«إن تغييرًا يشمل حياة الناس في الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة في كل شهر، ودائما في العاشرة مساء، فالمرور يكاد يتوقف في القاهرة، وفي مقاهي الدار البيضاء تختفي الطاولة، وفي بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفون كتبهم، وتفرغ الشوارع من المارة، وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة في انتظار أم كلثوم».. هكذا كتب الناقد الفني الشهير «جودون جسكيل» في مجلة «لايف» الأمريكية. 46 عاما مرت على رحيل دُرة الفن أم كلثوم، ولم تؤثر شيئا في حضورها المركزي داخل قلوب العرب بين المحيط والخليج، دليل باق وراسخ على قوة الوحدة العربية والمزاج العربي المشترك نجده في سرها الكبير، الذي يعتبر الأهم في مسيرة الفن العربي طوال العصر الحديث، السر المختبئ بين ثنيات الجلباب الذي جاءت به من الدلتا لتغزو مزاج المصريين والعرب من القاهرة. حيرتنا وما زالت تحيرنا، فاطمة أو الست، دُرة الفن التي تبقى محتفظة بموقعها الثابت كبطلة الغلاف، كيف استطاعت الفتاة الريفية البسيطة بنت الشيخ إبراهيم السيد البلتاجي، أن تحتل موقع الصدارة في القلوب والأذهان لنصف قرن خلال حياتها، وما يقرب من نصف قرن آخر بعد رحيلها عن دنيانا؟. عبر العقود الماضية وحتى زمننا هذا، مازالت ثومة هي الصوت الذي يصنع الموسيقى التصويرية للقاهرة، وتجده دائرا حولك في خلفية الأحداث، أو متصاعدا من صوت الراديو في المقهى كمشهد ثابت في كل شارع مصري تسمعه وأنت تعبر في طريقك، كما بقيت الشعوب العربية ما بين المحيط والخليج تتذكر عندما كانت تحبس أنفاسها ليلة الخميس الأول من كل شهر، في انتظار صاحبة العصمة، ثومة، الجامعة العربية، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل التي حملت لنا حكايات الجمال والإبداع الخالدة، بصوتها القادم من قرية "طماي الزهايرة" الذي تقدم إلى عرش الفن بثبات منذ اللحظة الأولى. بيت العيلة والدها الشيخ «إبراهيم» إمام ومؤذن مسجد القرية، ووالدتها "فاطمة المليجي" ربة المنزل البسيطة كانا شهود عيان على المعجزة في بداياتها، ثم جاء أبطال الملحمة الذين حملوها على أكتافهم، الشيخ أبو العلا محمد، ومن بعده الشيخ زكريا أحمد، والعبقري محمد القصبجي، وشاعر الشباب "أحمد رامي" الذي أفنى حياته تحت مظلة صوت كوكب الشرق، صنعوا البداية الرائقة التي كانت نتيجتها رحلة صعود ملحمية، أشعلت مسارح مصر والوطن العربي ووصل صيتها إلى كل أرجاء العالم عبر السنين. العائلة البسيطة التي تعيش في مسكن صغير مُشيد من الطوب الطيني، التي لا تملك دخلا لها إلا من الوالد الذي يعمل مُنشدا في حفلات الزواج بالقرية، لا تحمل همًّا إلا أن يتعلم الابن خالد، والابنة فاطمة، "القرآن الكريم" كان حجر الارتكاز الذي تعلمته الفتاة في سن صغيرة، ودفعها وقت القفزات الكبيرة بعدها بسنوات، ورغم أن العين كانت على الابن الأكبر "خالد"، إلا أن القادمين من الخلف على طريقة كرة القدم، قادرون على حسم الأمور، المصادفة التي جعلت فاطمة ذات يوم سعيد على الفن العربي، تسمع أباها يُعلم "خالد" الغناء، حيث كان يصطحبه ليغني معه في الحفلات، فطلبت الانضمام لهما، لينبهر الوالد من قوة نبرة فاطمة، فبدأت المشاركة معهما في دروس الغناء، وبدأت تطرب الناس في قريتها منذ أن كان عمرها 12 عاما. أول فرقة موسيقية مع القصبجي يمثل لقاء ثومة بالقصبجي أحد أهم التحولات في تاريخها الفني، فقد انطلق محمد القصبجي في إعداد أم كلثوم فنيا ومعنويا مشكلًا لها فرقتها الخاصة، وقاد تأسيس أول تخت موسيقي يكون بديلا لبطانة