يوما بعد يوم تتكشف أبعاد الجريمة التركية، التي تجري في الشمال السوري، وتتوالى الفضائح الشخصية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سواء في محاولاته لإسكات أصوات المعارضة أو علاقته التي أصبحت جلية بالتنظيمات المتطرفة وعلى رأسها "داعش". اليوم وعلى الرغم من وقوع عشرات القتلى بينهم مدنيون ونزوح نحو مائة ألف شخص من بلدات حدودية شمال سوريا، يصر الرئيس التركي على مواصلة عمليته العسكرية. ورغم التحذيرات الدولية من أن العملية العسكرية ستمنح قبلة الحياة لتنظيم داعش المتطرف، الذي تقبع الآلاف من عناصره في سجون الشمال السوري، لكن الرئيس التركي يتجاهل جميع التحذيرات وكأن هذه هي رغبته الأساسية من العملية بعد انحسار قوة التنظيم وجفاف منابعه. وحذرت منظمات دولية من كارثة إنسانية جديدة في سوريا، واعتبرت منظمة أطباء بلا حدود أن التصعيد "سيفاقم من الصدمات التي تكبدها السوريون خلال أعوام من الحرب والعيش في ظروف محفوفة بالمخاطر". وأغلق مستشفى في تل أبيض، كانت تدعمه المنظمة، أبوابه بسبب مغادرة معظم أفراد الطاقم الطبي مع عائلاتهم. وقالت قوات سوريا الديمقراطية، إن خمسة معتقلين من تنظيم "الدولة الإسلامية" فروا من أحد السجون التي تديرها بعد سقوط قذائف تركية في جواره بمدينة القامشلي. وكررت قوات سوريا الديمقراطية مؤخرا خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية سلبا على جهودها في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات، كما في ملاحقة الخلايا النائمة لتنظيم داعش. وقال المحلل السياسي السعودي سلمان الدوسرى، إن القوات التركية قامت بعملية عسكرية في شمال سوريا تحت غطاء شبه مستحيل التنفيذ، وهو "إعادة اللاجئين" و"منطقة أمنية"، بينما الأهداف الحقيقية مختلفة تماماً. وتابع في مقاله اليوم، بصحيفة الشرق الأوسط، أن الملف السوري سيزداد تعقيداً بمخاطر ارتكاب تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي مهول، مع سياسة طرد الأكراد من مناطقهم التي عاشوا فيها مئات السنين، وإعادة توطين مواطنين من مناطق مختلفة في أراض غير أراضيهم، وهنا - لا جدال - سنكون أمام كارثة جديدة بالتأكيد، ستعقِد المشهد أكثر مما هو معقد، وستطيل أمد الحرب في سوريا". وأشار إلى أن رجب طيب أردوغان في أضعف حالاته، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، مضيفا "أن الأكراد لن يكتفوا بالتفرج بينما يستأصلون من وطنهم ويطردون خارجه، وهم من كانت لهم اليد الطولي في طرد تنظيم داعش، وأسر الآلاف من عناصره. وتابع "غني عن القول إن الآلاف من الداعشيين الذين تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في الأساس دخلوا سوريا من بوابة الحدود التركية، ناهيك عن إتاحة الفرصة لعودة 18 ألف مقاتل داعشي آخرين مختبئين في المنطقة، وبالتالي علينا توقع كيف سيكون التعامل التركي معهم، إذا سيطروا على مواقعهم". حدث آخر مهم وقع اليوم يشير إلى رغبة لدى الرئيس التركي لمساندة تنظيم داعش المتطرف، هو الانفجار الذي وقع قرب سجن الحسكة الذي يأوي الآلاف من عناصر تنظيم داعش، ورغم المزاعم التركية، وتبادل الاتهامات حول المسئول عنه فإن النظر إليه من وجهة نظر شاملة للأحداث في شمال سوريا، سنجد أن الحدث حلقة من مسلسل تنفذه تركيا بامتياز لإعادة التنظيم المتطرف للحياة. نقل هذه الحقائق أثار جنون أردوغان، حيث واصلت قوات حملاتها لاعتقال الصحفيين، وبينهم مراسل قناتي "العربية" و"الحدث" زيدان زنكلو بسبب تغطيته للعملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا.