أثار رحيل معلم الأجيال والقدوة رمز المواقف الوطنية المربي إبراهيم الترباني بمدينة العريش، شجون أبناء سيناء، خاصة أن رحيله تزامن مع الذكرى ال 38 لتحرير سيناء، وكأن رحيله جاء متأثرًا بحال سيناء التي تستحق حياة وواقعًا وتنمية أفضل مما هي عليه، بعد ما يقرب من العقود الأربعة، واجهت خلالها الإرهاب بكل بسالة، منذ تحرير كامل ترابها عام 1981. ولعل أهم ما كان يميز هذا المعلم الراحل، بصيرته الفطرية والوطنية، فقد كان يفرق بين الحق والباطل، بين الوطن وبين الاحتلال، فكان أول من رفضوا العمل تحت الاحتلال الصهيوني بعد حرب يوينو 1976، ليشكل موقفه الوطني النبيل، نموذجًا وقدوة للكثيرين من أبناء سيناء وشبابها ورجالها الذين رفضوا التعاون أو العمل في ظل الاحتلال، حيث ألهمهم الراحل بأن الدفاع عن الوطن يسبق كل اعتبار..
وعندما نقول رفض العمل مع الاحتلال الصهيوني، لابد من التوضيح، ليأخذ الفقيد، وكل من رفض التعاون مع الاحتلال حقه، فهذا الموقف الرافض للعمل مع المحتل، مقابله ثمن باهظ، وكانت التكلفة لا يستطيعها إلا الأقوياء، فكل من يرفض التعاون ينال من المحتل، كل صنوف القمع والتنكيل والاعتقال والحبس، فضلا عن قحط الموارد وندرة الدخل..
لم يكن إبراهيم التربانى، مجرد معلم للتربية البدنية فقط، فقد كان معلما للتربية الأخلاقية والدينية والوطنية، فقد كان منارة تعليمية ومجتمعية أضاءت كل سيناء خلال ظلام الاحتلال وبعد الاحتلال..
رحيل الفقيد يثير أيضا التساؤلات حول مدى الاستفادة من الموارد التي تكتظ بها سيناء، وعلى رأسها الموارد البشرية.. فبالرغم من تمتعها بمكانة دينية وامتيازها بالأرض والبقع المقدسة، مع كثافة مواردها الطبيعية والتعدينية النادرة، منها ما هو فوق الأرض وما هو تحت الأرض، فهي محاطة بآبار البترول في جنوبسيناء وأيضًا حقول الغاز في شمالها عند سواحل المتوسط، فإنها لازالت تنتظر دورًا ومكانة تليق بها.
من المؤكد أن التنمية في سيناء تأثرت بموقعها ومكانها الجغرافي الذي أثر سلبًا على استقرارها، إلا أن الموارد البشرية تظل القضية المحورية والأكثر أهمية.. باعتبار أن كافة الموارد تتواضع أمام من يديرها ويحسن استغلالها ويعظم استثمارها، وهو المورد البشري..
وننقل بعض ما يراه أبناؤها ويطرحون خلاله من حلول: "على حكومتنا الرشيده سرعة التحرك لإيجاد عمل للشباب وغير الشباب.. للأسف زاد انتشار السرقات بازدياد معدلات الفقر.. فئات ضخمة فقدت مصادر أرزاقها وازداد عدد العاطلين مع تفشي غلاء فاحش وخدمات متدنية واحتياجات لا محدودة.. للأسف التراكم الكمي يؤدي إلى تغير نوعي في سلوك البشر..". المهندس عبدالله الحجاوي المدير العام السابق لإدارة شئون البيئة بالمحافظة..
"من العدل أن نعطي كل ذي حق حقه، أول أمس ذهبت إلى مستشفى العريش العام للتحصين بمصل ضد الكورونا والحقيقة أثناء عملية التحصين ما صدقتش، وشعرت أنني في مستشفى خاص، راق جدًا، من حين وصولي وجدت اهتمامًا غير عادي إلى انتهاء عملية التحصين، حتى إنهم بعد الانتهاء، طلبوا أن أظل معهم لمدة ربع ساعة للاطمئنان على حالتي أن كان هناك آثار جانبية أم لا.. شكرًا لجميع السادة والسيدات أصحاب الرسالة السامية القائمين والمشرفين بمبنى تحصين الكورونا، دون ذكر أسماء، لأني لا عرف أحدًا منهم، إلا أن معاملتهم الراقية والمحترمة أشعرتني أنني أعرفهم جميعًا دون أسمائهم.. الحمدلله مصر تغيرت للأحسن، وإن شاء الله الأيام القادمة أفضل بوجود ناس مخلصة لبلدها ورسالتهم السامية القائمين بها..".. علي أحمد يعقوب مدير عام سابق بجمارك شمال سيناء.. مازال أبناء سيناء ينتظرون اللحظة التي يقومون خلالها، مجددًا، بواجبهم نحو وطنهم خلف قواتهم المسلحة التي تقوم بمهمة باسلة ومقدسة، وتقدم التضحيات المتواصلة للحفاظ على الوطن وأبنائه.. وليس من المبالغة القول إن كنوز سيناء الحقيقية هي في أبنائها ومواردها البشرية.
ونقول لسيناء في عيد تحريرها: نتفاءل بالغد فللأمن جيش يحميه.. ونقول لأبنائها: أنتم الكنوز الحقيقية الحافظة للكنوز الطبيعية..