بعد توقعات كثيرة وحالة من الترقب والقلق، سادت المجتمع المصرى فى انتظار فصل المحكمة الدستورية العليا، وحسم دستورية قانون العزل وبطلان انتخابات مجلس الشعب، لا تزال حالة الترقب تسيطر على المجتمع المصرى ممزوجة ببعض المخاوف من المستقبل وممن سيجلس على كرسى الرئيس بعد إجراء جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية بعد غد السبت. وسط كل هذه التناقضات وغيرها، يخوض الشعب المصرى تجربته الديمقراطية فى أول انتخابات رئاسية، يختار فيها الشعب رئيسه آملا أن يكون ممثلا ومعبرا عنه يسعى لاستكمال ما رسخته وطالبت به ثورة 25 يناير. وفى محاولة لرصد ردود أفعال بعض القوى السياسية، حول هذا الحكم الذى وصفه البعض ب"التاريخى"، رأى عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، أنه لابد من احترام الأحكام القضائية، معللا أن مصر بدأت طريقها نحو إحداث تطورا ديمقراطيا بعد ثورة 25 يناير، لذا يجب احترام سيادة القانون ونتائج صندوق الانتخابات. وأوضح شكر ل"بوابة الأهرام" أن حكمى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون العزل وعدم دستورية القانون الذى أجريت على أساسه انتخابات مجلس الشعب بالنظام الفردى، أدخلوا البلاد فى مرحلة جديدة قد تكون بها مشاكل كبيرة، مضيفا أن قرار حل مجلس الشعب سيعيد السلطة التشريعية فى قبضة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وسيجعله باقيا بعد 30 يونيو الجارى، وهو الموعد المقرر لانتقال السلطة إلى سلطة مدنية، حتى إذا جاء رئيس جديد بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية. ولفت رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إلى أنه بعد صدور أحكام اليوم، سيأتى رئيس الجمهورية لا توجد بجواره سلطة تشريعية ولا يوجد دستور يحدد العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وصلاحيات رئيس الجمهورية. وطالب شكر كل القوى السياسية وائتلافات شباب الثورة، إلى التشاور والاتفاق على رؤية لكيفية الخروج من هذا المأزق وتحدد مهام محددة ينتقل الدجميع حول تنفيذها، وأن تمارس عملية نقد ذاتى لأخطائها على مدار سنة ونصف لحماية الثورة ومطالبها. وحول المخاوف من عودة النظام السابق، أكد عبد الغفار شكر أنه مهما كانت المخاطر التى سيواجهها الشعب بكل فئاته، حتى وإن جاء الفريق أحمد سفيق رئيسا، فلا يوجد قوى تستطيع أن تعيد النظام السابق مرة أخرى أو تعيد المصريين الى ما كانوا عليه من قبل، مضيفا " رئيس الجمهورية المقبل لن يكون فرعونا جديدا ولن يكون قويا، لأنه سيأتى فى ظل وجود مشاكل قوية وكبيرة لا تزال عالقة وتحتاج مزيدا من الوقت لحلها". وأشار إلى وجود احتمالية وجود دعاوى مستعجلة لحل اللجنة التأسيسية للدستور ويصدر من بعدها المجلس العسكرى إعلان دستور مكمل لتشكيلها. "الحكم قانونى وواجب النفاذ" بهذه الكلمات علق الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع على الحكم بعدم دستورية قانون العزل السياسى، موضحا أن الحكم يعد عناوين للحقيقة لأنه صادر عن أعلى هيئة فى النظام القضائى. وأشار السعيد فى تصريح ل"بوابة الاهرام" إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، حاولت أن تستخدم أغلبية فى وضع قوانين غير دستورية، وهذا خطأ فادح أوقعها فى مأزق كبيرة مثل مأزق الدستور، لافتا إلى أن الجماعة أسرعت فى تطبيق قانون العزل دون أن يوقع عليه القائم بسلطات رئيس الجمهورية – فى إشارة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة- وهو ما جعله غير قانونى. وطالب السعيد جماعة الإخوان بضرورة حماية هامتها بالالتزام بالحكم الصادر اليوم عن المحكمة الدستورية العليا. من جانبه، قال أحمد بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى المصرى، أنه من الناحية الشكلية فإن قانون العزل كان يتضمن فى ذاته أخطاء شابته بداية من تفصيله على مقاس كل من عمر سليمان نائب الرئيس السابق، وأحمد شفيق رئيس وزراء مصر الأسبق والمرشح لرئاسة الجمهورية، لافتا إلى أن الأصل فى القوانين أن تكون معبرة عن حالة إجمالية وليس تفصيلا على مقاس فرد معين على النحو الذى كان يفعله ترزية القوانين ما قبل الثورة. وحمّل شعبان المسئولية فى ذلك الى ويتحمل مسئوليته التيارات الإسلامية فى البرلمان التى عطلت إصدار قانون شامل للعزل السياسى لمصلحة ارتأتها آنذاك، ثم عادت إلى خلق هذا القانون حينما استشعرت الخطر من جانب سليمان وشفيق. وشدد وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى المصرى، على أنه من الناحية الموضوعية، فإن أحمد شفيق أحد رموز النظام السابق، ولعب دورا كبيرا فى مناهضة الثورة ولا يمكن قبول تمثيله لبلادنا بعد ثورة 25 يناير. وأضاف أن حكم الدستورية العليا اليوم ورفضه لقانون العزل السياسى، يصب فى خدمة شفيق وسيستغله أنصار مرسى لحشد القوى المتضررة من المجلس العسكرى والنظام الحاكم فى الفترة الأخيرة. واستطرد شعبان قائلا "شفيق ومرسى لا يمثلان الثورة، وينبغى على القوى الوطنية أن تسير فى طريق جبهة جديدة تضم جميع القوى الديمقراطية والثورية لاستكمال أهداف الثورة، وتحقيق شعار الثورة "عيش حرية عدالة إجتماعية". وفيما يخص الحكم الخاص بعدم دستورية القانون التى أجريت على أساسه انتخابات مجلس الشعب، أكد شعبان أن الحكم متوقع وليس فيه جديد، فالمجلس منذ ان بدأت انتخاباته كان واضحا أن المنافسة الحزبية على المقاعد الفردية، أمر غير دستورى ولكن القضية بشكل عام تعيد فتح مسار العملية الانتقالية فى مصر برمتها، والتى تثبت فى كل لحظة فشلها وخطأها الجسيم وعجزها عن تلبية الحد الأدنى من التوافق المجتمعى، وبناء مجتمع جديد. وأضاف "سنظل نقاتل من أجل إعادة مسار الثورة إلى مسارها الصحيح والبدء بدستور وطنى جديد قبل أى خطوة أخرى".