د. أسامة الغزالى حرب كلمات حرة لا أعتقد أننى سأضيف جديدا إلى التحليلات الصحفية العديدة للزيارة المهمة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى اليونان أواخر الأسبوع الماضى وأهميتها فى التنسيق بين البلدين الصديقين فى شرق البحر المتوسط. ولكن اسم اليونان له صدى خاص فى ذهنى كباحث فى العلوم السياسية. لقد كانت أول معرفة لى بالعلوم السياسية مرتبطة بنشأتها على يد الفلاسفة اليونانيين العظام أفلاطون و سقراط و أرسطو ، والتى عرفنا معها تاريخ اليونان القديم والذى ينافس تاريخ مصر القديمة. فاليونان الحديثة بلد صغير المساحة قليل السكان (نحو 11 مليون نسمة). ولكن تاريخ اليونان هو من أطول فترات التاريخ القديم وأكثرها خصوبة. اليونان باختصار هى مهد الحضارة الغربية المعاصرة التى ظهرت فيها الأفكار عن الدولة وحكم القانون والديمقراطية. والعلاقات بين مصر القديمة واليونان علاقة متشعبة ومثيرة ربما كان من أبرز مظاهرها قدوم الاسكندر المقدونى الذى غزا مصر واتجه إلى عاصمتها القديمة منف قبل أن يذهب إلى معبد آمون فى سيوة. أما إذا قفزنا للعصر الحديث فيلفت نظرنا الجالية اليونانية الكبيرة فقد وصل عددها فى مصر فى الأربعينات إلى نحو ربع مليون وعاش اليونانيون فى معظم المدن المصرية وسط الشعب المصرى فى تآلف بديع فى الاسكندرية والقاهرة وبورسعيد والمنصورة وطنطا والزقازيق . واشتغل اليونانيون بعشرات الحرف فى تلك المدن. وظهر بينهم العديد من الفنانين والكتاب الذين ربما كان ابرزهم الشاعر قسطنطين كفافيس، وبنى اليونانيون فى مصر كثيرا من المدارس والمستشفيات (المستشفى اليونانى بالعباسية بالقاهرة والمستشفى اليونانى بالإسكندرية...إلخ). غير أن التطورات السياسية فى مصر بعد ثورة 1952 أدت إلى هجرة الغالبية العظمى من اليونانيين من مصر، ولكن لاتزال بعض المنشآت قائمة يديرها من فضلوا البقاء بل وحصلوا على الجنسية المصرية. وعندما أذهب إلى الإسكندرية اعتاد اصهار ابنتى على دعوتى للغذاء فى مكانهم المفضل: النادى اليونانى!. * نقلًا عن صحيفة الأهرام