننجراد على مقربة من حدود الدول الأوروبية، بالإضافة إلى بعض الحدود الأخرى وغيرها من الإجراءات التى تؤكد بأن هناك تصعيدا خطيرا خصوصا بعد قيام بعض الدول الأوربية بفرض عقوبات بسبب قضية "نافالني" على روسيا وكذلك الولايات المتحدة.
وبحسب إدموند غريب، فإن هناك خلفيات وشخصنة للصراع الدائر حاليًا، حيث كانت قد برزت معلومات أنه فى عام 2012، حينما كان الرئيس بوتين رئيسًا للوزراء وكان دميترى ميدفيديف، رئيسا للجمهورية، ودار حديث عن انتقال السلطة ليصبح بوتين رئيسا، وقيل إن نائب الرئيس الأمريكى وقتها - جو بايدن - التقى ببوتين وطالبه بعدم الترشح للرئاسة، الأمر الذى اعتبره الروس تدخلا فاضحا فى الشئون الروسية، وجاءت أيضا الاتهامات لروسيا بأنها تواطأت مع حملة ترامب، واختراقات لشركات أمريكية، كل هذه الأمور سممت العلاقات بين الدولتين حتى إن الرئيس ترامب الذى كان يريد تحسين العلاقات مع روسيا لم يستطع أن يفعل ذلك، لأنه كانت هناك ضغوط كبيرة عليه، وكان هناك إغلاق لقنصليات روسية وطرد دبلوماسيين روس، وتعامل بالمثل من قبل الروس، وكان الديمقراطيون أكثر تشددا فى التعامل مع هذا الملف، وهذه التطورات تعكس خطورة أكثر.
وقال إدموند غريب: لا أعتقد أن الأمريكيين أو الروس يريدون رؤية حدوث مواجهة عسكرية، لأنه قد تحدث أخطاء قد تؤدى إلى مواجهة لا أحد يريدها، خصوصا مع تمتع كليهما بقدرة على تدمير بعضهما بعضاً وأجزاء كبيرة من العالم معهما، لكن من الممكن أن يتفتق من هذه الأزمة تقارب روسى صيني، وربما تقارب مع أطراف أخرى مثل إيران، خصوصا مع وجود انتقادات تقول بأن السياسات الأمريكية تدفع روسيا والصين إلى احتضان بعضهما بعضا، وأن هذا يمثل خطرا على الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من استبعاده أى مواجهة عسكرية محتملة، فإن إدموند غريب، لا يستبعد أيضًا تصعيدا من نوع آخر من خلال الضغط عبر بوابة العقوبات الاقتصادية أو التصعيدات العسكرية على الحدود ومحاولة التأثير على الأوضاع الداخلية.
وفى ضوء توقع تقارب صينى روسى، على إثر تلك الأزمة، فإن وزير الخارجية الأمريكى بلينكن، عبر عن ذلك صراحة حين قال إن «الصين تشكل التهديد الاقتصادى التجارى السياسى وهى تطور قدرات عسكرية، وإن روسيا تشكل تهديدا عسكريا وليس اقتصاديا وتجاريا»، ولذلك فإن هذا التقارب بين دولتين كبيرتين على المستوى العالمى مهم جدا، بينما كانت إدارة نيكسون قد حاولت تفريقها إلى حد ما فى السابق، ونجحت فى تفريق الاتحاد السوفيتى عن الصين، أما الآن فإن السياسات الأمريكية تدفعهما للتعاون، وهو ما يظهر من خلال مناورات عسكرية مشتركة بين الجانبين، واستخدام عملات البلدين واتفاقيات للتجارة والرغبة فى تخفيض الاعتماد على الدولار، وبناء تحالفات جديدة ردا على التحالفات التى تقوم بها الولايات المتحدة والمجموعة الرباعية فى آسيا، ومحاولة جذب الهند إلى جانب الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان لاحتواء الصين، كذلك الضغوط الاقتصادية والسياسية.
