د. أسامة الغزالى حرب كلمات حرة للمرة الألف يدور الحديث عن المصالحة الفلسطينية ، وتكرر مصر موقفها المبدئي الداعم دومًا لفكرة المصالحة الوطنية الفلسطينية، والتي يفترض أن تتم أساسًا بين حركة التحرر الوطني الفلسطيني «فتح»، و حركة المقاومة الإسلامية «حماس». لقد عكفت شخصيًا، لفترة يعتد بها من عملي البحثي، علي دراسة القضية الفلسطينية و الصراع العربي الإسرائيلي . ذلك الصراع الذي يبلغ الآن رسميًا عامه الثاني والسبعين. لقد انطلقت حركة فتح شأنها شأن كل حركات المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين في أول يناير عام 1965، ومارست نضالها الوطني المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي . ومن خلال تزعمها منظمة التحرير الفلسطينية ، التي رفعت صوتها وسلاحها مطالبة بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، بقيادة قائدها الزعيم الراحل ياسر عرفات، حصلت على الشرعية الدولية، التي بلغت أوجها مع خطاب ياسر عرفات التاريخي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر 1974. غير أن إسرائيل في سعيها الدائب للحد من قوة فتح، كان لابد أن تلجأ لنفس السلاح الذي سبق أن استعملته بريطانيا ومن بعدها الولاياتالمتحدة في المنطقة لمواجهة الحركات القومية، أي سلاح الإسلام السياسي! ومثلما شجع البريطانيون تنظيم الإخوان في الإسماعيلية لمواجهة شعبية الوفد، ومثلما دعم الأمريكيون الإخوان وأشياعهم في بلدان العالم الإسلامي لضرب الحركات والنظم القومية، شجع الإسرائيليون إنشاء حركة الإخوان المسلمين في غزة «التي تسمي اسم حماس» ليس فقط لشق حركة الاستقلال الوطني الفلسطيني، وإنما أيضا إعطاء انطباع زائف في العالم عن أن الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع ديني، بين المسلمين واليهود. وبالفعل أعطت السلطات الإسرائيلية الترخيص لإخوان غزة لإنشاء المجمع الإسلامي الذي افتتح رسميًا عام 1979. حقا، لقد قامت عناصر من حماس بعمليات نضالية ضد إسرائيل، ولكن ذلك لا يعني أبدًا وجود أرضية لمصالحة وطنية فلسطينية جادة على الإطلاق!. * نقلًا عن صحيفة الأهرام