لم يعد عم "ساتي نور" الرجل السوداني الطاعن في السن قادرا على قيادة السيارات لكبر سنه، ولكنه يأتي يوميا لمكتب الأستاذ محمد حسنين هيكل ليسلم عليه ويجلس هناك بضع ساعات، محملا بزاد من ذكريات مع الأستاذ بلغت 56 سنة أو يزيد، حيث كان رفيقه في كل تنقلاته منذ عام 1956. أمام عمارة مطلة على النيل بحي الدقي حيث يوجد مكتب الأستاذ هيكل قابلنا عم ساتي وجلس ليتحدث معنا وسط مقاطعة كثير من المارة وسكان العمارة فقط للسلام والسؤال عن أحوال الرجل الذي يبدو اجتماعيا وبشوشا. حين أخبرنا عم ساتي أننا نريد أن نحدثه، فهم أننا نريد الحديث عن عيد ميلاد الأستاذ هيكل فبدأ يغني له أغنية عيد الميلاد بالسوداني وظللنا نرصد ابتسامات المارة لطريقته الطريفة في الغناء فضلا عن بهجة ما يردده من ألحان. مسيرة عشرات السنوات كان من الصعب اختصارها في لقاء واحد مع عم ساتي، لذا كان يحكي دون تحديد زمان لحكاياته، في محاولة منه لمطاردة ذكرياته وأيامه الجميلة كما يصفها مع الأستاذ. فتح لنا الرجل السوداني الطيب ما تيسر من ذاكرة أرهقتها الشيخوخة، ولم يخف إعجابه بأننا تذكرناه خاصة أنه من أبناء الأهرام، حيث عمل قبل تقاعده في إدارة النقل بالمؤسسة ضمن كتيبة السائقين الذين يحملون إصدارات الأهرام وصحفييه إلى ربوع مصر بإخلاص وتفان. لكن عم ساتي رجل متحفظ لديه أسرار لا يبدو أنه مستعد للحديث عنها إذ أنه أمين على أسرار مهنته حيث يعرف أين كان يذهب الأستاذ ومن يقابل..إلخ.