أكدت الولاياتالمتحدة الجمعة، أنها لا تريد "حرباً باردة" جديدة مع الصين، وذلك خلال محادثات أمريكية-صينية في واشنطن، أكدت وجود "اختلافات كبيرة" ما زالت تُباعد بين البلدين. وعقد وزيرا الدفاع وكبار المسئولين في وزارتي خارجيتي البلدين في واشنطن محادثات، كانت أُرجئت بعد تصاعد التوتر بين أكبر قوتين اقتصاديتين. وبعد انتقادات حادة وجهها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الصين خلال الحملة الانتخابية لمجلسي النواب والشيوخ، اعتمد وزير خارجيته مايك بومبيو، لهجة أكثر تصالحية. وقال بومبيو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع عضو المكتب السياسي الصيني يانج جيشي، إنّ الولايات المتّحدة تريد تعاوناً معزّزاً مع بكين، و"لا تريد حرباً باردة أو سياسة احتوائية مع الصين". وتابع وزير الخارجية الأمريكي، أن بلاده تريد "سلوكا صينيا مسئولا ومنصفا يدعم أمن البلدين وسيادة كل منهما". من جهة أخرى، طرح بومبيو مخاوف بلاده. ففي حين تعتمد الإدارة الأمريكية لهجة ملطّفة في قضايا حقوق الإنسان، على الأقل مع حلفائها، ندد بومبيو ب"قمع" الجماعات الدينية والأقليات بما فيها الأويغور، مشيرا إلى تقرير أممي عن اعتقال نحو مليون شخص منهم في مراكز احتجاز. وعلى الرغم من تأكيده لمحاوريه الصينيين أن بلاده لا تعترف إلا ببكين، دافع بومبيو عن الديمقراطية والحكم الذاتي في تايوان، موجها انتقادات لمحاولات بكين عزل الجزيرة التي تعتبرها واحدة من أقاليمها. كذلك وجّهت الولاياتالمتحدة انتقادات لمحاولات الجيش الصيني فرض هيمنته على مناطق متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي شهدت مجموعة حوادث. والعام الماضي تعرّضت مقاتلة صينية لطائرة مراقبة عسكرية أمريكية فوق بحر الصين الجنوبي، قالت الولاياتالمتحدة إنها كانت في المجال الجوي الدولي. وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، إن المحادثات كانت "صريحة" لكن جيشي البلدين سعيا لإيجاد وسائل تحسّن التواصل وتفادي "الحسابات الخاطئة" بحرا. وقال ماتيس "لقد أكدنا أن الولاياتالمتحدة ستواصل التحليق والإبحار والعمل حيثما يسمح القانون الدولي". آمال بالتوصل لحل تجاري في المقابل، أكد يانج جيشي، مهندس السياسة الخارجية الصينية، أن بلاده تسمح بالحريات الدينية منتقدا الولاياتالمتحدة لما اعتبره "عسكرتها" لبحر الصين الجنوبي. وقال "ليست هناك مشكلة حرية ملاحة أو إعاقة تحليق، لذا فإن استخدام هذه المسألة ذريعة لعمل عسكري غير مبرر". وتابع يانج، أن "الجانب الصيني أبلغ الولاياتالمتحدة بوضوح بأنها يجب أن تكف عن تسيير سفنها وطائراتها الحربية بالقرب من الجزر الصينية، والكف عن الأعمال التي تقوض سيادة الصين ومصالحها الأمنية". وتأتي المحادثات قبل أسابيع من لقاء مرتقب بين الرئيسين الأمريكي والصيني على هامش قمة العشرين التي ستعقد في الأرجنتين يومي 30 تشرين الثاني/نوفمبر والأول من كانون الأول/ديسمبر. وفي حين ركّزت المحادثات على المسائل الأمنية، لا تزال التجارة تشكل محورا للتوترات بين البلدين. وتصاعدت الخلافات التجاريّة في الأشهر الأخيرة بين واشنطنوبكين، إذ فرض ترامب رسوماً جمركيّة مشدّدة على ما قيمته 250 مليار دولار من المنتجات التي تصدّرها الصين إلى بلاده سنوياً، وهو يهدّد بفرض مزيد من الضرائب بحيث تغطي في نهاية المطاف مجمل الواردات الأمريكية من البضائع الصينية والتي تقارب قيمتها نصف تريليون دولار سنوياً. وأبدى يانغ تفاؤلا في إمكان التوصل لحل قريب. وقال، إن "الحرب التجارية لا تؤدي إلى أي حل بل ستؤدي إلى الإضرار بالجانبين وبالاقتصاد العالمي". وتابع يانج، أن "باب التفاوض لا يزال مفتوحا. دعونا لا ننسى كيف نجح الجانبان في تخطي عقبات سابقة في علاقاتنا الاقتصادية والتجارية". تعاون حول كوريا الشمالية وتحتج الولاياتالمتحدة على ما تعتبره سرقة الصين للتكنولوجيا الأمريكية، وهو ما تنفيه بكين. وخلال الانتخابات، وجّه ترامب انتقادات حادة لبكين. كذلك، اتّهم نائبه مايك بنس الصين مطلع تشرين الأول/أكتوبر، بسرقة صناعات تكنولوجية حسّاسة، وباعتماد سياسة توسّعية دبلوماسية وعسكرية وبالمساس بالحرّيات العامة وبالأقلّيات الدينية بشكل واسع، وحتى بالتدخّل في الانتخابات الأمريكية للتخلّص من ترامب. ويندرج هذا الاجتماع الثاني من "الحوار الدبلوماسي والأمني" بعد اجتماع أوّل جرى في نيسان/أبريل 2017، في إطار جهود إحياء العلاقات الأمريكية-الصينية التي قرّرها رئيسا البلدين. وكان ترامب وشي أطلقا هذه المفاوضات في القمة التي عقداها في نيسان/أبريل 2017، في مارا لاغو في ولاية فلويدا الأمريكية، وأكّد الرئيس الأمريكي في ختامها أنّه "بنى صداقة" مع نظيره الصيني. وقال بومبيو، الذي كان وصف الصين بأنها العدو الرئيسي لبلاده، إن الولاياتالمتحدة تريد تعاوناً معزّزاً مع بكين. ودعا بومبيو إلى تعزيز التعاون حول كوريا الشمالية التي تعتمد على الصين كأكبر حليف لها. ومنذ القمة التاريخية التي جمعته بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، جعل ترامب التوصل لاتفاق مع بيونغ يانغ حول نزع السلاح النووي على رأس أولوياته.