د. آيات الحداد تكتب اسم مسلسل الاختيار ليس مجرد اسم لمسلسل تليفزيونى، بل لمسلسل الحياة وبطلها أنت فقط، ففى الحقيقة كل شخص منّا يتعرض فى كل وقت، كل لحظة، كل مكان، كل زمان للاختيار، ما بين الخير والشر، الحلال والحرام، الثبات على المبادئ أم التخلى عنها، فى كل مهنة يوجد بها الصالح والفاسد، وفى كل مكان يوجد فيه الخير والشر، وبكل تأكيد الخير هو من ينتصر فى النهاية مهما طال الفساد والظلم، فبالرغم من أن الشهيد البطل أحمد منسى خريج كلية حربية وأيضا الإرهابى التكفيرى عشماوى إلا أن الفرق شاسع بينهما، ليس فقط الفكر بل النشأة، فالشهيد البطل نشأته سوية بيئة صالحة أب وأم صالحين متدينين، دين صحيح، دين يُسر وليس عُسر، دين رحمة وحب وليس دين تكفير الغير وتحريف آيات الله وتفسيرها بما يتفق مع أهوائهم ومصالحهم! وهذا يدل على أن الأسرة تلعب دورًا مهمًا فى حياة الطفل وهى بمثابة التحصين له ضد الهجمات التى يتعرض لها من المجتمع الداخلى والخارجى، ومثال آخر الشهيد البطل محمد مبروك والإرهابى التكفيرى محمد عويس كلاهما ضباط ولكن الأول بطل دافع عن وطنه ومات شهيدًا والآخر خان وطنه وخان القسم الذى أقسمه، وغيرهما الكثير فى كل المهن، فهناك من يُراعى القسم الذى أقسمه فى بداية حياته الوظيفية وراعى أمانة المهنة والآخر خان القسم. فأنت المسئول الوحيد عن اختياراتك فى الحياة واختيار أى طريق تريد أن تسلكه، حتى ولو سلكت الطريق وحيدًا لقلة سالكيه وهو طريق الحق، فسوف تُحاسب وحدك أمام الله فكن مسئولًا عن اختياراتك، وكن من عباد الله القليل الذين أثنى الله عليهم ومدحهم فى مواضع من كتابه، وآيات أخرى يذمّ فيها الكثير ويمدح القليل، كما قال ابن القيم رحمه الله: «عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين». فهناك شعور ينتاب الإنسان المؤمن، بأن يشعُر أنه فى زمن عمّ فيه الظلم، وانتشرت فيه الفواحش، وانتشرت فيه الفتاوى، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، يشعُر فيه المؤمن بالحيرة لكثرة الظالمين وكثرة الفاسدين، فحينما يَعمُّ الفسادُ فى الأرض، أكثر الناس لا يبالون أكانَ كسبهم حلالاً أم حراماً؟ أكثرُ الناس لا يبالون أكانت علاقاتهم مع بعضهم مشروعةً أو غيرَ مشروعة، أكثرُ الناس لا يبالون إذا كانت أعمالهم أساسها طاعة أو معصية، حتى إذا عُرِضَ على أحد وظيفة فيها غضب الله ولكن دخلها كثير فرفضها لاتهمه البعض بالجنون! ومن يراع الله فى مهنته يُشعره البعض بأنه خاطئ! فبعض الناس تحب الشخص الضعيف وليس القوى الذى لديه مبادئ، لأنه يُشكل خطرًا عليهم ويذكرهم بعيوبهم وضعفهم، ولكنهم بكل تأكيد يحترمون الشخص القوى وليس الضعيف، فالمؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف، كان عليه الصلاة والسلام يحذر الناس، ويحترس منهم، من غير أن يطويَ عن أحد منهم بِشْره، وخلقه، إنسان لا تعرفه، يجب أن تأخذ الحيطة منه، سيدنا عمر علَّمنا ذلك فقال: «لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني»، لا من السذاجة حيث أُخدَع، ولا من الخبث حيث أَخدع، هناك ابتسامة، وهناك مودَّة وهناك علاقة طيَّبة، لكن هناك ذكاء، هناك حيطة، وهناك حذر، المؤمن طيَّب وعنده حسن ظنٍّ بالناس ولكنه ليس ساذجًا، المؤمن فى أعلى درجات اليقظة والحيطة والذكاء، المؤمن كيِّس فطن حذر، الناس لا يحترمون المغفَّل أبدًا، فلا تكن طيِّبا لدرجة السذاجة، ولا تصدق كل ما يقوله الناسُ، بل استخدم دائمًا عقلك ولا تقبل شيئًا إلا بدليل ولا ترفض شيئًا إلا بدليل ولولا الدليل لقال من شاء ما يشاء، فالإنسان قبل أن يوقِّع، وقبل أن يتعامل مع أحد يجب أن يعرفه جيدًا! وكان النبى عليه الصلاة والسلام علاقاته طيِّبة، لكن إذا لم يعرف الإنسان يسأل ويدقِّق، هناك آلاف الدعاوى فى المحاكم، أسبابها كلها تَصَرُّفٌ فى سذاجة، سلَّم بلا تيقُّن، أعطى بلا إيصال، أسّس شركة بلا عقد، فالدين حثنا على أخذ الحيطة والحذر وتوثيق العقود وشهادة الشهود، وآية الدين التى هى أطول آية فى القرآن الكريم: «إذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ»، تؤكد ضرورة حفظ المال، ورعايته، وعدم تضييعه من خلال كتابة الدين، والاستشهاد بالشهود، إذا لم يكن هناك عقد، ولا إيصال، ليس معه وثيقة ضدك، يسلب منك حقك. فالعبرة ليست فى كثرة العدد، فليس بشرط حينما يجتمع الكثير على أمر ما أنهم على حق، بل غالبًا هم أقرب للباطل! قال النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء، قيل: ومن هم؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس». عضو مجلس النواب