تستهدف حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، في برنامجها لعام 2018/2019 – 2021/2022 تحت عنوان "مصر تنطلق" تحقيق عدة معادلات لتوفير حياة كريمة للمواطن المصري، تنفيذًا للتوجيهات الواردة بالخطاب الرئاسي. وتسعي الحكومة إلي تنمية الموارد المائية بزيادة كمية المياه المحلاة من مياه البحر من 290 ألف متر مكعب إلي مليون متر مكعب، هذا بالإضافة إلي ترشيد استخدامات الري بالتوسع في تطبيق نظام الري الحقلي في الزراعة بإضافة 60 ألف فدان سنويًا، كما يستهدف البرنامج الحكومي الحد من الزراعات الشرهة للمياه مثل محصول الأرز واستنباط أصناف جديدة تتحمل الجفاف. ويتطلع البرنامج الحكومي إلي تحفيز دور التعاونيات في تسويق المحاصيل الزراعية لضمان عدم وقوع الفلاح فريسة لجشع التجار، هذا بالإضافة إلي تحديد الحدود القصوى لمتبقيات المبيدات والمستحضرات في الأغذية المتداولة. قامت" بوابة الأهرام" باستطلاع آراء الخبراء في هذا المجال لتقديم مقترحاتهم للمساهمة في تنفيذ البرنامج الحكومي..
تحد خطير أدركت مصر منذ سنوات أن تحلية مياه البحر أصبحت خيارًا إستراتيجيًا، خاصة أنه يوفر تكاليف عملية نقل المياه من نهر النيل مباشرة للمحافظات الساحلية، ويقصر استخدامات مياه النيل على الزراعة والري، وكانت محافظات مطروح وسيناء والبحر والأحمر أولي المحافظات التى شهدت إنشاء مثل هذه المحطات بطاقة إجمالية بلغت 235.6 ألف متر مكعب في اليوم. يقول الدكتور محمد عبد الحميد داود الخبير المائي ومستشار الموارد المائية بأبوظبي ل"بوابة الأهرام": يمثل توافر المياه العذبة اللازمة للتنمية البشرية والاقتصادية تحديًا خطيرًا أمام المسئولين والمخططين في مصر، خاصة في الآونة الأخيرة بعد ظهور أزمة سد النهضة الإثيوبي مما فرض على مصر وبقوة الاتجاه إلى حلول غير تقليدية لحل أزمة العجز في الميزان المائي أبرزها اللجوء إلي صناعة التحلية، مضيفًا أن ذلك من خلال الاتجاه بقوة نحو زيادة عدد محطات تحلية مياه البحر والمياه الجوفية المسوس (عالية الملوحة) أيضًا، خاصة بعد وصول العجز الحالي في الموارد المائية إلى 20 مليار متر مكعب. تحلية مياه البحر خطط طموحة ولفت داود إلى أنه بالرغم من أن التكاليف الرأسمالية والتشغيلية ما زالت عالية لإنشاء وإدارة وتشغيل محطات التحلية، إلا أن هناك خططًا طموحة من الدولة المصرية لإنتاج معدات التحلية محليًا لتقليل تكلفة استيراد هذه المعدات من الخارج وتقليل إنفاق العملة الصعبة في عملية تحلية المياه، مشيرًا إلي أن الدولة قد بدأت بالفعل في خطة طموحة تهدف إلي رفع الطاقة الإنتاجية من مياه التحلية من 290 ألف متر مكعب يوميا لتصل إلي مليون متر مكعب يوميا بحلول عام 2037، فقامت الدولة بإنشاء محطات تحلية في منطقة مطروح والضبعة تعمل على تحلية 100 ألف متر مكعب يومياً من مياه البحر، وعدد من المحطات في محافظة جنوبسيناء بطاقة 20 ألف متر مكعب يومياً للواحدة، إلى جانب محطة في مدينة الغردقة بالبحر الأحمر.
