انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي الشرقي في المنيا يُخلف 4 قتلى و9 مصابين    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها في حريق بمول شهير بشبرا الخيمة    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    6 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف عناصر تأمين المساعدات في دير البلح    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    ابتزاز لعرقلة تقدم الجيش، أول رد من السودان على العقوبات الأمريكية بعد مزاعم الأسلحة الكيماوية    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي (صور)    لاعب الأهلي السابق: «الأحمر هيعاني من غير إمام عاشور»    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    "مياه الفيوم" تنفي شائعة تسرّب الصرف الصحي.. وتؤكد: مياه الشرب آمنة 100%"    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 23 مايو 2025    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    أرقام رافينيا مع برشلونة بعد تمديد عقده حتى 2028    روسيا.. توقف الرحلات الجوية في مطاري فنوكوفو وجوكوفسكي بسبب تفعيل الدفاعات الجوية    أخبار × 24 ساعة.. حوافز استثمارية غير مسبوقة لتعزيز مناخ الأعمال فى مصر    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    جامعة دمنهور تشارك فى فعاليات إطلاق برنامج عمل "أفق أوروبا Horizon Europe" لعام 2025    خروجه مجانية.. استمتاع أهالى الدقهلية بالويك إند على الممشى السياحى.. صور وفيديو    الضرائب تنفي الشائعات: لا نية لرفع أو فرض ضرائب جديدة.. وسياستنا ثابتة ل5 سنوات    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    ضبط طن دهون حيوانية ولحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببشتيل بالجيزة.. صور    مصرع 4 أشخاص وإصابة آخر في تصادم سيارتي نقل على طريق إدفو مرسى علم    «الطقس× أسبوع».. درجات الحرارة «رايحة جاية» والأرصاد تحذر من الظواهر الجوية المتوقعة بالمحافظات    مصرع 4 أشخاص وإصابة خامس فى حادث تصادم بطريق مرسى علم شرق أسوان    دينا فؤاد: شغفي بالفن أهم من الحب.. والابتعاد عن التمثيل موت بطيء    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    دينا فؤاد: صحابي كانوا كتار ووقعوا مني في الأزمات.. بالمواقف مش عدد السنين    بعد الإفراج عن عمر زهران .. هالة صدقي توجه رسالة ل مرتضى منصور    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    كرة يد - موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    Spotify تحتفل بإطلاق أحدث ألبومات مروان موسى في مباراة "برشلونة"    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوم اطمن على هويتك
نشر في بوابة الأهرام يوم 18 - 04 - 2019

يقول البريطاني كولن ولسون في كتابه "اللا منتمي": "اللا منتمي هو الإنسان الذي يدرك ما تنهض عليه الحياة الإنسانية، وهو الذي يشعر بأن الاضطراب والفوضوية أكثر عمقًا وتجذرًا من النظام الذي يؤمن بهِ قومه".
كما يؤمن ولسون بأن الجو الذي يتميز به عالم "اللا منتمي" المعاصر جو كريه جدًا، وهم لا يرفضون الحياة فحسب؛ بل يُعادونها، فعالمهم مجرد من القيّم، ويصف ولسن "اللا منتمي" بأنه "ليس لديه شيء من النبوغ، لا غاية يحققها... وهو لا يكترث للدين".
يتناول هذا الكتاب، الذي صدر عام 1956، واحدة من أهم مشكلات العصر؛ وهي طبيعة (الإنسان اللا منتمي)، الإنسان الذي لا ينتمي إلى دين ولا حزب، الإنسان الذي يختار طريقًا مظلمًا في الحياة، لكنه على حد وصف ولسون "يدعي أنه هو وحده الذي يستطيع أن يرى... ويرد على من يتهمه بالمرض بالقول: "الأعور في بلد العميان ملك".
هذا لسان حال مروجي هذا المفهوم الذين خرجوا علينا مؤخرًا بأعداد هائلة يحاولون ترويج أفكارهم تحت مسميات وذرائع عديدة، ما بين التحضر والتمدن والحرية، وحتى الوصول لدولة مدنية، ويبثون رسائلهم من كل حدب وصوب؛ على الشبكات الاجتماعية ومن خلال الإعلام والفن وغير ذلك.
والمسألة ليست في ما إذا كانت أفكارهم اللا منتمية صحيحة أم لا؛ بل في الوسائل التي يلجأون إليها لترويج هذه الأفكار، فنجدهم مثلًا يشنون حملات شرسة على الدين الإسلامي، والعادات والتقاليد المصرية؛ بل مؤسسات الدولة، ويتعمدون الحديث عن مسائل شائكة وحساسة، وكأنهم يقصدون استفزاز المجتمع، ولا يكتفون بذلك؛ بل يتحدثون بنبرة استعلاء وكأنهم هم النخبة المثقفة المطلعة التي جاءت لتحرر المجتمع من براثن الجهل والقمع الذي من رأيهم فرضته علينا "هويتنا" و"ديننا".
وتستند هذه الأفكار إلى مهاجمة الثوابت في أي مجتمع؛ فمثلاً نجد دعوات لاحتضان أصحاب العقائد البعيدة عن الرسائل السماوية، أو التخلي عن النصوص الدستورية المتعلقة بالدين، وعدم الرجوع إلى الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بإتمام الزواج أو توزيع الإرث.
وتكمن خطورة هذا الفكر في أنه يحمل في ظاهره محاربة التناقضات التي تضرب بعض أرباب الشهرة وإظهار خلل تغلغل في أعماق مجتمع هش، بينما في مضمونه يسعى لدغدغة مشاعر الجماهير تجاه بعض القضايا التي يحاول البعض إثارتها لتفكيك كيان المجتمع.
بل الخطر الأكبر الذي يمثله هذا التوجه هو أن ضحاياه الأكبر هم من الشباب؛ فما بين مطرقة تقاعس النخب السياسية والثقافية عن الدفاع عن قضايا لطالما شكلت جزءًا لا يتجزأ من هويتنا، وسندان تسونامي الثقافة الغربية الذي اجتاح بلادنا، تنشأ الأجيال الجديدة متخبطة ودون فكرة واضحة عن هويتها وثقافتها وتاريخها؛ ومن ثم تجد صعوبة في التمسك والشعور بالانتماء للوطن والدين والحضارة والثقافة.
وما زاد الطين بلة الفجوة الهائلة بين هذه الأجيال الشابة والأجيال الكبيرة ومؤسسات التعليم والدولة ورجال الدين الذين لا يعيرون لعامل الهوية والثقافة اهتمامًا، ولم يفكروا أنه قد يكون إحدى ركائز التنمية.
وتُرِكَت هذه الأجيال الشابة وحدها في مهب رياح من كل حدب وصوب؛ ما بين ثقافة غربية كل ما بها متاح، وحركات اللا انتماء، وأفكار مشوهة عن الدين والدولة، وحرية لا محدودة ونافذة إلى العالم غير "مفلترة" أتاحها الإنترنت.
علينا إذن أن نتحرك سريعًا لمجابهة هذه الأفكار؛ إذ أثبتت النظرية "البنائية" واتجاهات كلاسيكية حداثية حول تحديد الواقع، جوهرية تأثير "الهوية" على طريقة استجابة الدول السياسية وبنائها لمؤسساتها وإدراكها مصالحها.
وإن كانت هذه الأفكار والدعوات تنم عن شيء، فإنما تنم عن جهل واضح بحقيقة الدين الإسلامي والهوية المصرية، فمصر لها طبيعة وحضارة وهوية خاصة؛ إذ تعاقبت عليها عصور مختلفة، بدايةً من العهد الفرعوني، ثم البطلمي والروماني والبيزنطي، والأموي والعباسي والفاطمي، وصولاً إلى الدولة المعاصرة.
مصر غنية التاريخ والتراث والهوية؛ وأثبت شعبها على مدى العصور قدرته على التسامح والتعايش السلمي بين أديان وثقافات مختلفة، علينا أن نتقبل ونفتخر بكافة جوانب تاريخنا وثقافتنا، وعلى الدولة أن تسعى للتركيز على تعزيز روح الانتماء والفخر بالهوية والأرض.
إن الحرية والتطور والانفتاح على الثقافات الأخرى لا يعني بالضرورة التخلي عن هويتنا أو ديننا أو نبذ تاريخنا؛ لأننا سنصير حينها متخبطين ولا منتمين.
- بالاتفاق مع "معهد الأهرام الإقليمي للصحافة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.