وزير التعليم يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة طنطا    وزيرة التخطيط في الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    الدوري الإنجليزي.. ويستهام يتقدم على ليفربول في الشوط الأول    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    ضبط معسل مغشوش وتحرير مخالفات للمخابز في الفيوم    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    محافظ كفرالشيخ: استلام 47 ألف طن بشون وصوامع الأقماح    مصر تستهدف بيع أصول حكومية قيمتها 3.6 مليار دولار بالعام المالي المقبل    «الجارديان» عن مسؤول أممي: العدوان الإسرائيلي على غزة خلف 37 مليون طن من الأنقاض    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    وزير الصحة يهنئ إيهاب هيكل ومجلس «أطباء الأسنان» للفوز في انتخابات النقابة    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    طبيب نفسي يوضح الأسباب وراء قضية مقتل طفل شبرا    الإعدام والمؤبد للمتهمين باللجان النوعية في المنوفية    وزيرة التضامن: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الليلة.. أصالة تلتقى جمهورها فى حفل بأبو ظبي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    التنمية المحلية: تدريب 2034 قيادة علي منظومة التصالح في مخالفات البناء بالمحافظات    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    حان وقت الصفقة.. تحرك جديد لعائلات الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    بيان عاجل لهيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة ويأثم فاعله    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    الكشف على 165 مواطنًا خلال قافلة طبية بالزعفرانة وعرب عايش برأس غارب    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاط الخلل

عمليا لا يوجد على الأقل حتى الآن ما يضمن ويحول دون تكرار حوادث الطعن والذبح المروعة في فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية، التي ينفذها إرهابيون مدون في هويتهم الشخصية أنهم مسلمون، انتقامًا للإساءة لنبي الرحمة والتسامح والتعايش السلمي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، بواسطة الرسوم المسيئة بدعوى حرية التعبير.
بالتأكيد سوف تسارع بالتساؤل عن السبب الجوهري الذي يقوم عليه هذا الاستنتاج المزعج غير المبشر، وسأجيبك مباشرة وببساطة متناهية أن الحضارتين الإسلامية والغربية لم تنجحا بعد في استيعاب وهضم حقائق ومخرجات الوقائع السابقة المماثلة على كثرتها ومن ثم بقاء نقاط الخلل على حالها بدون علاج ناجع واستمرار اتساع الفجوة الشاسعة بين الجانبين.
أخطر نقاط الخلل وأشدها وطأةً وخطرًا الاعتقاد الراسخ الذي لا يتزعزع لدى كل طرف أنه صاحب الحق الناصع واليد العليا في معادلة العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، ويجيز له هذا الحق فرض منطقه وتصوراته ومفاهيمه كاملة، وما على الطرف الآخر سوى قبولها صاغرًا وبلا ضجيج مهما كانت درجة شططها وغرابتها.
فالغرب يتبنى منظورًا أساسه أنه حامي حمى الديمقراطية وحرية التعبير غير المحدودة بسقف يُراعي ويحترم أديان ومقدسات الآخرين، وأن مهمته المقدسة تصدير هذه البضاعة لشعوب الأرض على اختلاف مشاربهم، بينما يعتقد كثير من المسلمين جازمين أنهم ضحايا لاضطهاد ومكائد الغرب الذي يُكن كراهية شديدة للإسلام ومعتنقيه ويحاربه، وأنه يجوز لهم الرد على ذلك بالعنف والترويع والإرهاب وجز الرقاب، والنموذج الدال على ما سلف تغريدة مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق الذي أباح فيها للمسلمين ضمنيا ذبح الفرنسيين!
يتلازم مع نقطة الخلل تلك أخرى مفادها تهرب كل طرف من الإقرار بنصيبه المعلوم من المسئولية فيما آلت إليه الأمور من تردٍ وبشائع، ألقت بظلالها الكثيفة على علاقة الغرب بالعالم الإسلامي، إذ إن الغربيين يتحاشون الاعتراف بأنهم ربوا ثعابين سامة في عقر دارهم، بتوفيرهم ملاذات آمنة لثلة من المتطرفين والإرهابيين، لاستغلالهم كمخلب قط ضد دول عربية وإسلامية سعوا بليل لتغيير أنظمتها، وأن هؤلاء المتطرفين بدورهم ربوا أجيالًا مشوهة تشربت التطرف والقتل.
في المقابل، فإن المسلمين لا ينظرون إلى تعاملاتهم مع بعضهم البعض وما يكتنفها من عنف وتكفير للمخالفين في الرأي، وتنظيم "داعش" الإرهابي يمثل هذه الحالة المرضية، حتى لو قال أحدهم إن «داعش» لا يعبر عن جموع المسلمين والصورة الحقيقية للإسلام السمح، فقبل أن نشير بأصابع الاتهام إلى سين أو عين بالغرب لننظر بداية لأنفسنا وأفعالنا.