المعممين التي جاءت معها من طماي الزهايرة، والتي تسببت في هجوم "روز اليوسف" عليها وعلى بطانتها، وهذا ما جعل أباها يتخلى عن دوره كمنشد وينسحب هو والشيخ خالد، وبعدها بقليل أدركت ثومة أن عليها مجاراة التطور والمجتمع القاهري الجديد الذي تعيش فيه والمختلف عن طماي الزهايرة، فخلعت أم كلثوم العقال والعباءة وظهرت في زي الآنسات المصريات، وجاء ذلك تواكبا مع رحيل الشيخ أبو العلا محمد، الذي ترك فيها تأثيرا روحيا عظيما، كان دليلها للقتال من أجل النجاح. صاحبة سطوة على المسرح أسباب سطوع كوكب الشرق في حفلات اللايف وتشكل أسطورتها من خلالها، وهو ما قاد سيطرتها على عرش الغناء المصري والعربي من منتصف الثلاثينيات، تبدو واضحة في التجربة الفريدة التي قام بها "المعهد القومي للقياس والمعايرة" في مصر عام 1971م، عندما استعان بألفين من الأسطوانات التي سجل عليها المطربون والمطربات أغانيهم طوال نصف قرن من الزمان، وذلك بهدف وضع سلم الموسيقى العربية على أساس علمي، وجاءت نتيجة التجربة المثيرة كالتالي، وهي أن صوت أم كلثوم هو أكثر الأصوات ضبطا، لتطابق معادلته الرياضية مع المعادلة الرياضية للسلم الموسيقي الطبيعي، وأثبتت الأجهزة الإلكترونية أن ترددات صوت أم كلثوم تبلغ 3996,5 ذبذبة في الثانية الواحدة، وجاء الصوت الثاني بعد كوكب الشرق للشيخ محمد رفعت، تلاه صوت المطرب صالح عبد الحي. ليلة الخميس أصبحت ليلة الخميس الأول من كل شهر الحدث الفني المصري والعربي الأبرز منذ منتصف الثلاثينيات، وفي عام 1943م أسست ثومة أول نقابة للموسيقيين برئاستها، وظلت في هذا المنصب لمدة عشر سنوات، وكانت طوال تلك السنوات ترسخ لسطوتها، لكن في عام 1954 خفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي عانت منها، وكانت النظارة السوداء التي ترتديها بشكل مستمر نتيجة لمرض الغدة الدرقية الذي أدى إلى جحوظ عينيها، وكان هذا سببًا أيضًا لإيقاف نشاطها السينمائي واقتصاره على 6 أفلام. خلال حفلات النصف الثاني من الستينيات، كانت تلك الفترة تشهد منافسة حامية الوطيس بين عبد الوهاب والسنباطي، وانعكس ذلك على نجاح حفلات أم كلثوم، فقد غنت عام 1966 من ألحان رياض السنباطي، قصيدة الأطلال للشاعر إبراهيم ناجي، وجاء ذلك بعد عام واحد من غنائها ل"أنت عمري" من ألحان محمد عبد الوهاب، وكان ذلك بمثابة أقوى رد من السنباطي على عبد الوهاب، وقد تألق فيها السنباطي تألقا لم يصل إليه طوال حياته. سعيد الطحان «عظمة يا ست» كان أشهر جمهور أم كلثوم، هو الحاج سعيد الطحان، صاحب الجملة الشهيرة التي اعتاد عليها حضور حفلات أم كلثوم "عظمة على عظمة يا ست" وكانت بداية تلك الحكاية في مسرح حديقة الأزبكية، خلال عزف فرقة أم كلثوم للمقدمة الموسيقية لأغنية "أنت عمري" عام 1964، عندما صاح "سعيد الطحان" بكلمته الشهيرة التي صاحبت أم كلثوم خلال سنوات عمرها الأخيرة، وعندما جاءت إحدى حفلاتها ولم تجد الطحان بين الجمهور، كلفت أحد أفراد فرقتها بالسؤال عنه، وعندما عرفت بمرضه نتيجة إفلاسه بعد أن باع أرضه بسبب سفره خلفها للعديد من دول العالم، قررت زيارته في مرضه ومساعدته على استعادة أرضه، كما منحته شرف حضور حفلاتها بالمجان حتى نهاية حياتها، جمهور أم كلثوم بصفة عامة شغل الصحافة المصرية والعالمية لسنوات طويلة، وجاء المصور الأمريكي الشهير هوارد سوشورك خصيصا إلى القاهرة، للقيام بجلسة تصوير كاملة لرصد ردود أفعال الجمهور داخل المسارح التي تغني فيها الست. ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم ذكرى رحيل دُرة الفن صوت أم كلثوم