أجبر فيروس كورونا العالم على الالتزام بقرار العزل المنزلي، للحد من التجمعات وانتشار الفيروس، مع إغلاق المطاعم والمقاهي والصالات الرياضية وغيرها من أماكن التنزه والتجمعات، مما تسبب في شعور الأزواج بالملل والتوتر والشعور بعد الاستقرار بسبب فقد الأمان الصحي والوظيفي، الذي نتج عنه حدوث الكثير من الخلافات، وزيادة العنف الأسري أضعاف مضاعفة المعدل السابق في معظم دول العالم خلال الفترة الماضية. وكشف التقرير الصادر عن الأممالمتحدة حول العنف الأسري ، أن نحو 243 مليون امرأة وفتاة تعرضن لأشكال من العنف الأسري والتحرش الجنسي والإساءة، وتضاعفت بشكل مخيف منذ بداية تفشي فيروس كورونا المستجد، وبدء الدول بتطبيق إجراءات الإغلاق والحجر الصحي المنزلي، خصوصا منذ منتصف شهر مارس الماضي، حيث إنه نحو 58% من سكان العالم باتوا تحت العزل المنزلي وفق إجراءات الإغلاق للحد من كورونا. إحصائيات العنف الأسري وسجلت الصين ارتفاعا في عدد حالات العنف الأسري ، وصل في بعض الأماكن إلى ثلاثة أضعاف المعدل السابق، وذلك بعد أسابيع فقط من إجراءات العزل الصارمة، وفي ألمانيا كشفت الإحصائيات أن امرأة واحدة على الأقل تصاب بجروح جسدية كل ساعة في المتوسط على يد شريكها. وفي فرنسا ارتفع في ظرف أسبوع واحد معدل العنف الأسري إلى 32% منذ بداية الإغلاق في شهر مارس، مما دفع السلطات إلى الإعلان عن سلسلة من الإجراءات لمساعدة النساء على التبليغ عن تعرضهن للعنف ، وفي الأرجنتين، بلغت الزيادة في شكاوى العنف المنزلي منذ بدء إجراءات الإغلاق حوالي 25%، وفي قبرص وسنغافورة ارتفعت شكاوى العنف الأسري بنسبة 30 إلى 33% على التوالي. الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن يطلق نداء عالميا لحماية النساء في المنازل، في وقت يتفاقم فيه العنف المنزلي والأسري خلال فترة الحجر الصحي الناجمة عن تفشي كورونا، ودعا لاتخاذ تدابير لمعالجة الطفرة العالمية المروعة في العنف المنزلي ضد النساء والفتيات، والمرتبطة بتداعيات تفشي فيروس كورونا . العالم العربي وفي العالم العربي جاءت أولى التصريحات الرسمية التي تعكس تعاظم العنف المنزلي على ضوء تفشي فيروس كورونا من لبنان، فقد صرحت قوى الأمن الداخلي بالدولة أن الخط الساخن المخصص لتلقي شكاوي العنف الأسري شهد ارتفاعا في عدد الاتصالات التي وصلته بنسبة 100% في شهر مارس من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وكشف المركز المصري لحقوق المرأة، المركز يصدر تقريرًا بالشكاوى المقدمة من النساء اللاتي تعرضن للعنف خلال فترة الحجر الصحى، وأن التقرير يشير إلى تزايد معدلات العنف الأسري إلى ما يقرب من الضعف خلال أسابيع العزل الماضية، فالزيادة تمثل 85 % من معدلات الشكوى العادية. وتعمق أثر هذه التبعات الاقتصادية مع إجراءات الإغلاق وتعطيل الأعمال بسبب فيروس كورونا ، إذ تتحدث نساء عدة عن الضائقة الاقتصادية التي بها أسرهن، وعن زيادة حدة التوتر في العلاقات المنزلية، وارتفاع معدلات العنف نتيجة وجود أفراد العائلة في مكان واحد طوال اليوم، بجانب ضغوط انقطاع مورد الدخل الرئيسي لها. وأكد عدد من الخبراء أن العنف الأسري عاد إلى الواجهة من جديد مع فرض الحجر المنزلي ، الأمر الذي لا يمكن تجاهله حيث إنه لا يطال الزوجة أو الزوج فحسب بل الأطفال أيضا، ولحل هذه المشكلة وضع الأطباء خطوات بسيطة قد تساهم في إنقاذ حياة، وتجنب تفاقم العنف الأسري ، نوضحها فيما يلي. أسباب تزايد العنف الأسري يؤكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، إن أزمة الخلافات بين الأزواج بدأت عند فرض الحظر أسبوعين، حيث كان الأزواج سعداء بالحظر لرؤية أبنائهم والجلوس معهم فترة طويلة وأنها فرصة لن تتكرر، ولكن عندما طالت الفترة الزمنية بدأ العمل يتوقف وخسر البعض وظائفه، وبدأت الضغوط تزيد من طلبات المنزل، الأمر الذي شكل ضغطا نفسيا وتوترا، مما خلق مشكلات عديدة بين الزوجين. ويوضح استشاري الطب النفسي، أن الوباء وضع العلاقات الأسرية على المحك، فعلى الرغم من تواجد العنف الأسري بالفعل لكن تزايد بشكل مخيف خلال فترة كورونا، وتواجد الأزواج والأبناء في البيت يزيد من سلبيات وانتشار العنف ما يؤدي إلى حدوث أضرار جسيمة خطيرة وصدمات نفسية مثل بعض السلوكيات التي تؤثر على نفسية أفراد الأسرة في المستقبل، وذلك يحدث نتيجة انحدار الوعي والتنوير التربوي. الحد من الظاهرة فيما وضعت الدكتورة نانسي توفيق استشاري العلاقات الأسرية، بعض الحلول للحد من العنف الأسري في ظل تفشي فيروس كورونا و الحجر المنزلي ، مؤكدة أنه يجب على الأسرة أن تكون واعية وعلى قدر كبير من المسئولية في تصدير الصورة الإيجابية في تلك الفترة لأبنائهم، حيث إن الإيجابية والتفاؤل طاقة تنتقل من شخص لآخر، وهذا أفضل للقدرة على استيعاب طاقة الأطفال التي أصبح من الصعب تفريغها إلا في المنازل، فليس هناك متنزهات أو نواد أو مدارس، فكل تلك الأماكن كان لها دور في تفريغ طاقات الأطفال. دور الآباء وتؤكد استشاري العلاقات الأسرية، أنه من الواجب على الآباء في تلك الفترة تعزيز علاقتهم مع أبنائهم والاستفادة من الوقت لبث روح الأسرة والتماسك فيهم، لأن الكثير كان يفتقد الوقت لمثل تلك التجمعات لانشغال يومهم بالمدارس والتمرينات والدروس والعمل وغيره من الأنشطة اليومية التي تعطلت في تلك الفترة. وتشير إلى أن التكنولوجيا ووسائل التواصل و مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت مجالا كبيرا للتواصل من خلال الصوت والصورة، مما يسهل رؤية أقاربنا أو غيرهم دون الاختلاط والحفاظ على التباعد الاجتماعي في ظل مواجهة تداعيات فيروس كورونا ، ونصحت كل الآباء بالاستفادة بهدية الله في إتاحة متسع من الوقت لتوظيفه بشكل صحيح وإيجابي، مشيرة إلى أن تلك الأزمة أظهرت قيمة الناس المحيطين بنا والتعرف عليهم أكثر.