ما الأسباب الحقيقية وراء أزمة البنزين والسولار؟، وما تداعياتها على الأنشطة الاقتصادية وعجلة الإنتاج بمصر؟، وهل ترتبط ببدء البرلمان إجراءات سحب الثفة من حكومة الجنزوري؟.. أسئلة تتردد في أذهان ملايين المصرين بعدما اشتعلت الأزمة بالقاهرة وجميع المحافظات فجأة وبدون سابق إنذار، لتتكدس السيارات بمحطات التعبئة، ويرفع السائقون أجرة الركوب بنسب تتراوح بين 25 و50%، وتتأخر حركة وصول الضائع والسلع إلى الأسواق.. "بوابة الأهرام" حاولت الإجابة عن تلك الأسئلة خلال التحقيق التالي. وأرجع الدكتور حسام عرفات، رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية أزمة البنزين والسولار إلى سوء الإدارة وعدم التنسيق بين الجهات المعنية الأربعة، والمتمثلة في وزارات البترول والتموين والداخلية بجانب شعبة المواد البترولية. وانتقد عرفات اتهام مجلس الشعب لحكومة الجنزوري بافتعال الأزمة مشيرا إلي أن نواب المجلس ليس لديهم وعي أو دراية بمعالجة بعض الملفات فالحكومة رغم أنها ليست مدانة ولكنها متهمه بسوء التخطيط وعدم اتخاذ إجراءات احترازية وحلول جذرية في معالجة المشكلات التي تواجه السوق المصري وأضاف أن الأسباب الحقيقية وراء اشتعال الأزمة هي توقف المركبات والسفن عن توريد السلع التموينية لمدة أسبوع بسبب سوء الأحوال الجوية، مما تسبب في انخفاض المعروض وسط ضغط المستهلكين باستمرار علي السلعة، مطالبًا بعقد لقاء مع مسئولي وزارة البترول لتحقيق العدالة في توزيع السولار والبنزين علي محطات البنزين لتوازن العرض مع الاحتياجات الفعلية للسوق علي مستوي المحافظات المختلفة. ودعا إلى تمثيل قطاع التجارة المسئول عن تداول السلعة والمتمثل بالشعبة العامة للمواد البترولية في مناقشة الملفات الخاصة بجميع المنتجات البترولية قبل اتخاذ القرارات وفي نظرة تشاؤمية توقع رئيس الشعبة, باستمرار تفاقم الأزمة لفترة طويلة، مشيرا الي أن الحكومة تقوم بتبادل الاتهامات بين الوزارات المعنية دون النظر الي معالجة المشكلات. وأكد أحمد عبد الغفار، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد البترولية، أن جميع المصريين فوجئوا بتصريحات وزير البترول التي أكد فيها أن أزمة البنزين والسولار ترجع إلى "التداول" وليس نقص الإنتاج، مشددًا على أن الكميات المطروحة بالسوق التي لا تكفي الاحتياجات، كما أن اشتعالها لا يحمل أسبابًا منطقية كأزمة البوتاجاز التي تتزايد في الشتاء بسبب زيادة الطلب. وتوقع أن تتصاعد الأزمة خلال الشهور القادمة مع بدء موسم الحصاد الذي يتزايد معه استهلاك السولار، منتقداً تصريحات وزير البترول التي يتحدث فيها عن التهريب للخارج نظرًا لأن التهريب يتم منذ فترات طويلة، مشددًا على أن الأزمة ستنعكس تأثيرها على كل المواطنين، بدءاً من السائقين الذي يحصلون على البنزين من السوق السوداء بأسعار مضاعفة ويقومون برفع تعريفة الأجرة على المواطنين وحتى المواطن العادي. وأعرب عن تخوفه من أن تكون الأزمة سياسية وتتعلق ببدء مجلس الشعب إجراءات سحب الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزوري، موضحاً أن توقيت نشوبها يتسم بالغرابة خاصة أن لاترتبط بموسم، مستغربًا إلقاء الوزير بالمسئولية فقط على التداول بقوله: الناس هاتودي البنزين والسولار فين؟. وقال المهندس رمضان أبو العلا، رئيس قسم البترول بجامعة قناة السويس، وعضو مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة بالثروة المعدنية، إن الأزمة ستستمر إذا لم يتم معالجتها من الجذور، موضحًا أن استهلاكنا يبلغ 6 ملايين طن والإنتاج يقدر بنحو 4 ملايين طن، وبالتالي توجد فجوة تقدر بمليوني طن يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة والتي توجد بها مشكلات في الفترة الأخيرة. وحول تصريحات الوزير، قال إن أي شخص مكانه يردد نفس التصريحات حتى لاتتفاقم الأزمة، مضيفًا: هناك مشكلة في توفير احتياجات العملة الصعبة ومعامل البترول تحتاج إلى الصيانة والتطوير. ووصف وزير البترول بشخصية "تكنوقراط" تفهم كيفية التعامل مع المشكلة، رافضًا مبدأ سحب الثقة من الحكومة الحالية، مشددًا على أن أزمةالبترول غير مفتعلة وموجودة بمصر منذ عهد النظام السابق. وقال الدكتور شريف قاسم، الخبير الاقتصادي وأمين عام اتحاد النقابات المهنية وأمين عام نقابة التجاريين بالقاهرة، إن الأزمة سواء مفتعلة وغير مفتعلة، فإنها توحي بأن الحكومة تدير البلاد أسوأ إدارة، على حد قوله. وتابع: صحيح، هناك أياد خفية تتلاعب في الأسواق، إلا أن الحكومة يجب ألا تكون غائبة وأن تضع آليات للحد من المشكلة التي أصبحت متكررة، وأن تقوم أجهزة الأمن بحماية الحدود ومنع عمليات التهريب بدلاً من ترك البلاد "سايبة". وشدد على أن الأزمة مفتعلة وتشبه المؤامرة التي تتحملها ما أسماه ب" الأطراف" التي تحاول إشعال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكي يكفر المواطنون بالثورة، لافتًا إلى أن أزمة البنزين تسبب في تعطيل حركة الإنتاج وتثير أزمات الشارع المصري. وحذر أحمد الزيني، رئيس شعبة النقل بالغرفة التجارية للقاهرة من استمرار أزمة البنزين وتأثرها السلبي علي حركة سيارات النقل، لافتاً إلى وجود توقف وشلل في حركة النقل بسبب عدم وجود سولار لتشغيل السيارات ما يؤدي لتأخر وصول مختلف السلع والمنتجات إلى الأسواق التجارية، بالإضافة الي تأخر وصول المحاصيل الزراعية التي تورد بشكل يومي من المحافظات الي أسواق القاهرة, ما يتسبب في نقص المعروض من هذه السلع وارتفاع أسعارها. وأوضح بأن أسعار النقل ارتفعت بلغت 20% خلال أسبوع، وذلك بسبب ارتفاع أسعار لتر السولار من 110 إلي 180 قرشا.. الأمر الذي سيؤدي لزيادة التكلفة النهائية وارتفاع الأسعار بالأسواق التجارية.