مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض    برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: الدمار في غزة هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية    تشيلسي يهزم توتنهام بثنائية في الدوري الإنجليزي    صن داونز يهزم كايزر تشيفز بخماسية ويتوج بالدوري الجنوب إفريقي    مصرع سيدة وإصابة شخصين إثر حادث تصادم بالسنطة في الغربية    نعيم صبري: نجيب محفوظ هو مؤسس الرواية العربية الحديثة    توقعات برج الأسد في مايو 2024: «تُفتح له الأبواب أمام مشاريع جديدة مُربحة»    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    خلال 3 شهور .. علاج مليون مواطن بالمجان في مستشفيات دمياط    الأونروا تعلن عدم قدرتها على إجلاء المدنيين من رفح وتحذر من سقوط آلاف القتلى    باحث: انشقاق واضح وغير مسبوق داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولي على قرية أوشيريتين    الحكومة: نعمل على توفير السيولة الدولارية لمواجهة أي تحديات اقتصادية إقليمية أو دولية    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان وطني لا مجال للمزايدة عليه    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    بيان عاجل من الأهلي بشأن أزمة الشحات والشيبي.. «خطوة قبل التصعيد»    استعدادًا لموسم السيول.. الوحدة المحلية لمدينة طور سيناء تطلق حملة لتطهير مجرى السيول ورفع الأحجار من أمام السدود    جهود لضبط متهم بقتل زوجته في شبرا الخيمة    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لشاب ينقب عن الآثار بأسيوط    زيارة ميدانية لطلاب برنامج علم النفس الإكلينيكي ببني سويف الأهلية للمستشفى الجامعي    أسعار النفط تستقر وسط ارتفاع المخزونات وهدوء التوترات الجيوسياسية    زينب العبد: لما بركب طيارة وشي بينور    تفاصيل أزمة منع المرشدين السياحيين من دخول المواقع الأثرية بمرافقة الوفود السياحية    زاهي حواس لا يوجد آثار للأنبياء في مصر.. والبعض يدمرنا ليقف بجانب إسرائيل    للشهر الثاني على التوالي.. ميتسوبيشي مصر تثبت أسعار سياراتها    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك شعب كنيسة عين شمس الاحتفال بخميس العهد |صور    طريقة عمل القرص الطرية، الوصفة الأصلية والنتيجة مضمونة    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    وزير الرياضة يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع جامعة جنوب الوادي    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    أخبار الأهلي: توقيع عقوبة كبيرة على لاعب الأهلي بفرمان من الخطيب    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    مستشار المفتي: تصدّينا لمحاولات هدم المرجعية واستعدنا ثقة المستفتين حول العالم (صور)    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة إنتاج الشيطان
نشر في بوابة الأهرام يوم 29 - 07 - 2018

يمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة جديدة لنظام الحكم في طهران لكي يعيدوا إنتاج "الشيطان الأكبر" عن طريق إقناع الشعب الإيراني بالالتفاف حول قيادته، لمواجهة قوى الاستكبار والطغيان والغطرسة.
كان إنتاج "الشيطان الأكبر" أو "الأعظم" يجري بينما يقتحم الطلاب الإيرانيون مقر السفارة الأمريكية في طهران عام 1979،عقب الإطاحة بحكم الشاه، للتنديد بقرار واشنطن استضافته للعلاج، مطالبين بتسليمه لإيران لمحاكمته.
واحتل الطلاب مقر السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا الدبلوماسيين الأمريكيين بداخله، وعددهم 52، كرهائن لمدة 444 يومًا، بينما فشلت في العام التالي عملية "مخلب النسر" لتحريرهم التي أمر بها، ثم ألغاها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بسبب عواصف رملية ومفاجآت غير متوقعة لنجوم قوات دلتا الشهيرة، وألغيت العملية بعد ساعتين من التخبط في الصحراء، وقال آية الله الخميني في خطاب شهير: إن الله قد أنعم على الحكومة الإسلامية بمعجزة العاصفة الرملية.
والخميني نفسه هو من وصف السفارة الأمريكية في طهران بأنها عش الجواسيس، وكانت إيران وبسبب من الضغوط الأمريكية على قلب رجل واحد، وتم توقيع "اتفاق الجزائر" ليلة مغادرة كارتر البيت الأبيض، وتم تسليمهم في يوم نهاية خدمته، بينما يضع رونالد ريجان قدمه اليمني على عتبة البيت الأبيض.. بعد ذلك بأكثر من خمسة عشر عامًا، كان الفيلم الإيراني "عاصفة الرمال" ثم أغنية حامد زماني "الغناء مع العاصفة".
ظل الشد والجذب بين واشنطن وطهران طوال الوقت، يدعمه الخلاف العقائدي وتغذيه أزمات طهران مع حلفاء واشنطن خصوصًا إسرائيل، ولكن لا أحد يستبعد تورط واشنطن في مساندة من نوع ما للعراق في حربها ضد إيران، حتى عاد الخميني إلي معزوفاته الفلسفية ليقول إنه يتجرع السم الزعاف ويقبل وقف إطلاق النار مع العراق.
