«ويبقي الأثر»، مدحت صالح يختتم مؤتمر انتخابي لحماة الوطن بالقليوبية    وزارة التعليم تعلن تفاصيل وشروط صرف حافز التدريس للمعلمين    انطلاق المفاوضات الحكومية المصرية الألمانية لتعزيز الشراكة الاقتصادية في برلين    قطع الكهرباء عن عدة مناطق ببني سويف غدًا لهذا السبب    أمين عام حزب الله اللبناني: الوصاية الأمريكية على لبنان خطر كبير جدا    أن تسلبك إسرائيل وظيفتك الصحفية    منتخب مصر يبحث عن الهدف الثاني بمرمى كاب فيردي بعد 70 دقيقة    مصرع شخصين بحادث تصادم بمنطقة القبارى فى الاسكندرية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالغربية    17 ديسمبر، أولى جلسات استئناف محمد رمضان على حكم حبسه سنتين بسبب أغنية رقم واحد    «ترندي» يسلط الضوء على لقاء مجدي يعقوب ومحمد صلاح والحالة الصحية لعمر خيرت    بالصور.. جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تنظم ندوة "عودة الوعي الإسلامي الرشيد لشباب الجامعات" بحضور مفتي الجمهورية    وزير الصحة يبحث مع معهد NICE تطوير منظومة تقييم التكنولوجيا الصحية    القبض على المتهم بقتل شخص فى حدائق القبة    وكيل «تشريعية الشيوخ»: الرئيس السيسي ركيزة استقرار هذا الوطن    الحكومة تدرس مقترح بتشكيل لجنة لتعزيز الهوية الوطنية بالمناهج الدراسية    مسؤول بالبيت الأبيض: ترامب لم يتخذ قرارا حتى الآن بمهاجمة فنزويلا برا    توم كروز يروي أسرار طفولته وحبه الأول للسينما    غيرت عملة لشخص ما بالسوق السوداء ثم حاسبته بسعر البنك؟ أمين الفتوى يوضح    مواصفة امتحان اللغة الإنجليزية لطلاب الإعدادية للفصل الدراسي الأول    كيف تغير الموسيقى مزاجك؟.. دليلك لاختيار الأغاني المناسبة    الأرصاد: غدا طقس مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا والعظمى بالقاهرة 26    "هنو" و"حبشي" يتفقدان قصر ثقافة بورسعيد للوقوف على الأعمال المطلوبة لتطويره    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مدينة جمصة والمنطقة الصناعية    الوطنية للانتخابات: قد نُلغِي الانتخابات كليًا أو في دوائر محددة إذا ثبتت المخالفات    قرار جديد بشأن المتهمين في قضية خلية الهيكل الإداري    وزيرة التضامن ومحافظ الفيوم يتفقدان مشروع خدمة المرأة العاملة بالحادقة    "من أجل قلوب أطفالنا"، الكشف الطبي على 288 حالة في مبادرة جامعة بنها    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    إيران تلجأ إلى استمطار السحب والصلاة لإنهاء الجفاف المدمر في البلاد    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    مولاي الحسن يحتضن مباراة الأهلي والجيش الملكي    هبوط المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 0.35% بختام تعاملات جلسة الإثنين    شيخ الأزهر يستقبل وزير التعليم العالي التشادي ويناقشان تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    شاهد مناورة ودية.. "بث مباشر" مباراة مصر والجزائر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    تشكيل منتخب مصر المشارك في كأس العرب لودية الجزائر    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    الجيش الملكي يعلن تغيير ملعب مباراته أمام الأهلي.. اعرف السبب!    المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية في التحقيقات : صليت العصر وروحت أقتله    وكيل تعليم بني سويف تتابع انتظام الدراسة بمدارس المحافظة    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    «العمل» تكثف التفتيش على 668 منشأة وتمهلها لتصويب العقود    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التركية العثمانية وأنهار الدماء (5)