نظام «بوتين الدولتي»
تنبع المصالح الروسية من وجهة نظر متجذرة تاريخيًّا ومقبولة على نطاق واسع، مفادها أن أمن الدولة أمر بالغ الأهمية، فبدونه لا يمكن أن يكون هناك أمان أو حرية أو ازدهار للعائلات والأفراد الروس، وهو ما أطلق عليه «نظام بوتين الدولتي»، وفيه تسعى موسكو لتعظيم نفوذها بأى شكل من الأشكال، سواء عن طريق الإقناع أو الإكراه إذا لزم الأمر، بحسب ما أكد عليه كل من «ماثيو روجانسكي» و»مايكل كيميج» فى مقالهما المعنون: «الجار الثالث: هل تستطيع أمريكا التعايش مع روسيا البوتينية؟».
وبناء عليه، لن تسعى روسيا لهزيمة الولايات المتحدة أو استبدالها، فروسيا تفتقر إلى القوة المطلوبة، وهى تعرف ذلك، وكل ما فى الأمر أنها تريد احتواء الولايات المتحدة، والتحقق من قوتها فى إطار نظام دولى مرن متعدد الأقطاب.
أما بالنسبة للمصالح الأمريكية، فهى أكثر انتشارًا من نظيرتها الروسية، وهو ما تجلى بعد الحرب الباردة مباشرة، حينما سعت الولايات المتحدة إلى دمج روسيا فى نظام دولى تحدده الديمقراطية ورأسمالية السوق، لكن بمجرد أن كشفت روسيا عن نفسها على أنها جهة فاعلة خارج النص الذى حاولت الولايات المتحدة الكتابة عنه، نشأ الصراع بين البلدين، لا سيما مع الجهود الروسية فى تمكين النفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط، فضلًا عن سياساتها التدخلية فى جورجيا وأوكرانيا فى محاولة خطيرة، لتحدى سلامة وقوة حلف الناتو فى أوروبا.
وقال غريب، بدون شك فإن دولة مثل إيران ستستفيد كما استفادت الصين إذا تم التعاون مع روسيا، لأن هذا سيساعدها على فك الخناق الأمريكى الذى كانت تعانى منه إيران، وربما تساعدها أيضا فى العقوبات، التى اعتبرتها الصين وروسيا، أنها عقوبات غير أخلاقية وقانونية على إيران وقامتا بالدعوة إلى العودة إلى اتفاقية «5+1" كما كانت، وبالتالى سيساعد ذلك الصين وإيران وفوائد للجانبين، لكن إلى أى مدى سيتم تنفيذ هذا الاتفاق، لا تزال هناك معلومات غير واضحة عن محتوياته.
أعداء الولايات المتحدة والغرب
يرى المحلل السياسى الدكتور ماك الشرقاوي، أن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية خاصة بملفى الصين وروسيا، قد أوضحها الرئيس الأمريكى جو بايدن فى كلمته فى مؤتمر الأمن بميونخ الشهر الماضي، الذى حدد فيه أن أعداء الولايات المتحدة الأمريكية هم الصين وروسيا، وأن بلاده سوف تتجه شرقا لمواجهة أعدائها، كما صرح الأمين العام لحلف الناتو أن الحلف يستهدف روسيا والصين، وقال إنهما أعداء الحلف، والمعروف أن حلف الناتو تم تكوينه للوقوف أمام حلف وارسو الذى ورثته روسيا الاتحادية، بعد تفكيك الاتحاد السوفيتى فى 1991.
