بالرغم من أن منظمة الصحة العالمية أعلنت رسميًا منتصف الشهر الماضي، أن العالم قد يضطر للانتظار حتى عام 2022 حتى يحصل على لقاح مضاد لفيروس كورونا، إلا أن روسيا أعلنت مؤخرًا أنها قد توصلت إلى اللقاح "سبوتنيك في"، وأنها تقدمت لمنظمة الصحة بطلب لاعتماده، كما أعلنت الصين أن لقاحها ضد الفيروس سيخرج للنور مطلع العام المقبل، وأنها ستتقدم لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية لاعتماده. وبينما تتوق البشرية جمعاء إلى لقاح يخلصها من ذلك الوباء اللعين، دار جدل بين الدول الأربع العظمى أمريكا و الصين و روسياوألمانيا، خلال الشهور الماضية منذ ظهور الوباء، حول أسبقية وقدرة كل منها لتوفير اللقاح وإتاحته، فلم يهدأ العلماء بكل تلك الدول وظلت مختبراتهم ومعاملهم التحليلية تعمل ليل نهار لاكتشاف التركيبة الأمثل للقاح. اللقاح الأمريكي في الولاياتالمتحدة ، بدأ الرئيس دونالد ترامب في الحديث عن قرب توصل بلاده إلى لقاح ضد الفيروس، واتخذ من ذلك وسيلة للدعاية الانتخابية قبل أسابيع من السباق الرئاسي الذي من المفترض أن تعلن نتائجه خلال الساعات المقبلة، ما جعل منافسه الديمقراطي جو بايدن يرد عليه قائلا، إن الاستعجال في خروج اللقاح للنور قد يكلف الملايين من الأبرياء خسارة حياتهم، وحتى انطلاق عملية الاقتراع لم يخرج لقاح واشنطن إلى النور، حتى أن كبير خبراء مكافحة الأمراض المعدية في الولاياتالمتحدة أنتوني فوتشي، توارى عن الظهور مؤخرًا، فيما أعلن مسئولون بالبيت الأبيض، أن الولاياتالمتحدة لن تستطيع السيطرة على تفشي الوباء وذلك بعد إصابة ترامب نفسه وزوجته ميلانيا وعدد من المسئولين بالإدارة الأمريكية بالفيروس. اللقاح الصين ي الصين باعتبارها مصدر الوباء من الأساس، حملت على عاتقها البحث عن لقاح مضاد له، وجيشت علماءها ومعاملها للوصول إليه بسرعة ودقة قبل الموجة الثانية من الوباء المتوقعة في شهر الشتاء، وفي شهر سبتمبر الماضي، أعلنت شركة عقاقير صينية، أن اللقاح "كورونا فاك" سيكون جاهزًا بحلول أوائل 2021، للتوزيع على الصعيد العالمي، بعدما تم توزيعه على النطاق المحلي وأثبت نجاحًا، وأنها تنتظر حتى انتهاء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على البشر حتى تتقدم بطلب لهيئة الدواء الأمريكية المنوط بها اعتماد أي لقاح. اللقاح الروسي أما في موسكو، فإن العلماء الروس قد نشروا نهاية أكتوبر تقريرًا بدورية لانسيت الطبية، بشأن نتائج لقاح كورونا "سبوتنيك في"، مؤكدين أنه أظهر استجابة مناعية لمن حقن به، وطور أجسامًا مضادة لمحاربة الفيروس دون التعرّض لأي آثار جانبية خطيرة، ما جعل الحكومة تمنح رخصة لاستخدامه محليًا منذ أغسطس الماضي لتكون الدولة الأولى التي تقوم بهذه الخطوة. ولكن الانتقادات التي وجهت للعقار الروسي أكدت على لسان خبراء غربيين، أن التجارب كانت أصغر من أن تثبت فعاليتها وسلامتها، مبدين قلقهم من سرعة عمل الروس، ورجحوا أن الباحثين اختصروا الطريق أثناء عملهم، ورد عليهم الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي قائلا، إن "اللقاح تجاوز جميع التجارب المطلوبة وإنه أعطاه لواحدة من بناته". ويستخدم اللقاح الروسي سلالات معدّلة من الفيروس الغدي، الذي يسبب عادة نزلات البرد المألوفة، لتحفيز استجابة المناعة، وقال وزير الصحة الروسي ميخائيل موراشكو، إن البلاد ستبدأ باستخدام اللقاح بدءًا