اتحد الفن الإسلامى بنظيره الإيطالى لأول مرة فى التاريخ منذ أكثر من 120 عامًا ليقدما معًا نموذجًا فريدًا من العمارة تجلت فى مسجد مصطفى كامل الغمراوى، الذى أنشئ سنة 1316ه وسط مدينة بنى سويف.. وأبهر المسجد مريديه وعلماء الآثار الإسلامية وغيرهم بعد أن خرج على الناس فور الانتهاء من تشييده بدون أعمدة تتوسطه، لذا أطلق عليه المسجد الطائر رغم مساحته الشاسعة وارتفاع سقفه وضخامة مئذنته، حيث تجلى الإعجاز المعمارى فى البعد الثلاثى الداخلى للمسجد، والذى يجعلك تتنقل داخل بهوه بعينك وكأنك ترتدى أحدث نظارات البعد الثلاثى. والمسجد تعج به الزخارف، والنحت البارز، والأخشاب المفصل منها منبر الخطيب، وفاصل الضريح، وكذلك صندلة الإذاعة والتليفزيون، ودكة المبلغ، وللمسجد ثلاثة محارب، ومكانًا لتحفيظ القرآن، الأول للرجال، والآخر للسيدات، وثالث لغرفة الإمام. ويقول على عبد الباسط إمام المسجد: إن الواجهة الشمالية الشرقية تعد الواجهة الرئيسة للمسجد، وتضم دخلة مستطيلة معقودة بعقد فارسى محاطة بالزخارف، ويوجد بالواجهة الرئيسة للمسجد خلف الباب مصراعان من الخشب به زخارف نباتية وهندسية محورة وهما اللتان يفتح ويغلق الباب الخشبى للمسجد عليهما، مشيرًا إلى أن جميع نوافذ المسجد مستطيلة ومعقودة بعقد نصف دائرى، وقد أغشيت كل منها بالزجاج الملون «شمسيات». وأضاف أن واجهة المسجد متوجة من أعلى بصف من الشرفات المسننة يلى فتحة مدخل المسجد، كما تلى فتحة مدخل المسجد مساحة مثلث مسقوفة بسقف خشبى، فيما يتصدر جدار المسجد الجنوبى صينية المحراب وعليها زخارف هندسية، بينما على يمين المحراب يوجد المنبر الخشبى البديع، مشيرًا إلى أن فى الجهة المقابلة تقبع دكة المبلغ وترتكز على عمودين وتشرف على المسجد بدرابزين من الخشب المزخرف. وأوضح أن دكة المبلغ تقع فوق ضريح مصطفى الغمراوى مشيد المسجد، حيث كانت له نظرة ومآرب أخرى فى دكة المبلغ، فهى شبيهة بالصندلة لاستقبال رجال الإذاعة والتليفزيون حين يأتون لتغطية بعض الصلوات بمدينة بنى سويف، وكذلك الاحتفالات الدينية. ويضيف عبدالباسط: إن مئذنة المسجد تعلو الطرف الشمالى الشرقى للواجهة، حيث ترتكز قاعدتها أعلى سطح المسجد وهى عبارة عن قاعدة مربعة ارتفاعها حوالى متران يعلوها البدن المثمن الشكل وبه 4 شرفات حتى يستطيع المؤذن أن يصل بصوته إلى جميع الاتجاهات الأربع، ويفصل البدن عن القاعدة منطقة انتقال تحصر فيما بينها لوحات زخرفية هندسية ونباتية منحوتة بنحت بارز يعلو البدن المثمن، بعد ذلك دورة المئذنة ومحاط بدرابزين حجرى بزخارف بها أطباق نجمية وهندسية مفرغة يعلوها بدن آخر مثمن خالى من الزخارف، وفى نهاية المئذنة قبة مدببة على طراز القلم الرصاص وتشبه إلى حد كبير طراز مئذنة مسجد محمد على بالقلعة. وأكد إمام المسجد أن لمسجد الغمراوى روحانيات يرتبط بها مريدوه من ميدان المولد النبوى وشارع أحمد عرابى، حيث يحمل المسجد رسالة نشر التعليم وأمور الدين من خلال المكتبة والكُتاب الملحق بالجهة الجنوبية منه، كما يتعلم معه الناس أيضًا القدوة فى التبرع والتصدق بسخاء كما فعل مصطفى كامل الغمراوى الذى انتقى أفضل الأماكن والمواد لبنائه، كما استعان بأكبر مهندسى إيطاليا ليشيدوا مسجدًا يظل صامدًا على مدار التاريخ لخدمة المسلمين. وأضاف أن هذا الرجل لم يقف عطاؤه عند هذا الحد بل كان أول من أطلق الدعوة لإنشاء الجامعة المصرية على صفحات الصحف العربية والأجنبية والإذاعة المصرية يوم 30 سبتمبر 1906 داعيًا القادرين الى إنشائها والتبرع لها وقدم تبرع ب31 فدانًا كاملة من أجود الأراضى، بالإضافة إلى 500 جنيه من الذهب. وأشار الشيخ على عبد الباسط إلى أنه عقب عملية فض رابعة حاولت مجموعات من المحتجين الوصول للمسجد والسيطرة عليه لوقوعه وسط المدينة واقترابه من أكبر الميادين «المديرية» ولكنه ومعه عدد من أهالى المنطقة ورجال الأمن وقفوا حائلًا أمام سيطرة هذه المجموعات على المسجد الذى يعد تراثًا إسلاميًا شاهدًا على العصر نادرًا ما يتكرر.