20 – بعد ثلاثة أسابيع من وقف إطلاق النار وتوقف هدير المدافع وأزيز الطائرات قامت لجنة عسكرية من الكونجرس الأمريكى بزيارة مواقع القتال على الجبهة المصرية خلال نوفمبر 1973، وأعدت تقريرا وافيا يمكن اعتباره أهم قراءة لوقائع و نتائج حرب أكتوبر من جانب شهود يتفاخر معظمهم بأنهم من مؤيدى إسرائيل ومن لا يخفون انبهارهم بقوتها العسكرية. وقد انتقيت أهم 10 نقاط وردت فى تقرير مطول جرى تسجيله فى 42 صفحة من حجم الفولسكاب، آملا أن تكون هذه النقاط كلمة أخيرة يسدل بعدها الستار بشأن الجدل الفارغ الذى أثارته تصريحات إسرائيلية غريبة وغير مسئولة بعد 47 عاما من صدور هذا التقرير لكى تشكك فى النصر العظيم لنا والادعاء بأن إسرائيل كسبت الحرب! إن عملية العبور التى تعد فى حد ذاتها مظهرا أكيدا لتطور القدرة القتالية المصرية ينبغى ربطها بعمليات التمويه والخداع المصرى قبل الذهاب إلى الحرب، وامتلاك قدرة هائلة على كتمان وإخفاء الاستعدادات والنوايا. إن اللجنة الأمريكية التقت بكبار القادة العسكريين المصريين فى مسرح العمليات، والذين فشلت معهم كل محاولات اللجنة لاستدراجهم للحديث عن تفاصيل خطة الخداع واكتفوا فقط بالحديث عن بطولات جنودهم خصوصا خلال الساعات الأولى الحاسمة فى عملية عبور القناة و السيطرة على خط بارليف . إن القادة العسكريين الإسرائيليين فى الجبهة المصرية اعترفوا لأعضاء اللجنة ببراعة خطة الخداع المصرية تحت ستار تكرار المناورات التدريبية أكثر من مرة والتى من خلالها نجحوا فى تحريك قواته وصواريخهم إلى حافة القناة. إن اللجنة الأمريكية ترى على ضوء ما سمعته من المصريين والإسرائيليين فى الجبهة أن أهم عوامل النجاح لدى المصريين لإنجاز العبور يتمثل فى السواتر الرملية التى شيدها المصريون على طول الجبهة ومكنتهم من إخفاء تحركاتهم من ناحية وزيادة قدرتهم على مراقبة الإسرائيليين على الناحية الأخرى. إن المصريين اتبعوا تكتيكا بارعا لإرباك الإسرائيليين وتشتيت جهودهم بأضخم عمليات إنزال لقوات الكوماندوز المصريين خلف الخطوط الإسرائيلية ودون أن يستتبع ذلك الإنزال أى ربط مع قوات العبور! إن لجنة الكونجرس شاهدت على امتداد المسافة بين القاهرة وقناة السويس ما يؤكد قوة الاستعدادات المصرية ولم يكن هناك كيلومتر واحد بين القاهرة والقناة يخلو من الصواريخ والدبابات والمعدات المتنوعة! إن كل الشواهد على الجبهة تؤكد ثقة المصريين فى أن الوقت فى صالحهم وأنهم مستعدون لكل الاحتمالات إذا نشب القتال مرة أخرى على عكس القوات الإسرائيلية التى لا تمتلك قدرة التحمل لاستمرار حالة التعبئة العامة بسبب أن غالبية قواتها من جنود الاحتياط. إن أهم نتائج الحرب يتمثل فى زوال خشية العرب من الذهاب إلى أى نوع للسلام بعد أن نجحوا فى استعادة شرفهم فى ساحة القتال. إن اللجنة الأمريكية رصدت فرحة وابتهاج المصريين بالغنائم التي حصلوا عليها خلال الحرب من إسرائيل ومعظمها أسلحة ومعدات أمريكية متقدمة جرى عرضها فى الحدائق العامة. إن اللجنة الأمريكية لم تجد أى دليل يثبت صحة مزاعم إسرائيل عن وجود أو مشاركة خبراء سوفيت فى الحرب ضدهم. ... وأظن أن هذه الشهادة الأمريكية تمثل إضافة متميزة لإطلالتنا هذا العام على الذكرى ال47 لنصر أكتوبر المجيد حتى تخرس ألسنة التشكيك! وغدا نستكمل الحديث [email protected] * نقلًا عن صحيفة الأهرام