أمريكا والصين تتربعان على قائمة المسيطرين عربياً.. بدأ الالتفات إليها وإقامة أول بطولة بمشاركة لاعبين من 16 دولة 2.7 مليار لاعب حول العالم منهم 377 مليونا بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا توقعات باستمرار نمو سوق الألعاب الإلكترونية لتصل إلى 217.9 مليار دولار بحلول عام 2023 لم تعد رفاهية ومضيعة للوقت كما كنا ننظر إليها من قبل، بل باتت صناعة كبيرة وراسخة أرباحها بالمليارات، ولها سوق كبيرة ومستهلكون بالملايين منتشرون فى جميع أنحاء العالم، إنها «الألعاب الإلكترونية». إحدى الصناعات التى استفادت من انتشار وباء كورونا، وشهدت قفزة كبيرة فى النمو والأرباح خلال العام الماضى. نظرا لما باتت تمثله كحجر زاوية وركن أساسى فى اقتصادات الدول التى تصنعها، لم يعد الاهتمام بها والعمل على تنميتها مقتصرين على شركات القطاع الخاص التى وضعت اللبنة الأولى لها، بل باتت حكومات دول كثيرة تعمل على الاستثمار فى هذا القطاع، الذى باتت أرباحه تتعدى أرباح قطاع السياحة والبترول فى بعض الدول. تتربع أمريكا والصين على قمة اللاعبين المسيطرين على تلك الصناعة، شركات ولاعبين، حيث تستحوذان على نحو 49٪ من تلك السوق، فإن الجميع يتسابق للاستفادة من أرباح غير محدودة بفضل صناعة الألعاب الإلكترونية. وبشكل عام فعلى المستوى العربى، بدأ الالتفات بقوة إلى المكاسب المتوقعة من تلك الصناعة، وآخر تلك الجهود فى ديسمبر الماضى، بإقامة البطولة العربية الأولى للألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت بمشاركة لاعبين من 16 دولة عربية، وأقيمت البطولة بالتعاون مع جامعة الدول العربية والأمانة الفنية لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، وبتنظيم مصرى كامل. قفزة كبيرة وتشير تقديرات لمؤسسة "نيوزوو" العالمية المتخصصة فى بيانات وإحصاءات الألعاب الإلكترونية إلى أن نسبة نمو سوق الألعاب الإلكترونية خلال 2020 سجلت 19.6٪ بقيمة 174.9 مليار دولار. والسبب فى تلك القفرة الكبيرة يعود إلى انتشار وباء كورونا، التى اضطرت الجميع للبقاء فى منازلهم فترات أطول من المعتادة، فزاد الإقبال على الألعاب الإلكترونية لملء الفراغ الذى خلفه إجراءات التباعد الاجتماعى والعزل المنزلى. ويبدو أن تأثير الجائحة لن يكون قصيراً، بل إنه سيمتد لسنوات مقبلة، بفعل ما أحدثته من تغييرات فى سلوكيات البشر على المستوى الاستهلاكى أو النفسى أو الإنفاقى، حيث توقعت "نيوزوو" استمرار نمو سوق الألعاب الإلكترونية، لتصل إلى 217.9 مليار دولار فى 2023. وتشكل الألعاب الإلكترونية عبر الموبايل أكبر مصدر للإيرادات فى تلك السوق المتنامية بتقديرات تبلغ 86.3 مليار دولار خلال العام الماضى، تليها الإيرادات من وحدات الألعاب بنحو 51.2 مليار دولار، ثم الإيرادات من ألعاب الحاسب بنحو 37.4 مليار دولار. العنصر الأساسى يعنى ذلك أن فرص الاستثمار فى الألعاب المصممة للموبايل، هى الأوفر حظاً والأكثر قدرة على النجاح، ويرجع ذلك إلى انتشار الموبايل على نطاق واسع وسهولة الاستخدام، مقارنة بوسائط الألعاب الأخرى. اللاعبون هم العنصر الأهم فى تلك الصناعة فبدونهم لا قيمة للألعاب ولا الشركات المطورة، ويقدر عدد اللاعبين فى جميع أنحاء العالم بنحو 2.7 مليار لاعب فى العام الماضى، منهم 377 مليون لاعب متمركزون فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وفى عام 2019، تجاوز عدد اللاعبين فى الشرق الأوسط وإفريقيا العدد فى أمريكا الشمالية، فيما تتجه التوقعات فى عام 2022 نحو إمكانية تجاوز لاعبى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أعداد اللاعبين فى أوروبا أيضاً. وعما وصلت إليه تكل الصناعة خليجيًا، كشف تقرير حديث صادر عن شركة Frost & Sullivan أن دول مجلس التعاون الخليجى ستشكل نحو 1.5٪ من عائدات سوق الألعاب العالمى بحلول عام 2025. وتأتى المملكة العربية السعودية فى المركز 19 عالميًا