عبدالفتاح الجبالي أوضحنا خلال المقالين السابقين أهمية الاستثمار فى صناعة الرياضة ودوره فى التنمية المجتمعية عموما والبشرية على وجه الخصوص، واصبح التساؤل الى اى مدى تعاملت التشريعات القانونية والاطر التنظيمية القائمة مع هذه المسالة؟ وهل ستتمكن بوضعها الحالى من تحقيق مانصبو اليه من اهداف استثمارية فى هذا المجال؟ ان الاجابة عن هذه التساؤلات وغيرها تحتاج الى النظر فى قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 باعتباره القانون المنظم للاستثمار والذى وضع الرياضة ضمن مجالات مزاولة النشاط الاستثمارى والتى ينطبق عليها القانون المذكور وبالتالى تتمتع بكل المزايا الموجودة به. فاذا ما اخذنا بالحسبان مفهوم الاستثمار كما جاء فى (المادة 1) وهو استخدام المال لانشاء مشروع استثمارى او توسيعه او تطويره او تمويله او تملكه او ادارته بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة للبلاد. والمستثمر هو كل شخص طبيعى او اعتبارى، مصريا كان او اجنبيا، ايا كان النظام القانونى الخاضع له، يقوم بالاستثمار فى جمهورية مصر العربية. وقد انعكس ذلك فى قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017 حيث افرد الباب الثامن بالكامل للحديث عن الاستثمار فى المجال الرياضى. وأعطى الحق للهيئات الرياضية الخاضعة للقانون– وبموافقة الجهة الإدارية - فى إنشاء شركات مساهمة تطرح أسهمها للجمهور، ويجوز قيدها بالبورصة. شريطة تأكد الوزارة من أن ذلك لا يؤثر على الخدمات الرياضية التى تقدمها هذه الهيئات. وكذلك الحق فى إنشاء فروع للأندية الرياضية فى شكل شركات مساهمة يشارك فيها ناد وأعضاؤه والمستثمرون. وهو مافتح المجال امام القطاع الخاص للولوج الى هذه الانشطة. ولكن ومما يؤخذ على هذه المواد أنها قصرت تكوين الشركة على شكل قانونى واحد وهو المساهمة دون الانواع الاخرى مثل التضامن والتوصية البسيطة وغيرهما. كما قصر نشاط هذه الشركات على الخدمات الرياضية التى عرفها القانون بانها الخدمات التى تقدم من خلال المجال الرياضى وتتخذ صور (الادارة او التسويق او التشغيل او ادارة الالعاب الرياضية او إنشاء اندية خاصة او الاكاديميات او الاندية الصحية او مراكز اللياقة البدنية). وبالتالى استثنى المجالات الاخرى دون سبب. وهكذا اصبح الاستثمار فى الصناعات الرياضية مشتتا بين عدة قوانين، فالاستثمار فى الاعلام الرياضى، على سبيل المثال، ينظمه قانون 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الاعلى لتنظيم الإعلام، والاستثمار الصناعى او التجارى او الخدمى ينظمه قانون الاستثمار او قانون المنشآت الصناعية وغيرهما من القوانين. وهو ما اوجد العديد من التعارض بين قانون الرياضة وهذه القوانين من حيث الحصول على التراخيص او سحب وإلغاء الترخيص الخ. ومن المواد التى تحتاج الى اعادة النظر مادة 75 التى لاتسمح لعضو مجلس ادارة اى هيئة رياضية بعضوية مجلس ادارة الشركات المنشأة وفقا لقانون الرياضة او حتى العمل لديها بمقابل او دون مقابل. فى حين ان الهيئة منشأة اساسا بغرض توفير خدمات رياضية ومايتصل بها من خدمات كما جاء فى المادة ( 1) وهى امور تحتاج الى المراجعة لتشجيع الاستثمار الرياضى يضاف الى ماسبق ضرورة البدء فى وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التى تتعرض لها هذه الشركات بدءا من مرحلة التأسيس وحتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار بانواعها الى جانب زيادة الدور الذى تلعبه السياسات الحكومية فى عملية تشجيع الاستثمار ويجب ان تشمل عملية المراجعه تكاليف التأسيس والتراخيص بانواعها سواء المصروفات الادارية او تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الارض والمرافق وغيرها من التكاليف عند بدء النشاط . وترتبط بعنصر فترة التشغيل ويتضمن هنا عوامل مثل الرسوم الادارية التنظيمية وتكلفة النقل والمواد الخام وتكاليف تاخير الاجراءات الحكومية بما يضمن تحقيق وفر فى التكاليف التى يتحملها المستثمر. علما بان هذه التكاليف يجب ان تتضمن ايضا مراجعة شاملة لتكاليف التمويل سواء المصرفى او غير المصرفي. وبالتالى يجب دراسة ومقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة فى المنطقة، مع المتوسطات الخاصة بالعوائد محليا ومع الدول المنافسة، لإبراز عنصر التنافسية الحقيقى للاستثمار فى مصر وعلى الجانب الآخر يجب على الدولة الاهتمام بالاستثمار فى مراكز الشباب المختلفة وتدعيمها بما تملك من إمكانات. وكذلك توفير مجموعة من الاراضى الفضاء، فى محافظات الجمهورية المختلفة، ومنحها لوزارة الشباب والرياضة، كحق انتفاع لتقيم عليها الأنشطة الرياضية المختلفة على أن تخضع لإدارتها أو على الأقل الإشراف الادارى عليها. جنبا الى جنب مع الحفاظ على الأندية الرياضية القائمة حاليا والمملوكة لشركات قطاع الاعمال العام او القطاع العام وإخراجها من عملية البيع والخصخصة وعدم التصرف فيها او وضعها تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، وهو مايتطلب ايضا تطوير الاتحادات الرياضية فى الشركات. وعلى الجانب الآخر يمكن التفكير فى إنشاء شركة قابضة للرياضة المصرية يتفرع عنها عدد من الشركات التابعة لأنشطة محددة مثل التسويق الرياضى او الترويج الرياضى وغيرهما ويمكن ان يتم تمويل هذه الشركة من (الموازنة العامة، المحافظات، مساهمات الأفراد والجهات، أرباح الأنشطة، وغيرها ) . ومن الامور المهمة ضرورة التوصل إلى اتفاقيات محددة مع كبريات الشركات المنتجة للأدوات الرياضية للحصول منها على حق تصنيع داخل السوق المصرية ، والتى تتمتع بالعديد من المزايا التى تمكنها من ذلك خاصة العمالة المدربة والرخيصة نسبيا مقارنة بالبلدان الأخرى، وهنا يمكن الدخول فى شراكة تصنيعية مع شركات الملابس الرياضية الشهيرة، التى تعانى بعض المشكلات فى الدول التى تقوم بتصنيع هذه المنتجات حاليا. ووضع وتنفيذ خطط إعداد وصقل وتنمية الكوادر البشرية العاملة فى مجالات الرياضة وتدعيم البنية الأساسية للرياضة بالدولة بما يخدم الرياضة عموماً وتحفيز القطاع الخاص والقطاع المدنى والمنظمات الأهلية على الاستثمار فى مجال الرياضة على وجه الخصوص.