محطات تحلية ضخمة ويشير داود إلي أنه تم وضع خطة لإنشاء محطة ضخمة لتحلية مياه البحر في العالم في منطقة العين السخنة شرق القاهرة، والتي ستعمل على تنقية 165 ألف متر مكعب من المياه يومياً لتغذية المنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس، إلى جانب 3 محطات عملاقة أخرى بطاقة 150 ألف متر مكعب يومياً في الجلالة "شرق بورسعيد" ومدينة العلمين الجديدة بمحافظة مطروح في الشمال الغربي، بالإضافة إلي عدد من المحطات الأخرى في المدن الجديدة التي تم إنشاؤها في المناطق الساحلية. سد النهضة الأثيوبي توفير التمويل ويري داود أن من أهم التحديات للتوسع في صناعة التحلية هو توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه المحطات بالطاقة الإنتاجية المستهدفة، ومن ثم فإن هناك حاجة لدخول القطاع الخاص في عملية الإنتاج، خاصة في المنتجعات السياحية والمدن الجديدة، لافتًا أن التكلفة الرأسمالية الكلية المتوقعة لتنفيذ خطط الحكومة للوصول إلي طاقة إنتاجية مليون متر مكعب سنوياً من مياه التحلية تقدر بنحو 10 مليارات جنيه بالإضافة إلي تكاليف التشغيل والصيانة والطاقة، ومن الممكن أن تنخفض هذه التكلفة إذا ما تم الإسراع في توطين صناعة التحلية والبدء في تصنيع بعض مكونات المحطات محلياً، وكذلك استخدام أحدث التقنيات لتوفير الطاقة المستخدمة حاليًا في هذه المحطات والتي تقدر بنحو 4-5 كيلووات ساعة للمتر المكعب بحيث يمكن أن تنخفض إلي نحو 3,5 كيلووات ساعة للمتر المكعب.
قطاع الطاقة المتجددة وتابع داود قوله إن هذه التقديرات تشير إلي أن الطاقة الكهربائية المطلوبة لمحطات التحلية المخطط إنشاؤها حتى 2037 تصل إلي 395 ميجاوات ساعة، ومن هنا تبرز أهمية اتجاه الحكومة إلي الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتوفير هذه الطاقة مستقبلًا دون الحاجة إلي التوسع الكبير في المحطات الحرارية، مشيرًا إلي أن التقديرات للتكلفة الرأسمالية لإنتاج متر مكعب من المياه المحلاة من مياه البحر تتراوح ما بين 15 إلى 18 ألف جنيه في الوقت الحالي، ويعتمد ذلك على عدة عوامل اقتصادية وبيئية ونوعية مياه البحر المستخدمة، لذا فإن سعر المتر المكعب من المياه المحلاة حاليًا يتراوح من 13 إلي 16 جنيهًا. محطة تحلية مياه مياه المسوس ويؤكد الخبير المائي أنه مع توطين صناعة المعدات والعناصر المستخدمة في محطات التحلية كصناعة محلية لتصنيع طلمبات الضغط العالي والأغشية التي تدخل في تكوين محطات تحلية المياه وبعض العناصر الأخرى، فإن هذه التكلفة من المتوقع أن تنخفض، كذلك يجب الإشارة إلي أن تحلية مياه "المسوس"وهى المياه الجوفية عالية الملوحة والتي لا تصل ملوحتها (أقل من 15000 ملجم/لتر) لدرجة ملوحة ماء البحر (35000 ملجم/لتر) ستكون تكلفتها أقل، مضيفًا كذلك يجدر الإشارة إلي أهمية النظر إلي تعريفه مياه التحلية، كما أنه في الوقت الحالي من غير المجدي اقتصاديًا اللجوء إلي مياه التحلية بطرق الري التقليدية لكن يمكن استخدامها مع الطرق التكنولوجية عالية الكفاءة في الإنتاج الزراعي مثل الزراعة المائية (الهيدروبونيك) أو إنتاج الأعلاف من الشعير المستنبت.
إستراتيجيات جديدة ويستطرد داود قوله ومع كل هذه التحديات فقد وضعت الدولة إستراتيجيات جديدة وطموحة لتنمية مواردها المائية من خلال ترشيد استخدامات المياه الحالية والعمل على زيادة الوعي المائي لدى المواطن، والخطوات التي اتخذتها مصر في الفترة الأخيرة لإنشاء محطات التحلية وتوطين صناعتها أو إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها لتجنب مخاطر عجز الميزان المائي مستقبلًا.
