على مر الأزمنة والعصور، تروى أساطير وملاحم الأبطال صفحات وصفحات مشرقة وناصعة البياض من التضحية والفداء والعطاء غير المحدود بسقف ولا إطار زمني، والشجاعة، والعزة لأناس تجاوزوا ذواتهم الضيقة ومدوا أبصارهم الثاقبة لما هو أبعد منها بانشغالهم آناء الليل وأطراف النهار بتأمين حيوات واستقرار شعب بكامله. واليوم ونحن نحتفل بعيد الشرطة وثورة 25 يناير نستعيد معًا بفخر واعتزاز قصص ومآثر أبطال شرطتنا العظام، الذين وقفوا ببسالة في وجه قوات الاحتلال البريطاني بالإسماعيلية، وسلموا الراية لأجيال تالية كانت سخية في عطائها ودفاعها عن وطنها ومقدراته ولم يدخروا وسعًا ولا جهدًا في التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة إيذاء الوطن والعبث بأمنه واستقراره؛ سواء كانوا من الإرهابيين، أو الخارجين على القانون، أو كانوا تجارًا جشعين يحتكرون السلع الأساسية لرفع أسعارها، أو مروجي مخدرات .. إلخ. ولوحة الشرف تزدان بأسماء مئات الشهداء والمصابين من الشرطة المدنية خلال السنوات الماضية، وهؤلاء الرجال ومعهم أفراد وضباط قواتنا المسلحة جزء أصيل من تاريخنا الوطني الذي نعتز ونفتخر به في كل حين، ونحرص على أن نعلمه لأبنائنا حتى يقتدوا ويتأسوا بأعمالهم العظيمة والخالدة، فهم مضرب الأمثال في الوطنية والشموخ في الذود وبصلابة منقطعة النظير عن الدولة المصرية أمام هجمات من سعوا لإضعافها وترسيخ أقدام جماعات الإرهاب والتطرف، وإثارة الفتن والنعرات الطائفية. بفضل تضحيات هؤلاء الشهداء استعادت الدولة المصرية هيبتها وسطوتها، واجتازت عقبات وتحديات كانت كفيلة بإغراقها في ظلمات بحور من الاضطراب والتردي الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي، وأدرك المصريون في الوقت المناسب حجم ما كان يُحاك ضد مؤسسات الدولة، وفى مقدمتها المسئولة عن الأمن، حتى يتسنى لدعاة التطرف والعنف التحرك بلا حسيب ولا رقيب ولا عقاب، وما الأحداث والوقائع عنا ببعيدة، حينما سعت جماعة الإخوان الإرهابية لتفكيك وزارة الداخلية وتشكيل ميليشيات على غرار الحرس الثوري الإيراني لتكون بديلا لها وخاضعة لنفوذها ومشيئتها وعصا تلهب بها ظهور المواطنين؛ حتى يستتب الأمر لها وتحكم قبضتها على السلطة سنوات متعاقبة، مثلما كانوا يحلمون. ولولا حصافة وتماسك أجهزتنا الأمنية لوقع ما لا تحمد عقباه، ونجحت هذه الأجهزة ومعها الشعب المصري في إجهاض المخططات الإخوانية الآثمة، وتلاحم المواطنون مع شرطتهم وقواتهم المسلحة. وبفضل تضحيات الشرطة والقوات المسلحة عبرنا الصعب، وسرنا أشواطًا على درب التنمية والتعمير، ودارت عجلة الإنتاج بأقصى طاقتها لتعويض ما فات، وتصحيح سياسات وقرارات عهود سابقة لم تكن تتعامل مع الأزمات والمشكلات بأسلوب صحيح، مكتفين بمساحيق التجميل الظاهرية، وفضلت إخفاء خطورتها وعواقبها عن المواطن الذي بات الآن على دراية بالحقائق مع حرص القيادة السياسية على إعلامه بما نمر به وبما علينا عمله للخروج من نفق الضغوط الاقتصادية والمالية، وكان لذلك أثره القوي والفاعل، وقبل المواطن عن طيب خاطر تحمل الأعباء المصاحبة لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية الصعبة. فتحية عطرة لشهداء شرطتنا وقواتنا المسلحة، ولكل من جاد بروحه الطاهرة، من أجل أن يبقى وطننا مرفوع الرأس، ويكمل مسيرته للبناء والتعمير، وكل عام وشرطتنا بخير وعزيمة.