وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    رئيس جامعة القاهرة يفتتح المؤتمر العلمي الدولي لكلية الصيدلة لتعزيز التواصل العلمي لمستقبل المهنة    الدولار يتراجع أمام الجنيه المصري في بداية تعاملات الأربعاء 7 مايو    هل يمنح الدائن حقوق مطلقة؟ تعرف على قيود الرهن العقاري في القانون    البنك المركزي الصيني يخفض سعر الفائدة الرئيسي لدعم الاقتصاد    الهند تزعم ضربها ل معسكرات إرهابية في باكستان    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    مجازر جديدة.. استشهاد 23 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على غزة    كريستيانو في مواجهة بنزيما.. التشكيل المتوقع لقمة الدوري السعودي بين النصر والاتحاد    «أنهى حلم برشلونة».. صحف كتالونيا تنتقد قرارات حكم مباراة إنتر في دوري الأبطال    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    تجديد حبس تشكيل عصابي تخصص في النصب باستخدام قطع أثرية مقلدة بالقاهرة    النيابة تعاين موقع تعدى مدرس على طالبات بمدرسة فى الإسكندرية    المؤبد لعاطل لحيازته 7 كيلو لمخدر الهيروين بالإسكندرية    النشرة المرورية.. زحام الطرق الرئيسية فى القاهرة والجيزة    إيرادات تخطت 200 مليون جنيه، مفاجآت بالبوكس أوفيس للأفلام المصرية    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    مصر تبحث الاستعانة بالخبرات الفرنسية في الرعاية الصحية    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي على أصوله    كندة علوش تكشف علاقتها بالمطبخ وسر دخولها التمثيل صدفة    بعد حفل زفافها.. روجينا توجه رسالة ل «رنا رئيس»| شاهد    سعر اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 7 مايو    السيطرة على حريق بسيارة ملاكي بدار السلام في سوهاج    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    إحالة عاطلين للمحاكمة الجنائية لسرقتهما 6 منازل بمدينة بدر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 7 مايو 2025 م    كندة علوش عن تجربتها مع السرطان: الكيماوي وقعلي شعري.. اشتريت باروكة وما لبستهاش    النائب عمرو درويش: لا إلغاء تلقائي لعقود الإيجار القديم.. والمحاكم هي الفيصل حال عدم صدور قانون    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. حديد عز ب39 ألف جنيه    مواعيد امتحانات العام الدراسي المقبل لصفوف النقل والشهادات الدراسية 2026    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية ولن يبقى أمامنا خيار إذا سارت في طريق آخر    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    ترامب يعلّق على التصعيد بين الهند وباكستان: "أمر مؤسف.. وآمل أن ينتهي سريعًا"    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    كوكلا رفعت: "أولاد النيل" توثيق لعفوية الطفولة وجمال الحياة على ضفاف النيل    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    الهند: أظهرنا قدرا كبيرا من ضبط النفس في انتقاء الأهداف في باكستان    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرافات تدير حياة المصريين
نشر في بوابة الأهرام يوم 08 - 12 - 2018

في رواية "المهزلة الأرضيّة" للمبدع يوسف إدريس، يدور هذا الحوار بين الطبيب والمجنون:
- الطبيب: تقدر تقولي النهاردة إيه
- المجنون: النهاردة السبت يا دكتور
- الطبيب: وبكره
- المجنون: السبت برضه يا دكتور
- الطبيب: يعني النهاردة السبت وبكره برضه السبت، أمال الأحد إمتى؟
- المجنون: الأحد بييجي لما نحس إن النهاردة اختلف عن إمبارح، ولما نحس إن الدنيا اتقدمت بينا خطوة، لما عدالة النهاردة تبقى أكتر من عدالة إمبارح، لما أحس إن ظلم النهاردة أقل بكتير من ظلم إمبارح، لما نحس إننا لاقيين مكان في الأتوبيس، لما نحاسب المسئول وهو لسه مسئول، لما نحس إننا اتقدمنا خطوة أو اترقينا، يومها بييجي الأحد يا دكتور.
وهكذا.. فإن معايير القدم والزمن هو التطور وليس التجمد عند عصر ما، أو أفكار تجاوزها الزمن، وبشكل عام، فإن الخرافة والعلم لا يجتمعان أبدًا، ولا قيمة للعلم إن لم يقض على الجهل والخرافات، وتدريب الإنسان على التفكير المنطقي، والاستدلال الصائب، والأحكام الصحيحة بالاعتماد على الحقائق الموضوعية؛ ذلك لأن الكثير من مآسي حياتنا الاجتماعية والخصومات ترجع لحبس العقل المصري في عشرات الخرافات، حين يتهم "المندل" مثلا شخصًا بريئًا بالسرقة، أو ينسب الفرد في يوم زواجه عجزه الجنسي الي أحد المنافسين له في الزواج، ومن ثم يناصره العداء.
كما أن هناك حالات عديدة للوفاة ترجع إلى اعتياد واعتماد المرضى على الدجالين والمحتالين الذين يستخدمون السحر في علاج مرضاهم، وعذر هؤلاء أن التفكير العلمي هو عادة ذهنية يتم التدريب عليها وتعلمها واكتسابها وإتقانها كأي مهارة أخرى.
