لسوق العمل احتياجات ومتطلبات معينة يصعب تجاهلها أو غض الطرف عن تلبيتها، فهى المفتاح الذى يمكن أن يوجد فرصة عمل جيدة لكثير من الشباب المصريين، بدلا من الاستعانة بغيرهم من بلدان أخرى. ففى ظل الانفتاح والخصخصة أصبح العالم كتلة واحدة.. لذلك يمثل تطوير المهارات واكتساب الخبرات، أهم العناصر التى يمكن أن تساعد فى الحصول على فرصة عمل حقيقية لأى شاب أو شابة مصرية. وحتى هذه، يصعب الوصول إليها فى غياب تعليم مناسب، يأخذ فى اعتباره كل المتغيرات الدولية وحاجة السوق لقدرات وإمكانات نوعية. من هنا تأتى أهمية تقرير الاقتصاد المصري 2008 – 2009 الذي صدر حديثا تحت عنوان "بناء الطاقة الإنتاجية والتنمية في مصر" عن معهد التخطيط القومي، والذى أكد أن الباحثين عن العمل سيواجهون مصاعب لتغيير مناخ سوق العمل، علي مستوي المهنة ونمط الإنتاج، وهو ما يفرض ضرورة تغيير المفاهيم والتوجهات لدي الشباب. يقول التقرير إن هذا يستدعي نقلة نوعية في نظام التعليم ومخرجاته وتدعيم المخرجات بتدريب عالي الجودة، وهي متطلبات مازالت مصر في حاجة ملحة إلي تحقيقها حتي تكون نظم التعليم والتدريب بها عنصرا فعالا. وللتدليل علي مدي إلحاح هذه الحاجة أشار التقرير إلي نتائج بحث ميداني طبق في ثلاث محافظات علي عينة حجمها 2400 فرد في عام 2007 لمعرفة العائد من التعليم ومدي قدرة الباحثين عن العمل علي الالتحاق بسوق العمل من خلال المهارات التي اكتسبوها. وقد ركز البحث الميداني اهتمامه في أمرين: أولهما درجة اكتساب الفرد لكل من مهارات معرفة لغة أجنبية واستخدام الكمبيوتر والتعامل مع الإنترنت. وثانيهما المرحلة التعليمية، التي اكتسب فيها هذه المهارات. وقد جاءت نتيجة البحث الميداني: 81.5 % لايجيدون التعامل مع الإنترنت و70 % لايجيدون استخدام الكمبيوتر، و46.5 % لا يجيدون اللغات الأجنبية ووفقا للتقرير فهو يعكس تواضعا شديدا في نسبة اكتساب المتعلمين مهارات ثلاث أساسية تساعد الفرد علي التعلم الذاتي والحصول علي فرصة عمل. أما عن الفترة التي اكتسب فيها الطلاب هذه المهارات، ففي فترة ماقبل الجامعة 5 % فقط أجادوا التعامل مع الإنترنت بينما 86 % تعلموا استخدام الإنترنت بعد انتهاء التعليم الجامعي، وعن الكمبيوتر فقد بلغت نسبة من تعلموه قبل التعليم الجامعي 7 % وبعد التعليم الجامعي 82 %. ويلاحظ التقرير أن ذلك يعود إلي أن هاتين المهارتين:الكمبيوتر والإنترنت ، يمكن اكتسابهما بالتدريب والممارسة العملية، أكثر مما يمكن اكتسابهما بالتعليم التلقيني الذي يغلب علي المنظومة التعليمية في مصر ويمكن اعتبار ذلك مثالا واضحا يؤكد أهمية التدريب في تأهيل قوة العمل لما تتطلبه سوق العمل من مهارات. ويفسر التقرير حاجة الباحثين عن العمل لاكتساب هذه المهارات بقوله إن التغييرات العالمية والانفتاح علي العالم، وماتشهده السوق من معدلات بطالة عالية، حتي من بين خريجي المنظومة التعليمية ، يستدعى الأخذ في الاعتبار مجموعة من التغيرات وترسيخ المفاهيم والثقافات التي تتطلبها هذه التغيرات ومنها: التغير علي مستوي المهنة ، والتغير في نمط الإنتاج والتغير علي مستوي المؤسسة ، والتغير علي مستوي المجتمع ، والتغير علي مستوي الاقتصاد العالمي. فعلي مستوي المهنة أصبح هناك تعريف جديد لمهارات العمل تتواكب مع التقدم التكنولوجي والمعارف الحديثة ، مع ظهور وظائف بمسميات جديدة ، ويستدعي هذا التعريف بناء نظام تعليمي متطور ، يتيح ترسيخ ثقافة العمل الحر، ويؤكد أهمية الإتقان والإبداع والابتكار ، والتحول نحو مفهوم المجتمع الدائم التعلم.. نظرا للمعدل المتزايد لتقادم المعرفة وحتمية العمل علي التعليم المستمر.. حيث لم يعد هناك مايسمي شهادة دراسية صالحة إلي الأبد.