تنطلق الصافرة على ملعب صغير لكرة القدم في دير البلح، لتعطي إشارة بدء التنافس بين 12 لاعبا يرتدون زيا برتقالي اللون، يتكئون على عكازات معدنية، ويشكلون أول فريق لمبتوري الأطراف في قطاع غزة. فقد معظم هؤلاء طرفا أو أكثر جراء الاعتداءات الإسرائيلية، إلا أن ظروفهم الجسدية لم تمنعهم من متابعة شغفهم بكرة القدم والإصرار على اللعب، على أمل تعميم هذه التجربة والمشاركة في المنافسة محليًا ودوليًا. بترت الساق اليسرى لإسلام أموم (27 عامًا) في قصف جوي إسرائيلي في حرب 2014، ويقول "كنت حارس مرمى لفريق أشبال خدمات مخيم البريج قبل الإصابة، واليوم صار في إمكاني مواصلة مشواري الكروي". يضيف لوكالة فرانس برس :الإعاقة الحركية لا تعيق الطموح. أموم هو واحد من 15 لاعبًا مبتوري الأطراف تتراوح أعمارهم بين 16 و40 عاما، باتوا يشكلون أول فريق من هذا النوع في القطاع المحاصر.بينهم، قائد الفريق محمد جويفل (22 عامًا) الذي بترت ساقه اليمنى جراء حادث سير تعرض له في سن الثالثة عشرة. أعد جويفل وأموم أغنية للفريق من وحي موسيقى "الراب" لاقت انتشارا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول كلماتها "رغم الظلم رغم الألم لازم (يجب ان) نعرف"، هدفها بحسب "الكابتن" توجيه رسالة بأن ذوي الاحتياجات الخاصة هم جزء من المجتمع حتى في كرة القدم. يخوض أعضاء الفريق يوميا تمارين بدنية في غرفة مخصصة لهم في جمعية تأهيل المعاقين حركيا في دير البلح، ويلتقون عصر كل يوم إثنين على ملعب دير البلح، وينقسمون إلى تشكيلتين تضم كل منهما ستة لاعبين. على أرض الملعب المفروشة بالعشب الصناعي والمحاطة بسياج معدني، يتمرن اللاعبون بإشراف المدرب خالد المبحوح (32عامًا) الذي يعمد كلما دعت الحاجة، إلى وقف المباراة لإعطاء توجيهات يستعين في تحضيرها بأشرطة مصورة على الإنترنت أو نصائح من متخصصين. ويقول المدرب المتطوع "آمل في الحصول على دورات وتأهيل في الخارج لان مبتوري الأطراف بحاجة لتدريبات خاصة وعكازات مخصصة". "فريق الأبطال" "التدريبات شاقة لكنها ممتعة"، بحسب ما يؤكد عبد المجيد أبو معيلق، الشاب البالغ من العمر 25 عامًا والقاطن في مخيم المغازي الفقير وسط القطاع، يقول إن إصابته تعود لانفجار قذيفة "من مخلفات الاحتلال" كان يلعب بها مع أقرانه قرب الحدود مع اسرائيل شرق المخيم. لم يرغب أبو معيلق في أن تحول إصابته دون مزاولته اللعبة، والآن يشعر أنه "حارس مرمى يمكن أن أنافس". لا يزال الفريق الحديث العهد يفتقد لإمكانات تتيح له الحصول على مقر مستقل أو ملعب مخصص، بحسب مؤسس الفريق فؤاد أبو غليون. ويضيف صاحب فكرة تأسيس اتحاد البتر الفلسطيني لكرة القدم وعضو اللجنة الفلسطينية البارالمبية، "جاءتني فكرة الفريق عندما كنت أشاهد مباراة مبتوري الأطراف بين فريقي تركيا وإنجلترا في نهاية العام الماضي". يضيف "شعرت أنني أستطيع أن أحقق حلم مئات مبتوري الأطراف في غزة سواء بسبب الاحتلال الإسرائيلي أو من حوادث". ويتابع "الفريق أطلقنا عليه فريق الأبطال"، أملا في زيادة عدد الفرق المماثلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وصولا لتنظيم "دوري محلي لكرة قدم البتر" والحصول على ضوء أخضر من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). بدأ أبو غليون تشكيل الفريق الذي يؤكد أن غالبية لاعبيه أصيبوا بنيران الجيش الإسرائيلي، في 30 مارس بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات قرب السياج الحدودي مع اسرائيل، والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 140 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 15 ألف بينهم مئات بترت أطرافهم، إلا أن الفريق لا يضم في صفوفه مصابين من الأحداث الأخيرة. وشنت إسرائيل ثلاثة حروب على القطاع المحاصر الذي يقيم فيه نحو مليونا نسمة، منذ العام 2008. وخلال الحرب الأخيرة في 2014، قتل أكثر من ألفي فلسطيني غالبتهم من المدنيين، مقابل 74 شخصًا في الجانب الإسرائيلي غالبيتهم من العسكريين. أقام الفريق الشهر الماضي مباراتين في رفح بجنوب القطاع وفي مخيم النصيرات (وسط)، حضرهما نحو ثلاثة آلاف شخص، بحسب المبحوح. ويشدد الأخير على أن حضور المشجعين ليس من باب "الشفقة". ويوضح "الجمهور يشجع الفريق على ادائه الكروي المهني الممتع وليس شفقة، الفريق فعلا يوفر المتعة والبهجة والفرح للناس"، مضيفا "نحمل رسالة سلام ومحبة ونتطلع" إلى دعم يجعل الفريق قادرا على المنافسة، لاسيما وأن لاعبيه يطمحون بأن تتحول محاولتهم الناشئة، إلى تجربة تحملهم إلى منافسات محلية ودولية. ويقول إبراهيم خطاب (13 عاما) أصغر اللاعبين سنا، والذي بترت قدمه اليسرى جراء صاروخ اسرائيلي في حرب 2014، "أحلم بأن أصبح لاعبا مشهورا وأحمل الكأس بفوز فلسطين. . . . . .