تلقى زيارة الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية للقدس اليوم نقدا شديدا من جانب غالبية القوى السياسية فى مصر، والتى شعرت بنوع من الصدمة، حيث جاءت الزيارة فى الوقت الذى يواجه فيه أقباط مصر الذين زاروا القدس لحضور الاحتفالات انتقادات عنيفة من قبل المجتمع من ناحية، ومن قبل الكنيسة الأرثوذكسية التى أصرت على الالتزام بقرار البابا شنودة الراحل بعدم زيارة القدس طالما ظلت تحت الاحتلال الإسرائيلى. وإعتبر الدكتور جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر أنه طالما جاءت زيارة الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية للقدس عن طريق تأشيرة ليست بإسرائيلية، فلا توجد مخالفة فى ذلك، بينما لفت الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع الى أنه فى حالة حصول المفتى على تأشيرة غير إسرائيلية لدخول القدس، فالمواطنون العاديون لا يستطيعون فعل ذلك، مضيفا "الزيارة هى الزيارة". وقال السعيد ل "بوابة الأهرام": بهذه الزيارة نتخلى عن موقف إيجابى عظيم أخذه المصريون على أنفسهم بعدم زيارة القدس، طالما أنها لا تزال تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلى، وستضع هذه الزيارة الكنيسة القبطية فى مأزق عنيف جدا وكان عليه أن يدرس جوانب الموقف قبل قيامه بهذه الزيارة". وشددت الدكتورة منار الشوربجى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، على ضرورة استقالة المفتى من منصبه، مضيفا" بعد ذلك يستطيع أن يسافر الدكتور على جمعة، كما يريد ولكن ليس بصفته كمفتى الديار المصرية حيث يحتم عليه منصبه ألا يسافر إلى القدس، وهذا موقف غير مقبول". ووصف عبد القادر ياسين، المؤرخ السياسى الفلسطينى، زيارة المفتى للقدس اليوم بأنها "زيارة عار" وأنها عززت توجه المفتى والذى يرافقه عدد من الشرطة الأردنية القبيحة المتورطة فى التطبيع التاريخى مع إسرائيل. وردا على إعلان دار الإفتاء على لسان مستشار المفتى الدكتور إبراهيم نجم، أن المفتى لم يدخل القدس بتأشيرة إسرائيلية، قال ياسين "لا يستطيع إنسان غير إسرائيلى أن يدخل إلى الأراضى المحتلة إلا بختم السلطات الإسرائيلية، إلا إذا كان جمعة قد دخلها فاتحاً ونحن لا نعلم". وأشار المؤرخ الفلسطينى المقيم بالقاهرة، إلى أن الإسرائيليين يعلمون أن الزيارة تصب فى مصلحتهم وإلا كانوا منعوها، فى حين أن سلطات الاحتلال تمنع أبناء الشعب الفلسطينى أنفسهم من زيارة القدس أو المسجد الأقصى، ويجب ألا تمر هذه الجريمة بدون عقاب، وموافقة وفد أردنى له دليل إدانة وليس للتبرئة". وقال د. عماد أبو غازي وزير الثقافة السابق "مسألة زيارة القدس ليست من الأمور التي يمكن أن تدلي فيها بآراء قاطعة إذ أنها تخضع للتقدير الشخصي لكل فرد، وإن كنت أرفضها علي الصعيدين النفسي والسياسي، فأنا لن أقبل بزيارة القدس وهي تحت الاحتلال، لكني لا ألوم المفتي علي خطوته". وأضاف أبو غازي تلك المسألة تتعدد فيها الآراء، فهناك أشخاص من بين الجماعة الوطنية الفلسطينية ذاتها طلبوا من المثقفين المصريين زيارة القدس دعماً لها ولموقفهم، ومن ثم فزيارة القدس هي موقف تقديري. من جانبه أعرب د. جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق عن رفضه التام لتلك الزيارة، التي تخالف إجماع الجماعة الوطنية المصرية والتي تبناها شيخ الأزهر والبابا شنودة قبل رحيله، وقال إن زيارة القدس مرفوضة تماماً قبل رجوع حقوق الفلسطينيين إليهم كاملة. واعتبر حلمي النمنم رئيس مجلس إدارة دار الهلال أن زيارة القدس خطوة خاطئة تماماً ما كان يريد لفضيلة المفتي أن يتورط فيها، وقال إنه من الواضح أن هناك خطة للتطبيع مع إسرائيل عبر البوابة الدينية، وقد برزت بعض العلامات علي ذلك بزيارة وفود من المسيحيين للقدس في عيد الفصح، وزيارة الداعية الإسلامي الحبيب الجفري وأخيراً زيارة المفتي للأراضي المقدسة. وقال النمنم إن زيارة الأقباط للقدس شأن يخصهم وكذا زيارة الحبيب الجفري ولكن زيارة مفتي مصر للقدس هي أمر يخصنا جميعاً، وأضاف أن كل الحجج التي ستساق لتبرير تلك الزيارة ستكون مرفوضة فهذه أرض محتلة ويجري تهويدها وزيارتها بتلك الطريقة تعني الموافقة الضمنية علي تلك الممارسات. وأبدي المؤرخ المصري محمد عفيفي اندهاشه من توقيت الزيارة، في وقت تمر فيه البلاد بحالة غير مستقرة، وتساءل عن توقيت الزيارة، فهو في منصب الإفتاء منذ سنوات طويلة، هل كان ينتظر الدعوة الأردنية لكي يذهب؟ وقال إن المفتي لم يكن مقدراً لردود الأفعال التي ستجلبها تلك الزيارة من جانب الحركة الوطنية المصرية. وقال عفيفي إن كون المفتي قد دخل القدس عبر الأردن أمر لا يعفيه من شبهة التطبيع، إذ لابد أنه سيحصل علي تأشيرة إسرائيلية، إن لم تكن علي جواز السفر فستكون في ورقة خارجية.