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 09 - 2020

كان عثمان خان الثانى، ابن السلطان أحمد الأول ، إلاَّ أن الانكشارية سرعان ما عزلته فى 20 مايو 1622م ، وولوا مكانه السلطان المعزول مصطفى خان الأول بيد أن الانكشارية لم تكتف بعزل السلطان عثمان خان الثانى، وإنما هاجموا قصره، وانتهكوا حرماته, وقبضوا عليه بين جواريه وزوجاته، وقادوه إلى ثكناتهم، موسعين إياه سبًّا وشتمًا وإهانة، مما لم يسبق له مثيل فى الدولة العلية على حد تعبير الأستاذ محمد فريد، ثم نقلوه إلى القلعة المعروفة بذات السبع قلل، حيث كان بانتظاره داود باشا وعمر باشا الكيخيا وقلندر أوغلى وغيرهم، فقتلوه وهو لما يزل فى الثانية عشرة من عمره، وليصير الحكم ألعوبة فى يد الانكشارية ينصبون من الوزراء من يشاءون، ويعزلون من يشاءون، والسلطان مصطفى خان الأول لا حول له ولا قوة، فهم الذين أعادوه إلى السلطنة، وشاعت الاضطرابات، وأمعن الانكشارية فى النهب والسلب والقتل، حتى لم يجد الأهالى بدًّا من اللجوء إلى كمانكش على باشا، وعينوه صدرًا أعظم لخبرته واستعداداته، فأشار بعزل السلطان مصطفى ثانيةً، لثبوت ضعف عزيمته ووهن عقله، فعزلوه فى 11 سبتمبر 1623 م، وولوا مكانه السلطان الغازى مراد خان الرابع . كان الانكشارية هم الذين ولوا السلطان السابع عشر مراد خان الرابع ، بعد عزل عمه مصطفى الأول ابن السلطان محمد الثالث، واختاروه لحداثة سنه، حتى لا يقوى على معارضة استبدادهم أو مقاومة نفوذهم الذى اكتسبوه بقتل سلطان وعزل غيره، ولذلك استمروا مدة العشر سنين الأولى من حكمه على غيهم وطغيانهم. ومع هذا الانحدار، ووهن الدولة إزاء هذه الاضطرابات، انتهز الفرصة الشاه عباس ملك العجم، لتوسيع أملاكه على حساب حدود الدولة العثمانية ، وما كان قد حققه السلطان الغازى سليمان القانونى .
ويروى محمد بك فريد أنه فى غضون ذلك أصدر السلطان أمرًا بعزل خسرو باشا وإعادة حافظ باشا إلى منصب الصدر الأعظم، إلاَّ أن المعزول سعى لإثارة الجند، وزعم لهم أنه لم يُعْزل من منصبه إلاَّ لمساعدته لهم، فثاروا وهاجوا وماجوا وطلبوا إعادة الصدر المعزول إلى موقعه، فلما لم يجبهم السلطان إلى طلبهم، ساروا إلى القسطنطينية فى ثورة عنيفة، واقتحموا السراى السلطانية فى 18 رجب 1041 ه / 9 فبراير 1632م، وقتلوا رغم تدخل السلطان الصدر الأعظم حافظ باشا، فانتفض السلطان يدافع عن كيانه، وأمر بقتل خسرو باشا محرك هذه الفتنة، وأظهر السلطان عزمًا، فجعل يسائل رءوس الانكشارية، وغيرهم ممن هيجوا الخواطر، وصار يقتل كل من يثبت فى حقه أى مساهمة فى هذه الفتنة، وقتل رجب باشا الذى سعى لتجديد ثورة الانكشارية، وألقى بجثته من نوافذ القصر حتى يراها المتجمهرون، وقد كان أن سكنت الخواطر، وعزف الناس عن تأييد الانكشارية، ثم إن السلطان أمر والى دمشق بمحاربة فخر الدين أمير الدروز وإدخاله فى طاعة الدولة، فنجح الوالى فى مهمته، وأرسل فخر الدين وولديه إلى القسطنطينية حيث احتفى السلطان بهم، ولكن ما إن بلغه أن أحد أحفاد فخر الدين ثار ثانية ونهب بعض المدائن بالشام، حتى أمر السلطان بقتل الأمير فخر الدين وولده الأكبر فقتلا، وامتثل الدروز للطاعة، وإن بقيت الإمارة فى ذرية فخر الدين نحو مائة سنة, ثم انتقلت إلى عائلة شهاب التى منها الأمير بشير الشهير الذى شارك فى حروب إبراهيم باشا ابن محمد على باشا.
