د. حاتم عبدالمنعم ترددت مقولة لعنة الفراعنة مع تكرار حوادث متعددة معظمها يرجع للإهمال أو الفساد أو لكلاهما معًا، وهذا أسلوب تبريري وغيبي يؤدي في النهاية إلى عدم حل هذه المشاكل، والأخطر هو تكرارها؛ مما يعني عدم التعلم من الأخطاء والتجارب، وخاصة بالنسبة لمشكلات سقوط العمارات والمباني السكنية في عدة مناطق يعكس وجود إهمال كبير وفساد في المحليات. فكما جاء في مقال الأستاذ الغزالي حرب عن سقوط برج جسر السويس ومن قبله برج الطريق الدائري، وقال لقد أصبحت مشكلة فساد المحليات مرضًا مزمنا مستعصيًا على العلاج أو الحل، وتاريخ هذا المرض طويل وهنا نتذكر حديث السيد رئيس الوزراء حينما تحدث عن نشأة العشوائيات وذكر أن بدايتها تعود إلى السبعينيات. كما ذكر السيد زكريا عزمي - مستشار الرئيس السابق حسني مبارك - أن فساد المحليات وصل للركب أثناء حكم الرئيس مبارك، وكل ما سبق يوضح وجود مشكلة كبيرة في منظومة المحليات، وهي مشكلة خطيرة تمس جميع أنحاء مصر، ويعاني منها الجميع، وتعود إلى ما يقرب من خمسين عامَا، ومن ثم يجب طرح نقاش مجتمعي واسع النطاق بين كافة الفئات لمناقشة وتشخيص أسباب المشكلة. وما هي المقترحات المناسبة للخروج منها، ومن هذا المنطلق هناك بعض المقترحات في هذا المجال منها أن يكون تعيين رؤساء الأحياء من خلال الانتخاب مثل أعضاء المجلس المحلي ومجلس النواب. وبالطبع بعد وضع جميع الشروط اللازمة للتقدم للانتخابات من مؤهلات وخبرات وغيرها من شروط، كما يفضل أن تكون فترة رئاسة الحي عامين فقط وتجدد أو يسمح له بالتقدم للانتخابات فترة ثانية فقط؛ بحيث تكون أربع سنوات كحد أقصى للعمل، مع تقديم إقرار بالحالة أو الذمة المالية والممتلكات قبل وبعد العمل. وبجانب هذا يجب أن تمنح لجميع أعضاء المجلس المحلي وأعضاء مجلس النواب سلطة مراجعة الأحياء والرقابة عليهم كل منهم في الحي التابع له لأنهم أدرى بمشاكل أحيائهم وأقدر على تقييم الأوضاع؛ بحيث يكونوا شركاء في المسئولية؛ لكن أيضا يكونوا شركاء في المسئولية عند الخطأ والحساب؛ فيكون العقاب للجميع أيضًا. وبالطبع يصاحب ذلك تحديد وسائل متعددة لشكاوى المواطنين، وهناك فعلا الآن مركز لتلقي الشكاوى بمجلس الوزراء للمواطنين، ويجب نشر وتعريف كل مواطن بكيفية توصيل شكواه وصوته بسهولة، مع توفير مزيد من الخطوط التليفونية والمواقع الإلكترونية لتلقي مثل هذه الشكاوى؛ بل والنظر في منح مكافآت مالية لمن يثبت بالدليل على واقعة فساد حدثت المشكلة تتفاقم منذ السبعينيات، والأخطر أنها تؤدي إلى موت الكثيرين وتشرد الأكثر بلا ذنب أو حتي مبرر؛ وعلى سبيل المثال حي المنيل ومصر القديمة منذ منتصف عام 2019 إلى الآن نقترب من عامين مازال الحي؛ وخاصة شوارعه الجانبية تعاني الحفر والأتربة والطرق غير الممهدة بحجة بعض الإصلاحات رغم مضي نحو عامين وتكرار الشكوى بلا إجابة من الحي الذي اكتفى برصف الشارع الرئيسي وللآن معظم الشوارع الجانبية تعاني من الأتربة والحفر مما يسبب مشاكل صحية للجميع وصعوبة الحركة لكبار السن والمرضى نحو عامين انقضوا لم ينته الحي من شارع واحد في مقابل طرق ومدن جديدة تقام في فترات زمنية أقل تقوم بها بعض مؤسسات الدولة القوية والملتزمة؛ بل إن قرار السيد رئيس الوزراء بضرورة منع تحويل الجراجات إلى أي أنشطة أخرى؛ لأن ذلك يرتبط بأمن المواطنين وانضباط الشارع. هذا القرار للأسف في بعض الأحياء ومنها حي المنيل لم يطبق ومازالت للان بعض الجراجات لا تعمل للغرض الأساسي لها؛ وهذا مجرد مثال لحي يقع وسط العاصمة وعلى مسمع من الجميع، فماذا يحدث في الوجه القبلي والبحري. للأسف المحليات أصبحت مشكلة مزمنة كما يقول الغزالي حرب مستعصية على الحل، وعلينا جميعًا التكاتف والحوار للوصول لحل لهذه المشكلة الخطيرة التي تشوه كثيرًا من الجهود والإنجازات، وتضيع كثيرًا من الوقت والمال بلا مبرر.. والله الموفق لما فيه الخير.