عبدالله عبد السلام أفق جديد المادة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم، ولكن يمكن تحويلها من صورة لأخرى. هذه القاعدة العلمية تنطبق على الطبقة الحاكمة بلبنان. يصاب الاقتصاد بالشلل وينزلق غالبية المواطنين لمستوى الفقر ويطلبون الإعانة وتندلع احتجاجات غير مسبوقة مطالبة برحيل هذه الطبقة، ثم ينفجر ميناء العاصمة، فلا يحدث شيء. يتكيف السياسيون مع الأوضاع الجديدة، ويقتلون أمل التغيير.كل لبنان طاله الخراب والتردى إلا تلك الطبقة التى يمكث بعضها بالحكم منذ 30 عاما. وقبل ذلك، كان طرفا فى الحرب الأهلية. نسبة كبيرة من أفرادها احتلوا أماكنهم بسبب الوراثة أو الطائفية. يهاجر اللبنانيون، كلما ضاق بهم الحال وانسدت أمامهم الفرص. وحدهم السياسيون باقون يحكمون ويتقاسمون الكعكة، ويحجزون كراسى الحكم لأبنائهم وأقاربهم. قبل أيام، جرى تكليف سعد الحريرى بتشكيل الحكومة الجديدة بعد استقالته العام الماضى عقب احتجاجات شعبية كان شعارها: كلن يعنى كلن، أى رحيل جميع السياسيين. ساد اعتقاد بأن الاستقالة بداية إصلاح جذرى ينتشل البلد من كبوته بتسليم الحكم لحكومة اختصاصيين. جرى الالتفاف على الوعود وتفريغ حكومة حسان دياب من مضمونها ومصداقيتها كى تسقط. وعندما استقال دياب، جرى تكليف مصطفى أديب، فأفشل الفرقاء جهوده، ليتوافقوا بعد ذلك على تكليف الحريرى. عادت اللعبة لقواعدها القديمة والسياسة لأصحابها ومحترفيها. لم تذهب الطبقة السياسية إلى أى مكان خلال عام الاضطرابات والانهيارات. طأطأت رأسها للريح بينما تدبر المؤامرات علانية وفى الخفاء. أجهضت مبادرة ماكرون، وأدخلتها بدوامة التفسيرات والخلافات. أحرقت أوراق كل الدخلاء، لتبقى وحدها تواصل اللعب بالناس والوطن مدعومة من رعاتها بالخارج. للأسف، نجحت هذه الطبقة فى جعل نسبة معتبرة من اللبنانيين تدور بفلكها. لم يعد هناك إجماع، لا على الإصلاح أو الثورة أو الوطن نفسه. ثار التساؤل: هل كان قيام لبنان الكبير قبل 100 عام خطأ تاريخيا، وهل مازال قابلا للحياة؟. إلى أين ستقود هذه التداعيات والكوارث: انهيار البلد أو حرب أهلية أو ثورة إنقاذ وتغيير جذرى؟. لا هذا ولا ذاك. لبنان بالمدى المنظور سيظل كما هو، ولن يتغير، لأن حكامه يريدون ذلك؟. نقلا عن صحيفة الأهرام