لم يتوقف تراجع الدولة العثمانية ، مثلما لم يتوقف الإمعان فى الاستبداد، وفى إراقة الدماء. فبعد ثورة الانكشارية وقتلهم الصدر الأعظم حافظ باشا، وثورة فخر الدين الدرزى، ثم وفاة السلطان السابع عشر مراد خان الرابع فى 16 شوال 1049 ه/ 9 فبراير 1640م، آل الحكم إلى السلطان الثامن عشر إبراهيم خان الأول ، وهو ابن السلطان أحمد الأول ، ومع عنايته بالفتوح، فإنه بعد فتح مدينة غرناطة وأغلب الجزيرة سنة 1646م/ 1056 ه، ومحاصرته التى لم تفلح لمدينة كنديا عاصمة الجزيرة، أراد أن يفتك برءوس الانكشارية الذين عانت البلاد والأمة منهم كثيرًا، ورتب لإتمام ذلك فى ليلة زفاف إحدى بناته على ابن الصدر الأعظم، فعلم الانكشارية بالأمر، واجتمعوا بمسجد يقال له أورطة جامع، وانضم إليهم بعض العلماء والمفتى، وقرروا عزل السلطان إبراهيم خان الأول ، وتولية ابنه محمد الرابع الذى لم يكن قد أتم السابعة من عمره، ولكن طائفة السباه أظهروا عدم ارتياحهم للملك الطفل، وطلبوا إعادة السلطان إبراهيم إلى العرش، فخشى رؤساء العصابة التى عزلته من انتقامه إذا عاد، فصمموا على قتله، فساروا إلى السراى ومعهم الجلاد (قرة على)، حيث قتلوه خنقًا كما سبق أن قتلوا السلطان عثمان الثانى.
ومن عجائب الدولة العلية: التركية العثمانية، وهى عجائب لا تنتهى، أن وضعوا على دست الحكم طفلاً فى السابعة من عمره، وهو السلطان الطفل محمد خان الرابع، وهو التاسع عشر فى سلسلة سلاطين الدولة العلية التركية العثمانية. ثم تنصيبه على عرش السلطنة فى 8 أغسطس سنة 1648 م، ولصغر سنه، وقعت البلاد فى فوضى عارمة، وسعى الجنود فى الأرض فسادًا، وبلغت الحالة من السوء ما كانت قد وصلت إليه قبل تولى السلطان مراد الرابع، بل ما هو أسوأ وأتعس، وتوالت الثورات، تارة من الانكشارية، وطورًا من السباه، وآونة من الأهالى، وقد حاول الوزير محمد باشا الشهير بكوبريلى الذى تولى منصب الصدارة، تدارك الأمور، فاشتد فى معاملة الانكشارية، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، وأمر بعد تعيينه بقليل بشنق بطريرك الأروام لتداخله فى الدسائس والفتن الداخلية، ويحسب له الأستاذ محمد فريد فى كتابه الدولة العلية أنه استصدر أمرًا من السلطان بمنع قتل سلفه الذى كان قد أمر بقتله! بل وعينه واليًا على كانيشه بيد أن الأمور سرعان ما تعود إلى سفك الدماء فى دولة الخلافة العلية!
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.