عقود من الفوضى سادت ملف التخطيط العمراني في مصر، الأمر الذي جعل من ملايين المواطنين يعيشون في بؤر عشوائية عانت من فقر الخدمات والضغط على المرافق والبنية التحتية، مما كان يستوجب إيجاد حلا عاجلا . يقول محمد الحصي، عضو مجلس النواب، ووكيل لجنة الإسكان في البرلمان، إنه يشعر بالامتنان للقيادة السياسية بعد قراراتها الحكيمة التي أخذت بالحد الأدنى لغرامات التصالح في مخالفات البناء وفي مخالفات البناء على الأرض الزراعية. وأوضح الحصي في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أنه عندما قررت الحكومة اقتحام ملف المخالفات في البناء سواء في المناطق العمرانية أو على الأرض الزراعية، وتم البحث عن حل لتلك الأزمة واجه البرلمان ولاسيما لجنة الإسكان إشكالية كبيرة تعلقت بحجم الثروة العقارية المصرية. وأضاف الحصي: "كانت حجم الثروة العقارية المصرية تقدر ب3 ونصف مليار جنيه"، موضحا أن فلسفة القانون التي توافق عليها الحكومة ومجلس النواب كانت في ضرورة الحفاظ على تلك الثرورة العقارية بشتى الطرق والوسائل. وتابع: "كانت هناك أزمة حقيقية تمثلت في أن شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والغاز والاتصالات وغيرها كان مخططا أن يتم استبدالها في عام 2050 ولكن بسبب العشوائيات تم استهلاك تلك الشبكات". وأشار إلى أن القانون نص على أن يتم تخصيص 35 في المائة على الأقل من قيمة الغرامات التي سيتم تحصيلها لتطوير وتحديث الخدمات في تلك المناطق لاسيما شبكات الكهرباء والصرف الصحي والمياه. ولفت وكيل لجنة الإسكان، إلى أن إشكالية ذلك القانون في أن بعض التنفيذيين غالوا في فرض الغرامات على المخالفات، مشيرا إلى أن مجلس النواب طالب بالمرونة في التعامل مع المخالفات. واستطرد قائلا: "ما حدث اليوم من رئيس الوزراء بتوجيهات من رئيس الجمهورية هو ما نادى به النواب، موضحا أن الرئيس ألزم الحكومة بتحصيل الغرامات في حدها الأدنى". وأكد أن تلك الغرامات التي سيتم تحصيلها ستعود فوائدها على المواطن داعيا الجميع إلى احترام دولة القانون التي ننادي بها جميعا. واختتم الحصي تصريحاته بالقول: "قيمة الغرامة بعد تعليمات رئيس الجمهورية لا تعادل قيمة الرخصة التي كان سوف يستخرجها صاحب العقار"، مشيرا إلى أن الشهادة التي سيحصل عليها المتصالح تعد بمثابة رخصة تمكنه من التعلية إذا سمح القانون أو الإزالة وإعادة البناء بشكل أكثر حضارية من الوضع العشوائي الذي نعاني منه الآن. ورغم أن القوانين السابقة التي لم تفعل كانت تنص على ضرورة الإزالة الفورية للمخالفات في البناء، ولاسيما تلك المبنية على الأراضي الزراعية، عمدت الدولة في قانون فلسفة التصالح إلى الموائمة بين تحقيق مصلحة المواطن واستفادة الدولة من تلك المخالفات لإعادة هيكلة العشوائيات لاستغلال قيمة الغرامات في مد المرافق والبنية التحتية لتلك المناطق. وهو ما اعتبره المهندس مجدي ملك، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، فلسفة قانون التصالح في مخالفات البناء بمثابة انحياز تام من القيادة السياسية للفقراء والبسطاء ومحدود الدخل والطبقة المتوسطة. وأوضح ملك في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أن القانون كان في السابق ينص على الإزالة الفورية والتامة لجميع المخالفات التي تتم على الأرض الزراعية، مشيرا إلى أن الإشكالية كانت أن الأنظمة السابقة تغمي عينها عن تلك المخالفات رغم أنها كانت تراها جيدا. وأكد أن قيمة المخالفة التي حددها القانون بخمسين جنيها للمتر لا تعادل في مجملها ثمن الغرامة التي ينص