الري الحقلي وأطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري، ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، مشروع "دعم الإدارة المستدامة للمياه وتحديث الري في المناطق المستصلحة حديثا"، والذي تم الاتفاق على تنفيذه في مصر في ظل التوجهات المصرية بالتوسع الأفقي في الأراضي الجديدة في الصحراء، ويوضح لنا الدكتور سمير أبو سليمان مدير وحدة مشروعات تطوير الري الحقلي بوزارة الزراعة، أن الوزارة قد استطاعت في آخر عامين تحقيق زيادة في الرقعة الزراعية في العام بمتوسط عام يقرب80 من ألف فدان، مشيرًاإلى أن ما يلزمنا هو توفير التمويل، هذا بالإضافة إلي أن المشروع يتم تنفيذه كنموذج إرشادي في 10 محافظات بالوجهين القبلي والبحري بالتعاون والتنسيق مع وزارات الري والكهرباء والزراعة. ويشير أبو سليمان بتضمين"مشروع الري الحقلي" ضمن البرنامج الحكومي الذي أطلقته الحكومة تحت شعار" مصر تنطلق" بداية إقراره كمشروع قومي. الري الحقلي الأرز الهوائي "محصول الأرز" أحد أهم المحاصيل الأساسية لمعظم الشعب المصري، فهو يحتل المركز الثاني بعد القمح في مكونات الغذاء للمصريين، ونظرًا لانخفاض في منسوب المياه فإن الحكومة أقرت في برنامجها تقليل زراعة المحاصيل الشرهة للمياه مثل محصول الأرز ، يشير الدكتور عبد الله عبد النبي رئيس مكون تربية الأرز بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، بأننا نقوم بتطبيق تكنولوجيا توفير المياه عن طريق استخدام الأصناف المتحملة للجفاف " المتحملة لنقص مياه الري" فقط، لافتًا إلي أنه تم استنباط أصناف مبشرة من الأرز تتحمل الجفاف " الأرز الهوائي" أو " الأرز المتحمل للجفاف لفترات الري المتباعدة"، مثل الصنف " سخا107"، حيث يتحمل هذا الصنف نقص المياه لحوالي 12 يوما ويعطى محصولا لا يقل عن 4 أطنان للفدان، مشيرًا إلي أنه تم التوسع في مساحة هذا الصنف بنفس كمية المياه و تعميمه على مساحة 2000 فدان في عده محافظات مثل كفر الشيخ والبحيرة والشرقية والدقهلية دمياط والغربية.
أصناف مبكرة ويضيف عبد النبي، الأصناف المبكرة قصيرة العمر حيث تم استنباط أصناف مبكرة قصيرة العمر يتراوح عمرها من 120 إلى 135 يوما؛ حيث وجد أن باستخدام تلك الأصناف، يتم توفير نحو 30% من كمية مياه الري مقارنة بالأصناف القديمة.
التسويق التعاوني تلعب التنظيمات التسويقية الزراعية الأهلية دورًا هامًا في تسويق السلع الزراعية، ويعود ذلك إلى تأثيراتها الكبيرة على النظام التسويقي والناجمة عما تحدثه من تغييرات على قوى السوق البائعة منها والمشترية، حيث يشكل التسويق الزراعي أهمية خاصة، إذ أن أغلب وقت وجهد ورأس المال يوجه من أجل الناتج الزراعي، فمن جانبه يري مجدي عيسي عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي أن التحفيز لعودة التسويق التعاوني يبدأ من تفعيل البرنامج الخاص بالزراعة التعاقدية التحفيز يأتي من تفعيل البرنامج الخاص بالزراعة التعاقدية مع الوضع في الاعتبار ارتفاع الأسعار وشراء المحاصيل بثمن يضمن للفلاح تحقيق هامش ربح لمعيشة حياه كريمة فالفلاح غير مدعوم من الدولة، لافتًا أن التعاونيات هي من تقوم بتسويق المحاصيل، حيث إنه بتفعيل وتحفيز وعودة التسويق التعاوني سوف يضمن حماية للفلاحين من جشع التجار. محصول الأرز الكودكس يلجأ المزارعون إلى استخدام مبيدات حشرية بأنواع مختلفة في رش مزروعاتهم والإفراط في استخدامها، فمنها من هو مكافح للحشرات والديدان، ومنها بهدف الإسراع في نضج الثمار مثل الهرمونات، الأمر الذي قد يترك آثارًا على صحة المواطنين الذين يستهلكون هذه المزروعات، ولكن تظل هناك بعض متبقيات من هذه المبيدات داخل الثمار يمكن أن تكون وفقًا للحد المسموح به أو أنها تتخطي النسبة المقررة لمتبقيات المبيدات وللحد منها، يتحدث الدكتور أشرف المصرفي مدير المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية أن تحديد الحدود القصوى يأتي من لجنة متخصصة في " الكودكس " والتي تتكون من خبراء ال"fao"، ال"jmpr" ، لتحديد الحدود القصوى للمبيد بعد الاطلاع على المعلومات الخاصة بتقصي المبيد والاستخدام والجرعة والسمّية، لافتًا إلى أن الحد الأقصى يتم تحديده بعد مناقشة ذلك ويتم إعلانه للدول. ويشير المرصفي إلى أن مصر تتبع " الكودكس" أو لا إن لم يوجد الملوث أو المبيد في الكودكس يتم إتباع الاتحاد الأوروبي، وإن لم يوجد يتم اتباع النظام الأمريكي، وفي حالة عدم وجود أى من الأنظمة السابقة يتم اتباع أي مرجعية تتمثل في النظام الياباني أو الكندي أو الاسترالي طبقًا للقانون 974 لسنة 2017 والذي ينص على ذلك.