نحو قرن من الزمان قضاه الشاعر الغنائي السعودى إبراهيم خفاجي، مؤلف النشيد الوطنى السعودى، متغزلاً فى حب الوطن، إلى أن تكالبت الأمراض على جسده وهزمته، فتوفي اليوم الجمعة بعد صراع طويل مع المرض. وقد احتل "خفاجى"، الذى كتب أكثر من 1000 قصيدة، مساحة كبيرة من ذاكرة السعوديين مع كل مرة يُعزف فيها النشيد الوطني للمملكة. وجاءت فكرة النشيد الوطني السعودي حين كان الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز في زيارة لجمهورية مصر العربية، وبينما كان في المنصة الرئيسية تم عزف السلامين الملكيين السعودي والمصري. كان السلام الملكي السعودي عبارة عن موسيقى فقط أعدت منذ عهد الملك الراحل عبدالعزيز، فطلب من المختصين إعداد كلمات لنشيد وطني يكون مطابقاً للموسيقى الموجودة في ذلك الوقت. وقد طلب المسئولون من "خفاجي" أن ينظم كلمات النشيد الوطني، فأتمها بعد 6 أشهر، وكان هذا في عهد الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، وحاز بسببه على ميدالية الاستحقاق من الدرجة الأولى. وتقول كلمات النشيد: "سارِعي للمَجْدِ والعَلْياء.. مَجّدي لخالقِ السّماء، وارفعي الخَفّاقَ أخضَرْ.. يَحْمِلُ النُّورَ المُسَطَّرْ، رَدّدي اللهُ أكْبَر.. يا مَوطِني، موطني قد عشْتَ فَخْرَ الْمُسلِمِين، عَاشَ الْملكْ.. لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ". وعلى الجانب الفنى، صنع "خفاجي" للأغنية السعودية مجداً وإرثاً، وارتبط بعدد من الفنانين كطلال مداح ومحمد عبده، برفقة صديقه الملحن طارق عبدالحكيم، الذى وضع لحن النشيد الوطنى للمملكة العربية السعودية. وقد تميز "خفاجى" بوصفه الإبداعي وخصوبة خياله التي امتدحها زملاؤه من الشعراء، ووصفها بعض المطلعين على إرثه ب"علم هندسة الكلمة". كلمات خفاجي لم يحتكرها الفنانون السعوديون، بل تغنى بها عدد من فناني العالم العربي، مثل سميرة توفيق، وصباح، ووديع الصافي، إلا أنه في كل لقاءاته كان يوصي بالحفاظ على الثقافة الفنية السعودية، مطالباً بفتح المعاهد الفنية وإحياء المسارح.