عليها القانون عند التصالح مع الأبنية المخالفة في المناطق العمرانية، مشددا على أن الدولة حاولت الحفاظ للمواطن على استثماراته الشخصية وعدم هدمها. وأشار ملك، إلى أن هذا الملف كان شائكا للغاية، وأن دولة مصر الحديثة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، يحسب لها أنها اقتحمت هذا الملف، موضحا أن اقتحام هذا الملف له سبب رئيس يتمثل في رغبة الدولة في تقديم خدمات حقيقية للمواطنين. ولفت وكيل لجنة الزراعة في البرلمان، إلى أن هناك مناطق عشوائية تركتها الأنظمة السابقة لعقود تتمد دون أن تقدم لها أية خدمات حقيقية، مشيرا إلى أن الرئيس يسعى لأن يحيا المواطن حياة كريمة في خدمات من دولة تحترمه وتقدره. وشدد على أن تلك الخدمات لا يمكن أن تقدم للمواطن في ظل استمرار حالة العشوائية في البناء، داعيا الجميع إلى احترام دولة القانون التي نحلم بلها جميعا. وأضاف: "كلنا نتمنى دولة يسودها القانون لا مجال فيها للمحسوبية وللفساد ولكن هناك مجموعات الشر وجماعات الفساد في بعض الدوائر الرسمية لا تريد لهذا الوطن أن يتقدم". واختتم ملك تصريحاته بالقول: "أطالب الجميع باحترام القانون واحترام رغبة الدولة الصادقة في تطوير بلادنا من أجل أجيال أفضل حظا من تلك الأجيال التي تعيش الآن والتي تحصد نيران فساد عقود ماضية". جدير بالذكر، أنه رغم القيمة العالية لمد المرافق وإعادة صيانة وهيكلة شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، فإن تعليمات القيادة السياسية ألزمت الإدارات التنفيذية بتخفيض قيمة الغرامات إلى الحد الأدنى وهو ما يفند الشائعات التي تستهدف الدولة بحسب الخبراء والنواب. وعن ذلك يقول النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن قانون التصالح ب مخالفات البناء فرصة ذهبية لجميع المصريين، والتسهيلات الحكومية التى تقدم عليه بشكل يومي من القيادة السياسية والحكومة والتى كان آخرها تعميم رسم ال50جنيهًا للتصالح فى الريف تؤكد جدية الدولة فى الإصلاح وردع كل صور البناء العشوائي فى مصر. وأكد في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام"، أن هناك طابور خامس يستهدف الدولة المصرية وقيادتها السياسية، موضحا أن الشائعات التى روجت حول تطبيق القانون فى البداية هي التى عطلت الاستفادة الكبيرة منه علي مدار الفترة الماضية، خاصة أن القانون ذو فلسفة إصلاحية من أجل المواطن. ولفت وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إلي أن التسهيلات التي أعطتها الحكومة لم تقتصر على تفعيل الحد الأدني بكل القري والريف فى مصر حتى وصلت إلى 50 جنيها للمتر، وإنما شملت تخفيضات في الغرامات ب23 محافظة من أصل 27 محافظة في عموم الجمهورية من شأنها أن تشجع المواطن. وتابع: كما أن هناك ميزة إضافية منحتها القيادة السياسية للمواطن تتمثل في تخفيض 25% للراغب في تسديد قيمة الغرامة بشكل فوري أو تقسيط الغرامة على 4 سنوات. واختتم حديثه بالتأكيد علي ضرورة أن يدرك جميع المواطنين أن هذه فرصة لن تتكرر وعليهم الاستفادة منها فى ضوء المرونة التى تتعاطي بها الحكومة، وتضع كل الإعتبارات الخاصة بالأسعار لديها، وتعمل علي تقديم تسهيلات بشأنها، مشيرا إلي أن البناء العشوائي فى مصر آفة والحسم والردع معه لصالح الأجيال القادمة ومستقبل مجتمعنا المصري. وأجمع النواب على أن القانون يمثل فرصة ذهبية للمواطن وللدولة لاقتحام ملف العشوائيات والمخالفات بما يؤدي في النهاية إلى إعادة صياغة تلك المناطق بشكل حضاري من خلال توفير الخدمات الضرورية التي يحتاج إليها المواطن.