عندما دخل عمرو بن العاص -رضى الله عنه- مصر عن طريق رفح فى العاشر من ذى الحجة عام 18هجرية الموافق 12 ديسمبر عام 639 ميلادية، كانت سيناء هى أول منطقة بمصر تُضاء بنور الحضارة الإسلامية وتتعدد بها المساجد ذات المآذن المميزة التى ظلت شاهدة على تاريخ العمارة والفنون الإسلامية حتى يومنا هذا، قبل أن تشهد أرضها الطاهرة أول صلاة تقام بمصر شهدت سجود أربعة آلاف صحابى لله تعالى على أرضها، قبل أن يستكمل جيش المسلمين طريقه لفتح مصر والتى دخلها فى الأول من محرم عام 19 هجرية الموافق الثانى من يناير عام 640 ميلادية. ويقول الأثرى عبد الرحيم ريحان، مدير عام النشر الأثرى بوزارة الآثار والباحث فى آثار سيناء، إن سيناء تعاقبت على أرضها العصور الإسلامية المختلفة، وتحولت أرضها الطاهرة إلى منابر إشعاع حضارى، من خلال آثار إسلامية عديدة تزخر بها سيناء وحدها، منها الدينية والحربية والمدنية. وأضاف أن سيناء تزخر بالعديد من أماكن الصلاة والعبادة الإسلامية، منها المسجد الجامع الذى تقام به جميع الصلوات عدا صلاة الجمعة لعدم وجود منبر، مشيرا إلى أن المصلى به مكان مكشوف لأداء صلاة القيام خلال شهر رمضان المبارك، فضلا عن صلاة العيدين، كما أن له محرابا يحدد اتجاه القبلة، وكانت هذه المنشآت القوة الروحية وأسباب النصر والدافع لحشد الجيوش الإسلامية واسترداد القدس من الصليبيين، كما كانت مدرسة لطرز العمارة والفنون الإسلامية التى أبهرت الغرب بجمالها الساحر وذوق مصمميها الرفيع. وأوضح ريحان أن سيناء تحوى مساجد أنشئت داخل قلاع إسلامية أحدها يقع داخل قلعة صلاح الدين الأيوبى، والمقامة فى جزيرة فرعون بقرية طابا شمال محافظة جنوبسيناء، وقد كشفت عنه منطقة آثار جنوبسيناء قطاع الآثار الإسلامية من خلال عمليات الكشف السابقة، حيث عثر على اللوحة التأسيسية للمسجد محفورا عليها اسم منشئ الجامع وهو الأمير حسام الدين باجل بن حمدان، كما تحوى القلعة مصلى مكشوفا. وأشار إلى أنه كان للقلعة دور مهم فى صد غارات الصليبيين فى عام 1182 ميلادية، فضلًا عن التمهيد لموقعة حطين واسترداد القدس، وفى قلعة الجندى التى بناها الناصر صلاح الدين خلال الفترة من عام 1183 حتى 1187 ميلادية على الطريق الحربى الخاص به بمنطقة وسط سيناء والتى تبعد عن القاهرة نحو 230 كيلو مترا يوجد مسجدان، منهما مسجد جامع ومصلى، والمسجد الجامع له محراب يعد آية فى الجمال، وقد كتب فى صدره بالخط الكوفى «بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلى على محمد»، ويمثل المحراب كتلة معمارية ذات زخارف مميزة. وأكد أن هناك أيضا قلعة رأس راية بمدينة طور سيناء والتى تبعد عن القاهرة نحو 420 كيلو مترا ويعود تاريخها إلى العصر العباسى وقد أُعيد استخدامها خلال العصر الفاطمى، وهى تحوى جامعا شهيرا مبنيا بالطوب اللبن والحجر المرجانى، حيث يعد بناؤه تفاعلًا بين الإنسان والبيئة المحيطة به، وهو حجر أكثر صلابة ومقاومة للأملاح وتم استخدامه فى بناء معظم المواقع الساحلية بسيناء، منها ميناء دهب وميناء الطور وقلعة نويبع وغيرها، وقد اكتشفته بعثة آثار يابانية مصرية مشتركة تعمل تحت إشراف منطقة آثار جنوبسيناء. وأضاف أن هناك حصن الطينة بمحافظة شمال سيناء والذى يحوى جامعا كشفت عنه منطقة شمال سيناء للآثار الإسلامية يضم ثلاثة محاريب، وهذه القلعة بناها السلطان الغورى فى عام 914هجرية 1518 ميلادية وظلت عامرة حتى عام 1140هجرية وأقيمت بالطوب الأحمر، كما أن هناك جامعا كشفت عنه منطقة شمال سيناء بقرية قاطية التابعة لمحافظة شمال سيناء، وكانت قاطية مركزا للجمارك بمدخل مصر الشرقى أواخر العصر الأيوبى، مشيرا إلى أن هذا الجامع مبنى بالطوب الأحمر، ويضم مئذنة وأماكن للوضوء، كما أقيمت بعض المساجد أعلى الجبال مثل الجامع الفاطمى أعلى قمة جبل موسى بجنوبسيناء والذى يبلغ ارتفاعه 2285 مترا فوق مستوى سطح البحر, بالإضافة إلى الجامع الفاطمى الذى يقع أعلى قمة جبل الطاحونة بقرية وادى فيران والذى يبلغ ارتفاعه 868 مترا فوق مستوى سطح البحر، كما كشفت عنه بعثة آثار ألمانية مصرية مشتركة، والجامع أنشئ من حجر الجرانيت وأنشأه أبى المنصور أنوشتكين الآمرى فى عام 914 هجرية ، 1158 ميلادية، كما ورد فى نص كرسى الشمعدان بالجامع داخل دير سانت كاترين.