من نوفمبر الجاري أو ديسمبر المقبل، مع التركيز على الفئات المعرضة للخطر. وعلى سبيل الفكاهة، نشرت صفحة معجبي الرئيس بوتين على موقع التواصل "فيسبوك" صورة له وهو يمتطى دبا قطبيا ضخما في إشارة إلى روسيا ، ويستطيع توجيهه بسهولة، وذلك مع نص يقول: "كما مهدّ القمر الاصطناعي السوفيتي الطريق للبشرية للوصول إلى الفضاء، سيمهد الآن اللقاح الروسي الطريق لمستقبل خال من وباء كوفيد-19 والكمامات والتباعد الاجتماعي"، ما جعل البعض يقول إنها "مبالغة لا دليل عليها". وكانت آخر التحركات الروسية في مجال تطوير اللقاح، ما أعلنه صندوق السيادة الروسي منذ ساعات، أن موسكو قدمت طلبًا إلى منظمة الصحة العالمية للتأهيل المسبق لأول لقاح أعدته ضد فيروس كورونا المستجد والمسمى "سبوتنيك في"، تيمنًا بأول قمر صناعي أطلق في عهد السوفيت والذي حمل الاسم نفسه. اللقاح الألماني ألمانيا دخلت على الخط هي الأخرى، حيث نشر موقع إذاعة غرب ألمانيا العامة "SWR"، تصريحًا لأوغور شاهين، رئيس مجلس إدارة شركة بيونتيك، منذ يومين، بأن الاختبارات السريرية الحالية تحمل نتائج إيجابية، وأنه في حالة التأكيد على نجاحها، فإن الحصول على تصريح بتسويق الدواء سيكون قريبا جدًا، متوقعًا أن تظهر البيانات الأولى للقاح منتصف نوفمبر الحالي. اللقاح الألماني، طورته شركة بيونتيك من معاملها في مدينة ماينز باختبار مشترك مع شركة فايزر الأمريكية، ويأمل الباحثون في الحصول على نتائج إيجابية بشكل أسرع، كما يسعون لمعرفة ما إذا كانت اللقاحات قد تساعد على حماية الأشخاص المعرضين لخطر العدوى أكثر من غيرهم، مثل سائقي الحافلات أو المواصلات، على اعتبار أنهم يخضعون لهذه الاختبارت أكثر من غيرهم، لكونهم على تواصل مستمر ويومي مع الناس. البرازيل وجهة مثالية اللافت في الأمر، أن الدول الأربع توجهت إلى البرازيل لإجراء تجارب على اللقاح بين المرضى هناك، خصوصًا بعد تفشي الفيروس بشكل كبير مؤخرًا، وفقًا لوزارة الصحة البرازيلية، التي أكدت أن عدد الإصابات قد وصل إلى حوالي 5.5 مليون حالة إصابة بالفيروس، وأكثر من 158 ألف حالة وفاة، وبحسب هذه الأرقام تعد البرازيل ثاني دولة في تسجيل أكبر عدد وفيات بسبب الفيروس في العالم، تتقدمها الولاياتالمتحدة التي تحتل المرتبة الأولى. في حين ذكر مسئول الشركة مطورة اللقاح الصين ي، إن التجارب السريرية التي تجريها الشركة حاليًا تشمل 24 ألف شخص في البرازيل وتركيا وإندونيسيا، ومن المقرر إجراء تجارب إضافية في بنجلاديش وربما تشيلي، وأن سبب اختيار تلك الدول أنها شهدت تفشيا خطيرا للفيروس، إضافة إلى تعدادها السكاني الضخم ومحدودية القدرة على البحث والتطوير، كما ذكر المسئول الألماني، أن تجارب اللقاح المنتج من معاملة بلاده تتم في البرازيل، فيما أعلن مسئول روسي أن بلاده تقدمت بطلب لإجراء تجارب بالدولة نفسها. من جانبها، أعلنت كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية ، سوميا سواميناثان، مؤخرًا أن العاملين في مجال الصحة وأولئك الأكثر عرضة للخطر بسبب فيروس كورونا المستجد ستكون لهم الأولوية في تلقي اللقاح في حالة جاهزيته من أي دولة. وقالت سواميناثان: "يتفق معظم الناس على أن التطعيم لا بد أن يبدأ بالعاملين في مجال الرعاية الصحية والعاملين في الخطوط الأمامية مع مرضى كوفيد-19، لكن نحتاج أيضا إلى تحديد أي منهم هو الأكثر تعرضًا للخطر، ثم كبار السن".