على مدار خمسة أيام كاملة شاركت في فعاليات الملتقى الإعلامي الدولي حول مبادرة الرئيس الصينى شى جين بينج بشأن "طريق الحرير والحزام الاقتصادي" والذى أقيم فى مقاطعة شينجيانج غرب الصين بحضور وفود إعلامية من عدة دول من بينها السعودية وروسيا والهند وباكستان وبنجلاديش وكازاخستان وكندا وألمانيا وسويسرا وقطر وفرنسا؛ حيث شهدت تلك الفترة مناقشات ومداخلات ومحاضرات متنوعة حول طريق الحرير وأهميته لتلك الدول والصين والعالم، وأيضا دور مقاطعة شينجيانج فى دعم التجارة على مسار طريق الحرير خاصة وأنها كانت تتمتع بأهمية خاصة فى طريق الحرير القديم. ورغم أن الزيارة ليست الأولى لى للمقاطعة التى تتميز بأنها واحدة من المقاطعات ذاتية الحكم فى الصين لقومية الويغور أو الإيجور – خمس مقاطعات ذاتية الحكم فى الصين - إلا أننى شعرت بأنها المرة الأولى التى أزور المنطقة بسبب التطور الكبير والتنمية التى شهدتها البنية الأساسية بها؛ سواء الطرق أو المرافق العامة أو عمليات البناء والتشييد التى تتم فى كل مكان، بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بدعم الثقافة والفكر والفن فى كل أرجاء المقاطعة التى تبلغ مساحتها 1.6 مليون كيلو متر مربع؛ حيث وجدت دارا للأوبرا مجهزة تمامًا، وتقام عليها عروض عالمية، بالإضافة إلى المتحف القومى للمقاطعة والذى يحكي تاريخها وتطورها، ويرصد جانبًا مهمًا من حياة وتاريخ الشعب الصينى العريق. وأعتقد أن ما شهدته مقاطعة شينجيانج وعاصمتها الجميلة مدينة أورومتشى من نهضة اقتصادية بارزة يعتبر نموذجا لعمليات التنمية الشاملة التى تقوم بها الحكومة المركزية الصينية فى كافة المناطق خاصة الريفية منها والتركيز بشكل أساسى على تلك المقاطعة؛ لكونها تمثل رقما مهما فى معادلة دعم طريق الحرير؛ حيث تمتلك شينجيانج حدودًا مع ثمانى دول، وتمتلك 15 معبرًا بريًا ومطارين وبها 139 نوعًا من الموارد المعدنية منها 41 نوعًا يحتل المرتبة فوق العاشرة فى البلاد، ويحتل حجم موارد النفط 30% من إجمالى حجمه فى الصين والغاز الطبيعى 34 % من إجمالى حجمه فى الصين بالإضافة إلى وجود 40% من إجمالى حجم الفحم في الصين في المقاطعة. ولذا عندما ذكر جيو ويامن نائب الوزير بمكتب الإعلام لمجلس الدولة الصينى – خلال لقائى معه فى بكين – أن الأوضاع الحياتية فى شينجيانج تغيرت تماما خلال السنوات الأخيرة، خاصة وأنه عمل بها لمدة ثلاث سنوات عام 1998 وأن الدولة تسعى لتنفيذ "مبادرة إزالة الفقر المدقع" بحلول عام 2020 فى العديد من المقاطعات ومن بينها شينجيانج كان محقًا تمامًا؛ حيث إن الأوضاع الاقتصادية بها تغيرت تمامًا، وبدا واضحًا أن التجانس والتعايش السلمى بين مختلف الطوائف والقوميات والأديان يحقق نتائج إيجابية مبهرة للجميع. وبرغم أن المناقشات تطرقت إلى العديد من الموضوعات فإن قضية الإرهاب وما يتردد عن وجود بعض الجماعات الإرهابية فى المقاطعة احتلت مساحة واسعة منها؛ حيث أكد المشاركون أن التطرف تسلل إلى المقاطعة منذ سنوات، وبالتحديد فى ثمانينيات القرن الماضى، وفى عام 2014 بدأت الحكومة المركزية فى مواجهة التطرف والعنف، وسعت الجمعية الإسلامية إلى تصحيح الصورة والمفاهيم المغلوطة عن الإسلام وإبراز الفرق بين صحيح الدين والتطرف والإرهاب، وأدى التجانس القوى بين القوميات المتعددة فى المقاطعة إلى مواجهة الإرهاب بصورة كبيرة، وتحولت شينجيانج إلى قبلة للمستثمرين والسياح، وبدأ يشعر المواطنون بأن هناك رغبة لدى الجميع في الانفتاح على الدول المجاورة؛ خاصة بعد إنشاء الممر الاقتصادى بين كاشجار وباكستان، وأيضا منطقة التجارة الحرة بين ولاية إيلى وكازاخستان. [email protected]