لم يكن إعلان الصين عن عدم تسجيل أى وفيات أو إصابات محلية مرتبطاً بفيروس كورونا المستجد مفاجأة. فالمرة الأولى كانت فى مايو الماضى عندما أعلنت اللجنة الوطنية للصحة فى الصين هذا الخبر، الذى اهتز له العالم الذى كان ولا يزال يعانى هذا الوباء. العدد الإجمالى لحالات الإصابة المؤكدة بكوفيد19 فى الصين منذ بدء تفشى الوباء فى أواخر عام 2019 بلغ 87278 حالة، بينما لا يزال عدد الوفيات دون تغيير عند 4634 وفاة. من ناحية أخري، عادت الحياة إلى طبيعتها فى مدينة ووهان الصينية التى كانت بؤرة الوباء. فبعد أن شهدت المدينة تدابير صحية صارمة وعزلا تاما لمدة طويلة، فتحت المطاعم وأماكن التسوق والحانات أبوابها لروادها، فيما تواصل السلطات الصينية أخذ الاحتياطات اللازمة لاحتواء الفيروس كفرض حجر منزلى لمدة ثلاثة أسابيع على المسافرين القادمين من الخارج. وقد نجحت الصين فى السيطرة إلى حد كبير على الوباء، وباتت الحصيلة اليومية فى الآونة الأخيرة تقتصر على بضع عشرات من الحالات الجديدة، وفق الإحصاءات الرسمية. وفق تحقيق نشرته صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، فإن وصول فيروس كورونا لسوق المأكولات البحرية في ووهان العام الماضى قد يكون "أسترالى المصدر". وقالت الصحيفة الصينية: إنه ثبت وجود الفيروس فى منتجات مستوردة من دول عدة مثل اللحوم المجمدة القادمة من البرازيل وألمانيا وأستراليا، والكرز التشيلي، والمأكولات البحرية الإكوادورية. واستشهدت "جلوبال تايمز" بدراسة للمركز الصينى لمكافحة الأمراض والوقاية منها نشرتها فى أكتوبر، أكدت إمكانية عيش كوفيد-19 على عبوات الأطعمة المجمدة لفترة طويلة من الزمن. وفى وقت سابق، حذرت الباحثة شيزينجلي، التى تعرف ببحوثها الطويلة على الخفافيش، وتلقب بالمرأة الخفاش من ظهور أوبئة جديدة داعية المجتمع الدولى إلى التعاون بشكل كثيف لأجل مكافحة الأمراض التى يمكن أن تتفشى مستقبلا. وقالت: إن الفيروسات التى يجرى اكتشافها فى الوقت الحالى ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. وإنه فى حال أردنا أن نحمى البشرية من معاناة أوبئة أخرى معدية، يتوجب علينا أن ندرس ونبحث بشأن الفيروسات غير المعروفة، وتحملها الحيوانات البرية فى الطبيعة، لأنها تشكل تحذيرات مبكرة. فى ورقة بحثية نشرها المنتدى الاقتصادى العالمى فى ديسمبر الماضي، كشف باحثان عن كيفية دفع الصين فاتورة تكاليف وباء كوفيد19 ومساعدة الصينيين على تجاوز هذه المحنة من الناحية المالية، فقد ذكر منج كي، أستاذ مساعد بجامعة تسنجهو ويوكسيزهانج، ستأخذ بقسم السياسة الاجتماعية بجامعة أكسفورد أنه فى آخر يناير 2020، نظمت السلطات الصينية التكاليف الطبية لمرضى كورونا بتغطيتها بالكامل من نظام التأمين الصحى الاجتماعى والتمويل العام، وهو ما يعكس مزيجا تتبعه الصين ما بين معايير تطبيق نظام الرعاية الصحية وحوكمة البلاد للحرب مع الوقت. منذ ظهور فيروس كورونا الجديد قبل عام فى سوق بمدينة ووهان بوسط الصين، تعهد الرئيس شى جين بينج بجعل اللقاحات الصينية منفعة عامة عالمية. وقد اعتمدت الصين لقاح "سينوفارم" لمكافحة فيروس كورونا المستجد ليخرج من المرحلة التجريبية، ويصبح ضمن اللقاحات الأساسية التى تحارب الجائحة التى شلت حركة العالم، حيث أظهر فاعلية بنسبة 79.34 ٪. وكانت الصين قد قامت بتطعيم أكثر من مليونى شخص منذ يوليو الماضى، فى إطار برنامج استخدام الطوارئ. ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يعمل لقاح "سينوفارم" عن طريق دفع الجهاز المناعى للإنسان لصنع أجسام مضادة لفيروس كورونا، التى ترتبط بالبروتينات الفيروسية مثل ما يسمى بالبروتينات الشوكية التى ترصع سطح الفيروس. وعند توافر مخزونات كبيرة من فيروسات كورونا، قام الباحثون بصبها بمادة كيميائية تسمى بيتا بروبيولاكتون، وقام المركب بتعطيل فيروسات كورونا عن طريق الارتباط بجيناتها، ولم يعد بإمكان فيروسات كورونا المعطلة التكاثر، ثم قام الباحثون بسحب الفيروسات المعطلة وخلطها بكمية ضئيلة من مركب قائم على الألومنيوم، كمادة مساعدة لتحفز هذه المواد المساعدة جهاز المناعة لتعزيز استجابته للقاح. يتم استخدام الفيروسات المعطلة لأكثر من قرن من الزمان، وقد استخدمها مبتكر لقاح شلل الأطفال فى الخمسينيات من القرن الماضى، جوناس سالك، وهى من القواعد الأساسية للقاحات ضد عدد من الأمراض، بما فى ذلك داء الكلب والتهاب الكبد (أ).