وقال الشرقاوى: إن الصورة أصبحت واضحة من حيث توجهات الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وحلف الناتو، وتضخم الصراع بينهم من ناحية والصين وروسيا من ناحية أخرى، حيث وجدنا الاتفاق الصينى الإيرانى الذى بموجبه ستكون هناك استثمارات صينية بالأراضى الإيرانية لمدة 25 عاما، بنحو 450 مليار دولار، وهناك تكهنات حول أن هناك تسهيلا عسكريا للصين داخل إيران، مما يعود بنا إلى التجربة الروسية فى سيريلانكا، عندما أغدقت الصين على سيرلانكا بالقروض واضطرت الأخيرة عندما توقفت عن سداد الأقساط أو فوائدها، بأن تعطى تسهيلات كبيرة للصين فى الأراضى والموانئ السيريلانكية، ومن ثم فإن العداء الصينى لأمريكا أضحى علانية، ونفس النهج تتبعه روسيا،
وتوقع المحلل السياسى ماك الشرقاوي، حدوث توافق روسى إيرانى ستكشف عنه الأيام المقبلة فى إطار معاهدة بين البلدين، ليكتمل حلف جديد فى المنطقة ما بين إيران وروسيا والصين، ويذكرنا ذلك باشتراك الدول الثلاث فى مناورة عسكرية فى العام الماضى، وكانت للمرة الأولى التى تقوم فيها الصين بمناورات عسكرية فى منطقة بحر الخليج العربي، وهذا الحلف سيكون هدفه مواجهة الولايات المتحدة والصراع الذى يحتد فى المنطقة، كما أن الولايات المتحدة تتعقب الصين أيضا فى بحر الصين الجنوبى وكذلك روسيا، ولم يكن الأمر كما كان بالتلميح باستخدام كروت القوة مثلما لمح الرئيس ترامب بأزمة تايوان وهونج كونج، ودائما كانت تؤكد بكين على سياسة الصين الواحدة ولا تسمح بأى علاقات دبلوماسية أو تمثيل دبلوماسى مع تايوان.
وتابع: هناك دعم غير مسبوق وتسليح لتايوان من الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يؤجج العلاقة مع الصين، كما تتعقب الولايات المتحدة روسيا فى المنطقة بفرض العقوبات على خط الغاز "نورد ستريم 2" فى أوروبا، الذى كان من المفروض أن يصل ألمانيا، وهو خط الغاز الثانى لروسيا الذى توقفت الأعمال به، بل هددت الولايات المتحدة الشركات العاملة فى هذا المشروع بالتوقف فورا وإلا سيتم تطبيق عقوبات عليها وبالفعل توقف هذا الخط، ومن المتوقع فرض عقوبات على الصين وروسيا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفى هذه الحالة ستتفاقم الأمور الفترة المقبلة، لأنه سيصبح الصدام مباشرا، وليس فقط حربا اقتصادية أو منافسة على من يتزعم الاقتصاد العالمي، ومن ثم هناك مواجهة مقبلة لا محالة.
علاقة فاترة
فيما تنبأ المحلل والكاتب السياسى الدكتور توفيق حميد بأن تتسم العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا بالفتور ومحاولة استخدام كلاهما وسائل تفوق، وقال إن العقوبات التى ستفرضها الولايات المتحدة لن تؤثر على روسيا، ولن توصلها للصراع، لكنها ستكون دلالة على وجود الندية والصراع، فالعقوبات ستجعل العلاقة متوترة خلال الفترة المقبلة بين الدولتين خلال رئاسة الرئيس بايدن، والعقوبات كثير منها يكون شكليا، أكثر منها واقعيا من حيث التأثير.
وأكد أن الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا والصين فى مصلحة إيران، لأن الصراع اقتصادى بالأساس، وإيران منفذ للصين على أوروبا، وروسيا ستحاول جذب إيران لصالحها، وستتجه روسيا لتوطيد علاقتها مع الدول التى تنسحب منها الولايات المتحدة أو تتوتر علاقتها معها، ويحاولون ملء هذا الفراغ، إيران إذا شكلت تحالفا مع الصين وروسيا، وستساعدهما فى ذلك، لأنها غنية بالبترول ومدخل على تركيا وأوروبا، والهدف بعيد المدى بالسيطرة على الغاز المتجه إلى أوروبا، من الممكن أن يؤثر على الاقتصاد العالمى فى أكثر من زاوية.
وأوضح حميد، أن صراع الولايات المتحدة مع روسيا والصين سيتيح الفرصة أمام إيران، أن تستعرض قوتها لعرض الثروات والإمكانات التى لديها من كونها مدخلا لأوروبا، وستحاول روسيا بدون شك توطيد العلاقة معها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.