حوار خاص مع قائد المنطقة الغربية العسكرية على شاشة التلفزيون المصري    عصام كامل يكشف الرسائل الواضحة التي وجهها السيسي لإسرائيل في خطابه (فيديو)    رئيس جامعة طنطا يتابع انتظام العملية التعليمية بكلية التجارة    نائب محافظ مطروح يشهد احتفالية الثقافة والأزهر بذكرى انتصارات أكتوبر    كواليس الإطاحة بعلاء عابد من ترشيحات مجلس النواب    التموين: إعادة تأهيل مصنع بنجر السكر في تونس بطاقة إنتاجية تصل إلى 4 آلاف طن يوميًا    ضخ دماء جديدة فى القطاع ..وزير البترول يصدر حركة تنقلات محدودة    أسعار الحديد اليوم الاثنين 6-10-2025 في الدقهلية    تفاصيل فتح باب التقديم عبر منصة "الإيجار القديم 2025" للحصول على وحدات بديلة لمدة 3 أشهر إلكترونيًا أو بالبريد    عاجل- قيس سعيّد يشيد بجهود مصر والرئيس السيسي في وقف الحرب بغزة ودعم القضية الفلسطينية    عمرو موسى يكشف عن المهمة الصعبة لخالد العناني بعد فوزه بمنصب المدير العام لليونسكو    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    عفت السادات: السعودية لعبت دوراً تاريخياً في حرب أكتوبر وتواصل دعمها لليوم    أوربان لأوكرانيا: الابتزاز لن يساعد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي    عرض خيالي من ريال مدريد لحسم صفقة نجم مانشستر سيتي    تطورات الحالة الصحية ل إمام عاشور في الأهلي    عبدالرحمن يونس يحرز برونزية بطولة العالم لرفع الأثقال 2025    مجلس إدارة الأهلي يعتمد أوراق المرشحين في انتخابات النادي    اعترافات مروج قطع أثرية مزيفة على السوشيال ميديا بعد ضبطه في القاهرة    ملتقى سيني جونة يعقد حوارا مع النجم التركي كان أورغنجي أوغلو 22 أكتوبر    محمد رمضان يرد على الجدل المثار حول أغنية "رقم واحد"    ختام الدورة ال41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي.. احتفاء بالسينما وانتصارات أكتوبر    بفستان جرئ.. مايان السيد تبهر الجمهور في أحدث ظهور    هل يتغيرالمؤسس عثمان في الموسم السابع؟.. كل التفاصيل عن عودة المسلسل الأشهر على ATV والفجر الجزائرية    علاء مرسي: «الطريق إلى إيلات» أهم أعمالي واستلامي جائزة من المشير طنطاوي شرف كبير    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    10 أطعمة تساعد على حرق الدهون أثناء النوم    أفضل 3 فواكه طبيعية لتحسين النوم والتخلص من الأرق    الوثائقية تكشف أسرار الجمسي مهندس الحرب والسلام احتفاءً بنصر أكتوبر المجيد    عندهم شرف ويقفون بجانب الغلبان.. 5 أبراج تتمتع بصفات نبيلة (هل أنت منهم؟)    «الطفولة والأمومة» يهنئ الدكتور خالد العناني لفوزه بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    جيل يتحدث مع الآلة    مسئولون: ترامب يدرس خفض عدد طلبات اللجوء المقبولة إلى 7500 طلبا خلال العام الحالي    الأهلي يفوز على الأولمبي في دوري المرتبط للسلة    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل استئناف المتهم بقتل شقيقه فى الجيزة على حكم المؤبد لجلسة 6 نوفمبر    ذا أثلتيك تكشف طبيعة إصابة ريس جيمس    ادوارد ولبيب يحسمان مصير فيريرا مع الزمالك (خاص)    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    «العمل» تعلن 720 فرصة عمل بسلسلة محلات شهيرة    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    الهيئة العامة للرعاية الصحية تطلق الحلقة الثامنة من حملة دكتور/ شامل    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    رضا عبد العال: صفقات الزمالك هذا الموسم الأفضل في تاريخه.. وبيزيرا يتفوق على كينو    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    طقس الإسكندرية اليوم.. استقرار في الأجواء والعظمى تسجل 28 درجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحبكم .. من خلف الكمامة
نشر في بوابة الأهرام يوم 12 - 06 - 2020

أنا رجل عادةً ما يميل للصمت، وجاءت الكمامة ليزداد صمتا، ويبدو أكثر بُعدا. لكنى لا أدرى لماذا أستيقظ اليوم وقلبى يريد أن يحكى:
إنى، خلف صمتى، أحبكم، ورغم الكمامة الطبية ومراعاة البُعد الاجتماعى ، تختلط أنفاسى بأنفاسكم، لأننا نتنفس نفس الأشواق؛ نفس الحلم بعالم سعيد، يسوده الحب والعدالة والسلام والأمان. حتى الخُطاة منا والعتاة، وحتى الأدنياء والفاسدون، بعضهم يضمر سراً فى أعماقه نفس الشوق لذلك العالم/الحلم، وإن كانت أفعالهم تحول دون أن نراه واقعاً، بل وتأتى بدلاً منه كوابيس!
