"نشر الحقائق في زمن صحافة السوشيال ميديا".. كان هذا هو الشعار الذي اختارته وكالة أنباء سبوتنيك، الموقع الإخباري لوكالة الأنباء الروسية "روسيا سيجودنيا"؛ ليجتمع حوله أكثر من 40 صحفيًا حول العالم، جاءوا من مصر، والإمارات، ولبنان، والجزائر، والمغرب، وتونس، والسودان، والصين، والهند، وإيطاليا، ومالطا، واليونان، حيث دار النقاش حول مستقبل الصحافة الإلكترونية والورقية، ودور الإعلام المرئي والمسموع في توصيل الحقيقة كما هي دون تهويل أو تهوين، وأحيط ذلك كله في إطار من تبادل الخبرات، والتعرف على الثقافات المختلفة بين المشاركين. بدورها كانت "بوابة الأهرام" من بين وسائل الإعلام الممثلة في هذا الملتقى، وخلال ورش العمل المكثفة على مدار خمسة أيام، تحدث في أحدها فاسيلى بوشكوف، رئيس قسم المشاريع الدولية بسبوتنيك عن أهمية العلاقات الإعلامية بين الصحفيين الذين ينتمون لدول مختلفة في إيجاد صيغ توافقية لإدارة العمل الإعلامي وفقا لمعلومات صحيحة، ومن قبل أطراف مسئولة. وقال بوشكوف: "إن دور الصحفيين لا بد ألا يقتصر على نشر الحقيقة فقط، بل إن رسالتهم تقتضي أن يكونوا رعاة للسلام داخل المجتمعات من خلال هذه الحقائق، لا سيما في مناطق الصراع التي انتشرت بين ربوع العالم، وتهدد الأمن والسلم الدوليين". وأشار بوشكوف إلى أن تحكم "السوشيال ميديا" في المحتوى الخبري على مواقع التواصل الاجتماعي فرض واقع جديد على مهنة الصحافة، ما يقتضي معه تعاملاً حرفياً للتمييز بين صحيح الأخبار من كاذبها، خاصة أن الشائعات لها آثار سلبية على سياسات واقتصادات الدول. وذكر بوشكوف إلى أن تطوير وكالات الأنباء المحلية الخاصة بالدول لتكون متعددة الوسائط، حيث يتم تطوير محتوى صحافة الخبر والصور والفيديو، هو السبيل لمواجهة هذا السيل من الشائعات والأخبار الكاذبة التي يتم نشرها عبر صحافة السوشيال ميديا بين رواد مواقع التواصل. أما أنطون أنيسموف رئيس قسم الإذاعة الدولية في وكالة سبوتنيك، فقد أشار في محاضرته التي حملت سؤال" كيف تعمل وكالة أنباء حديثة متعددة اللغات؟" إلى أن تنظيم العمل داخل وكالة إخبارية متعددة الوسائط يمتزج فيها الخبر بالصورة والفيديو لا يرتبط بما إن كان الصحفيون يعملون في وسائل الإعلام المملوكة الدولة، أو وسائل الإعلام الخاصة، فما يهم هو أن يكون أرباب الأقلام صادقين مع أنفسهم، ويؤمنون بأهمية ما يقومون به في توصيل الحقيقة للناس. وأوضح أنيسموف أن الاعتقاد السائد بوجود قدر من الحرية لدى وسائل الإعلام الخاصة عنها في وسائل الإعلام المملوكة للدولة التي تؤيد الرؤى المؤيدة للحكومة ليس صحيحاً في كل الأحوال، فوسائل الإعلام المملوكة للدولة تتحلى في كثير من الأحيان بالمسئولية تجاه قضايا أوطانها، في وقت قد تنساق فيه المؤسسات الخاصة لآراء تخدم أجندات أجنبية لا تتعلق بصالح الوطن، وهنا يجب أن ينحاز الصحفي إلى الحقيقة ويتخذها طريقا له. وقال أنيسموف: "من المستحيل تحقيق الموضوعية الكاملة، فأنت كإنسان قبل أن تكون صحفياً، لديك تحيز صغير تجاه قضايا معينة لابد أن يخرج رغماً عنك، سيدفعك الانتماء إلى الانحياز إلى قضايا بلدك ومصالحها لكي تكون جديراً بالعيش فيها، وهذا أمر طبيعي في النفس البشرية، وأفضل ما يمكنك القيام به هو أن تؤمن بما تقوم به سواء في وسيلة إعلام حكومية أو خاصة، وأن تجعل الحقيقة أمام عينيك دائماً". وحول الغاية من هذا الملتقى أكد أنيسموف أنه يوفر الفرصة لشباب الصحفيين لتشغيل وكالة أنباء حديثة متعددة الوسائط ، وأساليب رئيسية لتطوير منصات الأخبار على الإنترنت، وعمل الصحفيين ومراسلي الصور في مناطق النزاع، فضلا عن إقامة علاقات مهنية مع الزملاء في جميع أنحاء العالم". وإلى جانب محاضرة أنيسموف، شملت ورش العمل محاضرة أخرى عن محتوى الفيديو