من جديد، عادت الأوضاع إلى الاشتعال داخل إيران، فلم يكد نظام الملالي يتخلص من آثار الاحتجاجات التي اندلعت نهاية العام الماضي، ومطلع العام الجاري، حتى تجددت الاحتجاجات مرة أخرى في العاصمة طهران، بشكل دفع محللين إلى التنبؤ بتصاعدها، ووصولها إلى مختلف المدن الإيرانية، بسبب الانهيار الذي شهده "التومان"، وهو العملة المحلية بالجمهورية الإسلامية، وتدني الأحوال الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، بالتزامن مع إنفاق النظام أمواله في جبهات خارجية في سوريا واليمن. وقد أبرزت الصحف الإيرانية، اليوم الإثنين، ارتفاع حدة الغضب الشعبي داخل إيران نتيجة ارتفاع سريع في أسعار السلع المستوردة، بشكل أدى إلى انتشار الإضراب من قبل بائعي الأقمشة، وبعض أصحاب المحال التجارية الأخرى في سوق طهران صباح اليوم، احتجاجًا على التضخم، وما تشهده الأسواق من ارتفاع أسعار العملة الصعبة. وقامت الشرطة الإيرانية بالانتشار في المنطقة تحذرًا من هذا الإضراب، وأظهر تسجيل مصور بُث على مواقع التواصل الاجتماعي، محتجين يرددون "إضراب، إضراب". واندلعت مواجهات محدودة، بعد ظهر اليوم الإثنين، بين قوات الأمن وبين عشرات الشبان، وأشارت "فرانس برس" إلى أن شرطة مكافحة الشغب في إيران استخدمت الغاز المسيل للدموع عند تقاطع الفردوسي والجمهورية الإسلامية، في وسط طهران، ضد عشرات من الشبان كانوا يرمون الحجارة، ومقذوفات، في اتجاه عناصر الشرطة، وقامت بتفريق المحتجين الذين كانوا يهتفون "ادعمونا أيها الإيرانيون" عندما بدأت عناصر الشرطة الاقتراب منهم. يذكر أن العملة الإيرانية "التومان"، قد هوت إلى مستوى قياسي منخفض جديد، مقابل الدولار الأمريكي في السوق غير الرسمية خلال العامين الماضيين، ووسط تخوفات من قرب العقوبات الأمريكية، بعد أن قام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي في مايو الماضي 2018. وأشار التجار إلى "تقلب العملات الأجنبية، وعرقلة البضائع في الجمارك، والافتقار إلى المعايير الواضحة للتخليص الجمركي، وحقيقة أنهم في ظل هذه الشروط غير قادرين على اتخاذ قرارات أو بيع بضائعهم، رابطين بين أن تدهور العملة الوطنية يؤثر على كل قطاعات الاقتصاد". وما دفع المحتجين إلى القيام بذلك، هو شعورهم بعدم وجود تحركات فعلية لمقابلة تلك الأزمة، بعد أن منع الرئيس الإيراني حسن روحاني، نشر تعليقات المواطنين على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وصفه بعض المواطنين، على أنه تهرب من أسئلتهم حول حلول الحكومة للأزمات الحالية. وبعد أن أثارت صورة له مرتديًا زيًا رياضيًا استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين، إلى أنه يهمل الأزمة التي تمر بها البلاد. لذلك خرج بعد ساعات من نشر تلك الصورة المحتجين رافعين شعار "اخرجوا من سوريا وفكروا في حالنا أولاً". في حين ينصح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الشعب، بالمثابرة والتحمل، قائلا: "بلادنا تدخل مرحلة صعبة، فنحن أدرنا الحرب "العراقية-الإيرانية" بنفط كانت قيمته 8 دولارات فقط للبرميل، ألا يمكننا الآن السيطرة على الوضع فيما يبلغ سعر النفط 75 دولارًا؟". وتواجه إيران الآن تحديات عديدة، بعد الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي، فضلا عن التهديدات الأمريكية بإعادة العقوبات السابقة التي كانت مفروضة عليها، وما يؤثره ذلك بالسلب على الاقتصاد الإيراني، والقيود التي لاتزال مفروضة عليها بموجب الاتفاق النووي التي تستوجب تعليقًا لنشاطاتها النووية، فضلًا عن ارتفاع التوترات بين التيار الإصلاحي والتيار المتشدد، مستثمرًا الأخير ذلك الانسحاب بالترويج بأن هذا الاتفاق لم يكن سوى تعطيلًا لاستكمال سلسلة التقدم النووي في مقابل مكتسبات قليلة من الأموال لم تحقق ما كان يطمح الشعب تحقيقه. ورفض مجلس الشورى اقتراح الحكومة بفصل 3 وزارات وتشكيل 5 وزارات أخرى جديدة، متجاهيلن بذلك تصريحات إسحاق جهانكيري النائب الأول لروحاني، بأن ذلك الأمر ضروري وحيوي للبلاد. ولذلك قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بتحذير الأصوليين من أنهم لم ينجحوا إذا ذهب الرئيس حسن روحاني قائلًا "نحن في سفينة واحدة من الأصولي والإصلاحي والغير منتمي إلى تيار سياسي والمعارض للنظام والحكومة، وعلى بعضهم ألا يتصور أنه سيتسلم الحكم إذا فشل النظام، فهدف الأعداء ليس إسقاط النظام أو الحكومة ولكن تدمير إيران. وذلك في إشارة منه إلى ما يقوم به ترامب من إشعال لروح الفتنة داخل إيران بين طبقاتها المختلفة.