«شهر رمضان والصيام يذكرنا بانتصارات الأمة عبر تاريخها العريق، فأكبر نصرين فى عهد النبوة غزوتا بدر وفتح مكة كانتا فى رمضان، وفتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد كان فى رمضان، وموقعة عين جالوت التى هزم فيها السلطان قطز أكبر قوة فى هذا الوقت وهم المغول كانت فى رمضان، وكذا حرب العاشر من رمضان سنة 1383ه على الصهاينة المغتصبين. هذه كلها نتيجة طبيعية لأن الأمة إذا تعمق الإيمان فى قلوب رجالها ونسائها، وانتصرت على أهوائها وشهواتها وتجمعت صفاً واحداً خلف قادتها وعلمائها فإنها قطعاً تكون جديرة بالنصر والعزة وفقاً لوعد الله رب العالمين القائل: «وكان حقا علينا نصر المؤمنين» الروم: 47، وهذا مما يعيد إلى الأمة العربية والإسلامية الأمل قبل العمل، ثم البذل والتضحية. ورمضان فرصة للتغيير .. لما حصل فيه من الأحداث التى غيرت مسار التاريخ، وقلبت ظهر المجن، فنقلت الأمة من مواقع الغبراء، إلى مواكب الجوزاء، ورفعتها من مؤخرة الركب، لتكون فى محل الصدارة والريادة بالعزم والإصرار على الانتصار ففى معركة بدر الكبرى التقى جيشان عظيمان، جيش محمد صلى الله عليه وسلم، وجيش الكفر بقيادة أبى جهل فى السنة الثانية من الهجرة وذلك فى اليوم السابع عشر من رمضان، وانتصر فيها جيش الإيمان على جيش الطغيان، ومن تلك المعركة بدأ نجم الإسلام فى صعود، ونجم الكفر فى أفول، وأصبحت العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، يقول الله تعالى: «وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ« آل عمران:123 . وفى السنة الثامنة، وفى شهر رمضان، كان الفتح العظيم الذى أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ به بلده وبيته الذى جعله هدى للعالمين من أيدى الكفار والمشركين، وهو الفتح الذى استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به فى دين الله أفواجا، وأشرق به وجه الأرض ضياءً وابتهاجا . وفى سنة ستمائة وثمانيةً وخمسين، فعل التتار بأهل الشام مقتلة عظيمة، وتشرد من المسلمين من تشرد، وخربت الديار، فقام الملك المظفر قطز، بتجهيز الجيوش، لقتال التتار، حتى حان اللقاء فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان وأمر ألا يقاتلوا حتى تزول الشمس، وتفيء الظلال، وتهب الرياح، ويدعوا الخطباء والناس فى صلاتهم، ثم تقابل الصفان، واقتتل الجيشان، وحصلت معركة عظيمة، سالت فيها دماء، وتقطعت أشلاء، ثم صارت الدائرة على القوم الكافرين، وقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين . كل هذه الأسباب جعلتنا نوقن بأن رمضان فرصة سانحة وغنيمة جاهزة، لمن أراد التغيير فى حياته . فالأسباب مهيأة، والأبواب مشرعة وما بقى إلا العزيمة الصادقة، والصحبة الصالحة، والاستعانة بالله فى أن يوفقك للخير والهداية .