تتعدد الكوابيس وتنتشر الأوبئة ، منها ما هو من صنع الطبيعة ومنها ما يجلبه الإنسان على نفسه.وفى هذا الكابوس، أقف بعيداً، لا أستطيع الاقتراب، إلا أن قلبى يخفق تحت ضلوع أحبائى، يحزن معهم ويفرح، يغضب ويخاف ويشتاق، وإن كان وجهى، ب الكمامة أو بدونها، يبدو حيادياً بارداً، أو غائباً فى عالم بعيد. إن كنت لا أستطيع الاقتراب، أو حتى لا أريد، فذلك لأن المسافة فى الأصل ملغاة بينى وبين ما حولى، ومن حولى. فخلف الحياد البادى، وراء كمامة القماش أو قناع اللامبالاة، يتألم قلبى ويتكلم، رغم صمتى وانطباق شفتِىّ.
نعم، لقد نمت وتركتُ الطعام يحترق.. والعالم يحترق. لكن نسيانى وصمتى لا يعنى أننى لا أهتم. فأنا أحترق معكم، وأختنق طلباً للهواء. لا، ليست الكمامة ، تلك القطعة من القماش، جفاءً وانزواءً، ولا ادعاءً بأن الآخرين موبوؤون ونحن نخشى أن نُبتلى ببلواهم. لا، وليست صمتاً مضاعفاً وإمعاناً فى الصمت، بل هى شارة، وأمارة- ونحن جميعاً نرتديها- أننا متماثلون؛ وإشارة إضافية إلى أن الفروق بيننا مصطنعة، أو جرّها علينا الطمع.
جاءت الكمامة - حين أضفناها لملامح التشابه المألوفة من أنف وعينين وأذنين وشفتين - تأكيداً أننا بصمات مختلفة لنفس الأنامل.فهى ليست إذن حاجزاً بين المرء وأخيه، بل هى تذكرة بأننا كبشر متماثلون، وصغار الشأن جداً، فلا مجال إذن للتعالى والتأله فيما بيننا.
ورغم ضعفى وضعفكم، أو بسببه، أحبكم؛ رغم يقينى بأن هذا الوباء سيقيم بعض الوقت ويرحل، دون أن نتغير جوهرياً: لن نُشفى من الأنانية والطمع، بل ربما سيزيدان. أعلم ذلك جيداً، لكنى أعلم أيضاً أن فكرة الحق، و مفهوم الخير والعدل والجمال ، وذلك الحنين إلى عالم أفضل، كلها ظواهر جلبها الإنسان إلى الأرض، ولم يكن لها وجود قبله، تماماً كما أن نشرات القتل اليومية على الشاشات لم تقترفها كائنات هبطت إلى الأرض من كواكب أخرى بأطباق طائرة!.
وسواء أكنا ملائكة أم قردة، لقد أوحشتنى الحياة والناس. أتمنى أن أقف، بكمامة أو بغير كمامة، أمام لوحة تشكيلية، فى زمن كان ارتياد معارض الفن فيه أمراً عادياً: ولتكن تلك اللوحة لحشد من الناس تحت المطر، محتمين بمظلاتهم فى جو شتوى غائم، لكنّ دفء ازدحام الناس يجعل ذلك الجو الرمادىّ باعثاً على النشوة! نعم، لكم أوحشتنى المتاحف والمعارض ومقاهى الأرصفة. أوحشتنى نظرة العين للعين دون ارتياب وقلق مبعثه الخوف من العدوى. آه كم أشتاق إلى رشفة القهوة التركية، السادة من بن غامق محوّج، فى فنجان صغير من خزف متواضع الفخامة، على مكتبى بجريدة الأهرام، يحمله لى عم أشرف أو عم جمال. وحتى لو تأخر فى إحضاره بعض الشىء، أنا موافق. لن أعترض. ذلك أن المكتب والحجرة والنادل والناس جميعاً أوحشونى. وأنا موافق منذ الآن أن أرتشف القهوة مرتدياً كمامتى، أزحزحها قليلاً إلى ما فوق الشفتين عند كل رشفة، إن سمح الزمان وتبسّم، وعدت إلى حجرة مكتبى فى أمان الله. ولكن مهلاً.. فلنصبر حتى تمر العاصفة. وحتماً ستمر العاصفة.
نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.