ومن بين الأفعال المقيتة والشاذة أن الآلاف من المسلمين يفرون من بلادهم للغرب بوسائل في الغالب غير شرعية، بحثًا عن معيشة ودخل أفضل، والمفترض أن الوافد يعيش بشروط وقواعد البلد الذي كافح وغامر للوصول إليه وليس العكس، لكن الجاليات المسلمة في القارة الأوروبية بخلاف انغلاقها وابتعادها عن الاندماج بمحيطها الاجتماعي فإنها وللغرابة تسعى لتبديل الإطار القيمي والأخلاقي والديني بما يتوافق مع تصورهم الديني الذي ليس بالضرورة يستند لأسس واستدلالات سليمة من صحيح الدين.
وعلينا الاعتراف بوجود خلل بين في أسلوب تنشئتنا لأطفالنا وشبابنا، فالعديد منهم يتربى على الانغلاق التام فلا مساحة للانفتاح ليس على معتنقي الأديان والمعتقدات الأخرى، وإنما على المؤمنين بنفس الدين لكونهم مختلفين في توجهاتهم ما بين سلفي وصوفي وسنة وشيعة .. إلخ، وفي المعية يتم تغذيتهم بشحنات لا تتوقف من التمييز والاستعلاء ونبذ الآخر.
أيضًا فإن من بين ما يعمق ويزيد من نقاط الخلل بين الغرب والمسلمين افتقار الطرفين لشخصيات شكلت في مراحل سالفة جسرًا للتواصل والتفاهم بين الحضارتين، فأين نعثر في زمننا هذا على أمثال طه حسين، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم، وأنيس منصور، والقائمة تطول، فهؤلاء تأثروا بالغرب وعلومه وعاداته الحميدة المساهمة في الارتقاء والتقدم ومغادرة مستنقع التخلف، وفي الوقت نفسه تمسكوا بقوة واعتزوا بهويتهم وحضارتهم الإسلامية والعربية وكانوا مشاعل نور أضاءت الطريق للقادمين من بعدهم لفهم واستيعاب الحضارة الغربية بمنأى عن التحيز والأحكام المسبقة التي تقود للتباعد وليس للتقارب وإيجاد نقاط تلاق.
وراجعوا بهدوء شديد آلاف المقالات والتقارير المنشورة بالصحافة الورقية أو بالمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بعالمنا العربي والإسلامي لتجدوا كمًا رهيبًا مفزعًا من المهاترات والمهازل وسكب البنزين على النار المشتعلة، والانسياق خلف هاشتاجات مقاطعة المنتجات الفرنسية التي يقف خلفها جماعة الإخوان الإرهابية وإمامهم الرئيس التركي أردوغان ، وشرعنة نحر آمنين يتعبدون لربهم في كنيسة إو أي مكان عبادة آخر، ولا تنسوا أن أصداء شحنات الغضب والتحريض تتردد في جنبات فرنسا وباقي بلدان القارة العجوز، وتستخدم كدليل لا يرقى إليه شك بوجود صلة وطيدة بين الإسلام والإرهاب.
والأزمة الحقيقية في قضية الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم تتمثل في عدم الالتفات من الجانبين لما سيترتب عليها من عواقب ومآس لا تعد ولا تحصى، فالذين أرسلوا التونسي « إبراهيم العويساوي » منفذ هجوم كنيسة مدينة نيس الفرنسية لو كانوا مسلمين حقا ويفهمون دينهم وتدبروا قليلًا ما سيلي تنفيذه لمذبحة ضد مدنيين لا جريرة ولا ذنب لهم لما أقدموا على فعلتهم الشنعاء، لأنها ستضر بالإسلام أكثر ما ستفيده وتدعم أركانه وصورته السمحة النقية.
ولو كان الرئيس الفرنسي ماكورن، تدبر ما سيعقب ما صدر عنه من تصريحات تصنف الإساءة لنبي الإسلام في خانة حرية التعبير لما تفوه بها من الأصل، واضطر لاحقًا للتراجع عنها تحت ضغط رد الفعل الغاضب من الدول الإسلامية، وللأسف اختار منبر قناة الجزيرة ليعلن تراجعه مع علمه بأن القناة القطرية أحد أبرز منابر الإرهاب والحض عليه، فالأديان ورسلها يجب أن تسمو وتعلو فوق العبث والتقديرات والحسابات الخاطئة، ورجاء اخمدوا النار قبل امتدادها وحدوث ما لا تحمد عقباه.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.