لم يكن نبأ حبس نحو 13 فتاة شاركن فى أحداث العباسية، من قبل النيابة العسكرية، ليمر مرور الكرما، على الرأى العام المصرى، خصوصًا وأن قرار اعتقالهن كان عشوائيًا، فضلا عن أن المجتمع المصرى لم يتعود على أن تكون المرأة ضحية للدفاع عن حقوق الآخرين، بينما كانت الصدمة التى أصابت الكثيرين، هى موقف المجلس القومى للمرأة، الذى "غسل يديه" من الدفاع عن الفتيات ال 13، بدعوى أنه لن يكون طرفا فى قضية ليست وطنية. نعم تم الإفراج عن الفتيات من قبل القضاء العسكرى، لكن ظل نبأ حبسهن بمثابة "الطامة الكبرى" أصابت – بالأخص- "نصف المجتمع المصرى"، وهى المرأة المصرية، التى كانت تتصدر المظاهرات التى أطاحت بنظام مبارك، والأخرى التى تسعى لاستكمال أهداف الثورة، وإنهاء الحكم العسكرى وتسليم البلاد لسلطة مدنية منتخبة. فى هذا الشأن، قالت بثينة كامل الإعلامية والناشطة الحقوقية، التى تم استدعائها من قبل للتحقيق أمام القضاء العسكرى بعد الثورة، إن استهداف النساء خلال التظاهرات، ليس لأنها ضعيفة، لكن لأنها حين تشارك فى الاحتجاجات، فإن ذلك يعنى أن المجتمع يشارك بقوة، وهذا يربك حسابات المجلس العسكرى. وأكدت أن الشباب حين دعوا جموع الشعب للمشاركة فى ثورة 25 يناير، وجدنا حالة استجابة غير عادية من المرأة، وهذا من أهم مكتسبات الثورة، فى ظل وجود هجمات رجعية تطالب بعودة المرأة إلى منزلها وتراجع مقاومة الرجل. وقالت: "الرجل حين يجد المرأة مشاركة فى الصفوف الأمامية للمظاهرة، وتتحمل ما لا يتحمله بعض الرجال من التعرض للغاز والضرب بالحجارة والرصاص، فإنه يشعر بالحرج إذا تراخى عن المشاركة". من جانبها، أكدت الدكتورة ليلى سويف، أستاذ الإعلام، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الفتيات لا يخفن أو يرتدعن من تكرار الاعتداء عليهن أثناء المتظاهرات، وأن صدور حكم بالحبس الاحتياطى لعدد منهن، فى أحداث العباسية، هو أمر متعمد للتنكيل بهن، خصوصًا أن الحبس الاحتياطى صدر من الأساس لمنع هروب المتهمين إلى الخارج، وقالت: "غير منطقى أن تهرب معيدة تعمل فى الجامعة إلى الخارج". بدورها، قالت الناشطة الحقوقية منى عزت، مسئولة وحدة رفع الوعى بمؤسسة المرأة الجديدة، إنها ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين بشكل عام سواء للرجال أو للنساء، وأدانت حملة الاعتقالات العشوائية التى طالت الفتيات فى أحداث العباسية أمس الجمعة. أشارت منى عزت إلى أن الفتيات اللاتى تم القبض عليهن، كن يقمن بتقديم المساعدات الطبية للجرحى داخل المسجد، مما يعد انتهاكًا ومخالفة للقوانين والشرائع، خصوصًا أن القانون أقر بحق التظاهر، مؤكدة أن الثورة قامت من أجل الحرية، لكن مازال هناك سقوط من الجرحى للعديد من الشباب والفتيات. ودعت المجلس العسكرى إلى إدراك خطورة الموقف الحالى، وأن يعلم أن الشعب المصرى لن يقبل العودة للوراء أو التنازل عن حقوقه فى التعبير والاعتصام. وأعربت منى عزت عن استنكارها لتصريحات الدكتورة عزة هيكل، عضو المجلس القومى للمرأة، التى قالت فيها: إن المجلس لن يتحرك خطوة واحدة للدفاع عن الفتيات اللاتى تم القبض عليهن، ولن يكون طرفا فى قضية ليست وطنية أو قومية، وقالت: "اعتدنا على مواقف المجلس القومى للمرأة منذ النظام السابق، حين تم سحل وتمزيق ملابس إحدى الصحفيات أمام نقابة الصحفيين فى عام 2005". اتفقت مع د. منى فى الرأى، الناشطة الحقوقية مزن حسن مدير مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، فى رفضها لتصريحات الدكتورة عزة هيكل، معتبرة أنه تصريح مهين للمرأة، مؤكدة أنه ليس دور المجلس أن يحدد وطنية أى شخص. وأعربت مزن حسن عن رفضها لاستمرار محاولات استهداف النساء، ومنها فحوص العذرية، وقالت: "العسكر لا يفرق بين رجل وامرأة"، مشيرة إلى المشكلات التى تواجه بعض الفتيات المعتقلات، ومن بينها الضغط عليها من قبل أهاليهم بعدم الإفصاح عن أى شىء حدث لها، خشية التشهير بها.