ضجة كبيرة تشهدها الأوساط الثقافية في مصر خلال الأيام الماضية، تواكبا مع صدور رواية "الزوجة المكسيكية" للكاتب الدكتور إيمان يحيى، عن دار الشروق بالقاهرة، وتناولها لجزء من السيرة الذاتية للأديب المصري الكبير د.يوسف إدريس. ولا تحكى هذه الرواية فقط عن قصة ارتباط وزواج غير معروفة بين أديب مصري بارز وفتاة مكسيكية؛ هي ابنة شهيرة لدييجو ريفيرا، أهم فناني الجداريات في القرن العشرين، ولكنها أيضا تروي لنا سنوات الخمسينيات المبكرة في مصر والعالم، بكل صراعاتها وأحداثها وتأثيراتها. تنتقل أحداث الرواية ما بين القاهرة وفيينا والمكسيك؛ لنرى زمنًا وأمكنة ونسق حياة مغايرًا لم يعد له وجود في حياتنا المعاصرة. ويختار المؤلف استخدام شخصيات رواية "البيضاء" الشهيرة التي نشرها يوسف إدريس في نهاية الخمسينيات، فيبعثها للحياة من جديد ولكن في أحداث تمزج بين الواقع والخيال، فيفاجئنا وجود أسماء حقيقية لسياسيين وفنانين مصريين وعرب وعالميين، ولعل الاكتشاف الأكبر هو قصة حب وزواج "يحيى مصطفى طه"؛ ذلك الاسم الذي اختاره لنفسه يوسف إدريس في "البيضاء"، وتنبعث قصة "يحيى ورُوث"عبر صوتيْهما على صفحات الرواية، صراعًا بين ثقافتيْن مختلفتيْن، وطموحيْن مشروعيْن، وجانبيْن من المشاعر، حب وغيرة وطموح وفن، أجواء سياسية قلقة في مصر، ومأساة تعصف بعائلة "رُوث" في المكسيك. كل هذا يأتي في إطار عامَي 1953 و 1954 بأجوائهما والتأرجح في الصراع بين الديمقراطية والدكتاتورية، والاختيار بين حرية الصحافة ومصادرة الرأي الآخر، وحيرة المثقفين المتوزعين بين التأييد والمعارضة، رواية عن الثورة والمستقبل والعالم الذي كان. "بوابة الأهرام" حاورت مؤلف الرواية د.إيمان يحيي عن تفاصيل العمل الأدبي المثير للجدل، والذي خطف الأنظار في الصحافة المصرية والعربية خلال يوليو الجاري. - كيف بدأت قصة كتابتك لرواية "الزوجة المكسيكية"، وكيف جاءت تجربتك مع التقنية الروائية المستخدمة في العمل؟ بدأت حكايتي مع "الزوجة المكسيكية " بجملة مكونة من بضع كلمات، في كتاب للمستشرقة الروسية فاليريا كربتشنكو عن الأديب يوسف إدريس، جملة تنبئ أن إدريس تزوج بابنة الفنان العالمي "دييجو ريفيرا"، أديب مثل إدريس قد يختلط الواقع مع الخيال في حديثه، كما يحدث مع آخرين، من تلك النقطة بدأت رحلة البحث والتفكير، استغرق ذلك 7 سنوات، ثم استغرقت الكتابة 3 سنوات، والرواية بها قصتان: قصة إطارها يجري بين أستاذ متخصص في الأدب العربي وطالبة نصف مصرية ونصف أمريكية، يبحثان عن الحقيقة، ورواية مضمون بها صوتا يحيى مصطفى طه، بطل رواية البيضاء، و روث ريفييرا، التى قال إدريس إنه استمد منها البيضاء، في أحيان نجد قصة الأستاذ والكاتبة في مقدمة المشهد، وفي أحيان أخرى تأتي رواية الصوتين في المقدمة، تضافر يفسح الطريق لاستخدام الصورة واللوحة البصرية لإيجاد أجواء الرواية، التوثيق تم استخدامه مع الأغاني والموسيقى، واستخدما في داخل النص للرجوع إلى الزمن، التنقل بين أزمنة عديدة أيضا استخدم تقنيات السينما من مونتاج وحركة كاميرا. - كيف ترى أجواء العمل و تقاطعاتها مع رواية "البيضاء" ليوسف إدريس ؟ الرواية رسالة حب إلى إدريس، الذي من الصعب تكرار موهبته إلا كل عشرات من السنوات، كما أنها إعادة اعتبار الى رواية "البيضاء"، التي أعدها رائدة في مجال الرواية العربية، من اكتشاف للعالم الداخلي للبطل، ومن يقرأ البيضاء الآن، يدهش من قدرة إدريس على نقد سلبيات التجمد الأيديولوجي في وقت مبكر جدًا، كل ما قاله نسمع عنه في زمن البريسترويكا والجلاسنوست، أى نبؤة هذه التي أطلقها إدريس في وقت مبكر جدا! يوسف ادريس - كيف ترى شخصية الأديب الكبير الدكتور يوسف إدريس وحياته؟ يخطئ من يعتقد أن الرواية عن قصة زيجة مجهولة ليوسف إدريس، الرواية عن عصر بأكمله، عصر بداية الحرب الباردة في العالم، وصعود قوى التحرر الوطني والتخلص من الاحتلال الأجنبي، وبروز أنظمة حكم وطنية وممارسة الاستبداد والانفراد بالحكم، هي رواية عن مصر والعالم في الفترة ما بين عامي 1952-1954م. يضيف إيمان يحيى: استخدامي لمقتطفات من البيضاء في بدايات الفصول، أعطى الرواية تشابكا مع عمل يوسف إدريس، كما أنني استخدمت أسماء أبطال البيضاء، وكشفت عن مساراتهم في الواقع مع تطوير لشخصياتهم، واستخدمت بعض الأسماء لشخصيات معروفة شاركت في الأحداث بأسمائها الحقيقية، أما الأسماء الأجنبية فظلت كما هي. - بعد كل هذه الضجة.. كيف يسير مشروعك الأدبي ككل الآن، وكيف ترى الرواية ووضعيتها في ذلك المشروع؟ بدأت الكتابة الأدبية وأنا على أعتاب الستين من العمر، وهذا ما يجعلني أحرص على تقديم ما هو جديد، يثري عتام الرواية المصرية، لي رواية أولى باسم "الكتابة بالمشرط"، صدرت منذ 5 سنوات، وتدخل عالما جديدا على الرواية العربية والمصرية، هو عالم الجامعات والمستشفيات من الداخل، وتجري في عامي 2013 و2014، ومشاهدها داخل غرف العمليات وأروقة المستشفيات، وفي أحداث محمد محمود، هي رواية تعكس الصراع في المجتمع آنذاك، وداخل قمة المجتمع "الجامعة"، ولو أن مثل تلك الرواية نشرت في مجتمع آخر لأعتبرت ناقوس خطر يدق للمستقبل. - ما هي خطوتك المقبلة؟ لدي أفكار جديدة لأعمال أخرى، وبدأت بالفعل العمل على رواية جديدة، لكن المستقبل قد يحمل مفاجأة تقعدنى عن كتابتها، وربما أذهب لكتابة فكرة أخرى ملحة وناضجة.
الجدير بالذكر أنه من المقرر أن تنظم مكتبة الشروق بالمهندسين، أمسية لمناقشة وتوقيع رواية "الزوجة المكسيكية"، في تمام الساعة السابعة مساء اليوم الإثنين 30 يوليو. يوسف ادريس يوسف ادريس