وللأسف فإن كل وسائل التدريب تدعم الخرافات بأكثر مما تواجهها؛ لأن التعليم يعتمد على ثقافة الحفظ أكثر من التحليل والفهم؛ خاصة أن للخرافة وظائف اجتماعية ونفسية؛ فهي توحي للمؤمن بها بالاطمئنان والأمان إزاء أخطار الطبيعة وكوارثها، كما تقدم له تفسيرات مرضية لبعض الظواهر الغامضة التي تحير فكره، وقد تبعث فيه روح الأمل والتفاؤل، ولكنها تبعث فيه أيضًا روح اليأس والتشاؤم، حين يسمع نعيق البوم، أو يتخذ من بعض الأشياء فألًا يدفعه إلى الإقدام أو الإحجام عن القيام بوظائفه على أسس خيالية وهمية؛ كتحضير الأرواح والسحر والحسد والمندل والزار والبخت، والحرص على قراءته في الصحف، وقراءة الكف والفنجان ولبس الأحجبة والتمائم والتعاويذ، وإطلاق البخور والتشاؤم والتفاؤل من بعض الأرقام، ومن بعض الحيوانات، والإيمان بوجود الأرواح الشريرة والشياطين، والإيمان بالأمثلة الشعبية الخرافية السائدة، والإيمان بالنظام والصدفة والعين الشريرة، وتلك المعتقدات ليست حديثة، ولكنها قديمة قدم الوجود الإنساني؛ لدرجة أن جدران المعابد ولفائف البردي تحفل بالكثير من الأساطير المصرية القديمة، وظلت الأجيال تتوارثها يومًا بعد الآخر، وتنتقل من جيل إلي آخر.
والكارثة أن تلك الخرافات تحكم سلوك المتعلمين والجهلاء؛ لدرجة أن 63٪‏ من المصريين يؤمنون بالخرافات من بينهم 11٪‏ من المثقفين والرياضيين والفنانين والسياسيين، وذلك وفقًا لدراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية.
والمثير أن 31٪‏ من المصريين - من بينهم من يحتل المناصب العليا - يؤمنون بتقمص الأرواح، وهناك وفقًا للدراسة نحو مليون و200 ألف يعتقدون بتصنيف الجن إلى "أحمر وأزرق"، وأن الحذاء القديم الملقى في الشارع هو الدواء الوحيد للوقاية من الجن والعفاريت، وأن 75٪‏ يتحاشون ضرب القطط والكلاب ليلا؛ لاعتقادهم أن العفاريت تسكن هذه الحيوانات.
بل إن نحو 60٪‏ من النساء يعتقدن بضرورة وضع كف في شعر الطفل؛ حتي لا يصاب بالحول، وأن 47٪‏ يؤمنون بأن رش المياه وراء الشخص المتوفى يمنع موت أحد وراءه، وأن المقص المفتوح يجلب النكد، ووضع المقص تحت رأس النائم يمنع الكابوس، وأن حرق الخنفسة في الشقة غير المسكونة يجلب لها السكان، وأن تعليق حذاء طفل على جدران المنزل يجلب له السعادة.
وتكشف دراسة أخرى عن وجود 30 ألف شخص يدعون قراءة الغيب والفنجان والكف، وتكشف دراسة ثالثة عن أن المرأة التي لا تنجب تذهب للدحرجة سبع مرات، وفِي الشرقية تذهب لزيارة تمثالين لرجل وامرأة وتحتضنهما تحت ملاءة، ثم تستحم وتكسر زيرًا من أجل الإنجاب.
وفِي سيوة تستحم العروسة في نبع؛ لتكتسب الجمال، وتعتقد المصريات بعدم دخول الرجل حليق الذقن على المرأة بعد ولادتهاب 40 يومًا؛ حتى لا يمنع عنها لبن الرضاعة، وتؤمن الفتيات بعدم التحديق في المرآة ليلا؛ حتى لا يفوتهن قطار الزواج، وأن من تقرص العروسة في ركبتها ليلة عرسها تلحقها بالزواج قريبًا، وأي بنت تأكل سمكًا وتشرب لبنًا يوم الأربعاء تصاب بالجنون فورًا، ويخشى المصريون من القطة السوداء، وأن الحجاب يقي من الحسد.
وهكذا فإن الخرافات ليست سلوكا فرديًا، ولكنها جماعية تقف وراءها أيد مجهولة تحترف تغييب الوعي ودفن العقل المصري في ثلاجة التخريف.
وقد أمكن حصر 247 خرافة تحكم سلوك المصريين، وربما تسيطر على مقدراتهم للأسف، وكأننا لم نتوسع في التعليم وافتتاح عشرات الجامعات ونعيش عصر العلم والتكنولوجيا وغزو الفضاء وفك شفرات الجينات البشرية.
يحدث هذا لأمة كانت أول كلمة لهم من الخالق اقرأ!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.