أما تسخين الخليج "الثائر" بطبعه ولما يحتويه باطنه من ثروات، فكان هدفًا أمريكيًا بامتياز، ولا يستبعد كثيرون تورط واشنطن في دفع بغداد إلي احتلال الكويت للدخول في حرب خليجية ثانية كانت هذه المرة قاسية، وكم كانت مكلفة!.
وانكسر صدام.. ولم يعد في نية أحد حل النزاع مع إسرائيل عسكريًا سوى إيران، برغم أن الجميع يعرف أن هذا الأمر لن يحدث مطلقًا.. لكنها أحلام الشعوب اليائسة.. وعلي هذا النحو أيضًا تثير إسرائيل الحساسيات بزعم تهديد أمنها، وتحاول الولايات المتحدة أن تبدو كأنها تصدق أن إيران يمكن أن تهاجم إسرائيل لتحرير فلسطين.
هكذا مضي الأمر.. ودخلت المنطقة في خطة أمريكية لشرق أوسط جديد ليس فيه نظام صدام حسين، فتم غزو العراق، ولا لسلاح نووي إيراني، فزاد ضغط العقوبات.
لكن العالم استرد أنفاسه مع توقيع اتفاق نووي للدول الغربية وأمريكا مع إيران (5+1) .. وقال الرئيس روحاني إنه أعظم انتصار دبلوماسي في تاريخ الإسلام. ومع هذا التطور الذي أزاح سيناريوهات الحرب ضد إيران، أمريكية أو عن طريق الوسيط الإسرائيلي، بدأ الإيرانيون يتحركون في الداخل.. بدأت مطالبات بحقوقهم وحرياتهم.. لكن الولايات المتحدة لم تمرر المسألة، وإنما تفاجئ العالم بإلغاء الاتفاق النووي، وتشديد العقوبات، ومحاولة الوصول بالنفط المصدر من إيران إلى صفر تصدير.
ألا يعيد هذا النمط "الترامبي" من التفكير إيران إلي التفكير بدورها أو الشعور بالنشوة؛ لأنه يعيد لها فرص إنتاج "الشيطان الأعظم" الذي يريد خنق وتدمير إيران ليلتف الشعب حول قيادته.. أليست هذه فرصة رائعة لإسكات الصوت الداخلي في إيران.. ثم إن ترامب مهما تفوق في لغة الخطاب لن يكون شيئًا بجوار بلد الفلاسفة والشعراء وكبار المتصوفة.. فقد رد قادة ايران بكل الكلمات الموجعة والمتخمة برحلة التاريخ وعمق الحضارة وأشبعوه سبابًا وتهديدًا لدرجة أن ترامب ما عاد يزعجه سوى التهديد اللفظي الذي يتلقاه من طهران عندما يستيقظ من النوم.
إن ترامب عندما يستيقظ يكون قد مر النهار بطوله ومالت الشمس إلى المغيب على طهران وضواحيها، ويكون قد لُعن ملايين المرات، ويكون في الوقت ذاته قد وحد الأمة الإيرانية.
إن ترامب لا يفعل شيئًا وهو مشهور بالتراجع كتاجر في وكالة البلح يضرب السعر في اثنين أو في ثلاثة، ثم يقبل بأقل من نصف السعر الذي حدده حتى لا يغادر الزبون، ولم يدر أنها أيضًا ثقافة إيرانية بامتياز، ومشهورة في العالم بثقافة البازار. لن يباريهم فيها.
كل ما تحقق للولايات المتحدة من هيمنة في المنطقة وفي العالم أمور لا تكفي ترامب، حتى إنه الآن يطالب بالثمن، وبلاده أخذته طوال العقود الماضية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، هو يتبجح أمام صديقه ماكرون في البيت الأبيض أخيرًا، ويقول في مؤتمر صحفي إنه يطالب دول الشرق الأوسط ب 7 تريليونات دولار؛ صرفتها بلاده هنا على مدار 18 عامًا، و"لم نحصل على شيء في المقابل؛ بل أقل من لا شيء".
ويقول: تحدثنا إليهم، وهم دول غنية للغاية وسيدفعون ثمن ذلك.. وبخلاف ذلك سيكون لديك إيران تصل مباشرة للمتوسط.. ويضيف بكل حزن وأسي: "وحينما نريد إعادة إعمار بنيتنا التحتية، سيادة الرئيس يقول الجميع إنه ينبغي أن يحذروا في صرف أموالهم".
صحيح أن كثيرًا من دول المنطقة تعاني من إيران وتدخلاتها في الشأن العربي، ولكن ضرب إيران شيء آخر.. وأظن أن ترامب لن يفعلها؛ لأنه في النهاية يريد الاستفادة القصوى من أي مشاجرة عالمية عن طريق بث الرعب، وظن الآخرين في جنون تصرفاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.