من حيث إيرادات الألعاب فى عام 2019 بنحو 837 مليون دولار، مع توقعات بنمو القطاع بمعدل نمو سنوى يبلغ 22.5٪ خلال الفترة من 2019 إلى 2025. بينما احتلت دولة الإمارات المرتبة 35 فى قائمة أكبر سوق للألعاب فى العالم من حيث الإيرادات فى عام 2019، ويقضى اللاعبون فى الإمارات نحو 30 دقيقة يوميًا على ألعاب الموبايل. شراكة عربية وفى نوفمبر الماضى، أعلنت السعودية والإمارات عن أول شراكة بينهما لتطوير ألعاب إلكترونية مستوحاة من الثقافة المحلية بمعايير عالمية، وستتم تلك الشراكة بين شركة Boss Bunny Games السعودية التى تتخذ من الإمارات مقراً لها، اتفاقية مع ستوديو الإنتاج الإماراتى "لمترى". ويتوافق ذلك مع توجه الدولتين نحو تعزيز تعاونهما فى القطاع الرقمى والاستفادة بشكل خاص من المكانة التى تحتلها الألعاب الإلكترونية فى المنطقة العربية ككل، ساعين إلى تحويل منطقة الشرق الأوسط من مجرد مستهلك إلى منتج إبداعى قادر على تزويد العالم بألعاب جديدة. ويستهدف ستديو Boss Bunny إنشاء مركز تدريبى متكامل لصناعة الألعاب الإلكترونية يستقطب المواهب من جامعات المنطقة لصقل مهاراتهم ومواهبهم، وتزويدهم بالتدريب والتطوير لمساعدتهم على الانخراط فى سوق العمل فى صناعة الألعاب، وستوفر هذه الصناعة الجديدة عدداً كبيراً من الفرص الوظيفية، باعتبارها سلسلة متكاملة مرتبطة مع بعضها. صناعة إبداعية وقالت الشركة فى بيان لها: إن صناعة الألعاب أصبحت إحدى الصناعات الإبداعية الناشئة التى تسهم فى ضخ المزيد من الاستثمارات إلى اقتصادات الدول، باعتبارها صناعات مستدامة ذات إمكانات واعدة، وتنمو بوتيرة متسارعة عاماً بعد آخر. وأشارت إلى امتلاك دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ثروةً من المواهب الشابة المبدعة، التى ستضيف الكثير إلى مجال صناعة الألعاب الإلكترونية، وستفتح هذه الشراكة أمام الموهوبين آفاقاً تأخذ بأيديهم إلى صنعة فن الابتكار والإنتاج والتصميم، وتُمكنهم مستقبلاً من تأسيس أعمالهم الخاصة وسط بيئة أعمال جذابة. تتهافت الشركات على تطوير الألعاب الإلكترونية، فالجميع أعينهم على النجاحات الساحقة لبعض الألعاب، التى استطاعت نقل شركاتها من كونها ناشئة إلى شركات أعمالها تقدر بملايين الدولارات. باتت تلك الصناعة جاذبة للمستثمرين بمستويات تجعلها تنافس الاستثمار فى التطبيقات المعلوماتية، ووسائل التواصل الاجتماعى والمنصات التفاعلية. مكاسب كبيرة على جانب آخر، يمكن أيضا للاعبين تحقيق أرباح من تلك الصناعة فقط بمشاركتهم فى عملية اللعب، فوصلت قيمة جوائز مسابقات الألعاب الإلكترونية إلى أكثر من 33 مليون دولار، تتم المنافسة فيها بين متسابقين من جميع أنحاء العالم. وهناك مراهقون أصبحوا مليونيرات بفضل تلك الألعاب، جعل ذلك الصناعة يُنظر إليها بمنظور مختلف، فالأمر تخطى حدود قضاء وقت فراغ، وأصبحت مهنة للبعض يستطيع التكسب منها وتحقيق مكاسب غير معقولة ولا يمكن تحقيقها بالعمل التقليدى. كدليل آخر على المكانة التى باتت تحتلها صناعة الألعاب الإلكترونية الآن، ومع تفشى فيروس كورونا، بدأت بعض المسابقات الرياضية التى يصعب إقامتها وسط إجراءات التباعد الاجتماعى فى البحث عن بديل، ولن تجد بديلا أفضل من إقامتها افتراضياً عبر الإنترنت مثل "فورمولا وان". فى بريطانيا، أقيمت مباريات كرة القدم بلعبة فيفا، لكن هذه المرة بلاعبين دوليين من الدورى الإنجليزى الممتاز، قد يشير ذلك إلى تغير قواعد اللعبة والمنافسة الرياضية، وذلك قد يعنى أيضاً تأثيراً مباشراً على نوعية الاستثمار الرياضى حول العالم. وصل الأمر إلى حد بناء حكومة "هانجتشو" بلدة للرياضات الإلكترونية على مساحة 5200 متر مربع، لتنظيم مسابقات افتراضية لألعاب صينية شعبية برعاية شركة "تنسنت". تلك التغيرات ستصيب أيضاً سوق الإعلانات بشكل قوي، حيث سيوجه المعلنون حملاتهم الإعلانية بملايين الدولارات إلى تلك المسابقات الرياضية الافتراضية.