كوسيلة حديثة لتقديم المعلومات، والتي ألقتها أولجا أنيسموفا، مسئولة تسويق المحتوى الإلكتروني بوكالة سبوتنيك، والتي أشارت إلى انتشار صحافة الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، ويوتيوب، وإنستجرام، أثبتت أنها قادرة على تقديم المعلومات للمشاهدين، بل وأثبتت تفوقها كمصدر للأخبار، خاصة بين الأوساط الشبابية، لكن تبقى وسائط الفيديو بحاجة إلى التدقيق من قبل الصحفيين، لأنها قد تكون مقاطع فيديو مختلقة، وليست صحيحة، وهذا قد يؤدى إلى تضارب في المعلومات، وتبنى وجهات نظر خاطئة. "الصورة قد تغنى عن ألف كلمة للتعبير عن الحقائق". هكذا تحدث المصورين الروسيين فارا كوستامو، وفاليرى مالينكوف عن خبرتهما في مجال التصوير، وتحدثا عن التكنيك الذى يجب أن يتبعه الصحفي لالتقاط الصور لاسيما في مناطق الحروب والصراعات ومواطن الكوارث الطبيعية، حيث يكون الصحفي في نزاع داخلي بين دوره كصحفي، ودوره الأخطر في نقل المشاعر الإنسانية المؤثرة، والتي لا تجدها إلا في تلك المناطق، وأشاروا إلى أن الصحفي في هذا المقام لا يسعه سوى أن يعيش تلك المأساة كواحد من هؤلاء المشردين واللاجئين ليحظى بلقطاته الفوتوغرافية، والتي من الممكن أن توصل رسالة إلى العالم للحد من المآسي، فكم من صورة صحفية أوقفت مأساة الآلاف، وقاموا بعرض صور مؤثرة للحرب في سوريا، والنزاع في شرق أوكرانيا، وصور لأثر التغيرات المناخية في القطب الشمالي. وخضع الصحفيون في اليوم الرابع من ورشة العمل لدروس تطبيقية حول كيفية كتابة الأخبار مع التشديد على أهمية الاستعانة بمصادر موثوقة من خلال موضوعات صحفية عالمية مثل "الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين"، وكيفية طرحهما في وسائل الإعلام الدولية، حيث تم تقسيم الصحفيين إلى مجموعات عمل لتحليل ما كتبته كبرى الصحف العالمية حول هذا الموضوع، وكيفية التمييز بين التحاليل الإخبارية وفقا للموضوعية والتحيز. وترأس هذه المحاضرة التطبيقية كل من المستشارين الإعلاميين بسبوتنيك أوليج ديمتريف، وأوليج شيدروف، حيث أكدا أن الصحفي لابد أن يفرق بين المصادر الموثوقة في كتابة الخبر، وبين المصادر المجهلة التي تعتمد عليها بعض الصحف ووسائل الإعلام بقولها "أكد مصدر مطلع" دون الإشارة إلى الجهة التي ينتمي إليها هذا المصدر، فضلا عن الاستناد إلى نتائج استطلاعات الآراء، حيث أكدا أن تكون تلك الاستطلاعات صادرة عن جهات موثوقة وحيادية حتى لا تبث نتائج خاطئة يعتريها الشائعات والأكاذيب. وقام الصحفيون بزيارة الخارجية الروسية؛ حيث كان اللقاء مع الكستدر بيكانتوف، نائب مدير قسم الإعلام والاتصال بوزارة الخارجية، والذي تحدث عن طبيعة العمل الإعلامي مع الصحفيين، مشددا على دور الصحفيين على نقل الحقيقة، ومواجهة حملات التضليل، مؤكدا أن حروب الأكاذيب لا تقتصر على دولة بعينها، فجميع الدول مهما بلغ ثقلها الدولي تتأثر نتيجة الحروب الإعلامية التي تزعزع الأمن والاستقرار، وتضر بالاقتصاد. وقال بيكانتوف: "إن المواجهة الحالية ليست كالحروب التقليدية، هناك عدوان باستخدام أسلحة غير تقليدية، وأحد أهم عناصرها الحرب الإعلامية التي تستخدم الأكاذيب، وتغيير الصور الحقيقية"، ويتطلب هذا الأمر تعاوناً مشتركا مع الصحفيين، وأن تقوم دولهم بتوفير فرص التدريب، وإجراءات الحماية لنقل الصورة الحقيقية. وفى اليوم الأخير من ورشة العمل، حصل الصحفيون على شهادة خبرة من وكالة سبوتنيك في المجالات التي تم تدريبهم عليها. ورشة عمل حول صحافة السوشيال ميديا بموسكو ورشة عمل حول صحافة السوشيال ميديا بموسكو ورشة عمل حول صحافة السوشيال ميديا بموسكو ورشة عمل حول صحافة السوشيال ميديا بموسكو ورشة عمل حول صحافة السوشيال ميديا بموسكو ورشة عمل حول صحافة السوشيال ميديا بموسكو