تصاعدت أزمة الجلود بالسوق المصرية مجدداً، رغم صدور قرار وزير الصناعة والتجارة رقم 304 لسنة 2011 الذي يحظر تصدير كل أنواع الجلود الرطبة واللينة، حيث استمرت عمليات تهريب الجلود بالتحايل علي القرار الوزاري من خلال نظام "السماح المؤقت"، ليصبح التصدير يتم بشكل رسمي وبموافقة الوزارة ذاتها. وفقًا لمستندات حصلت عليها "بوابة الأهرام"، فإن شركة "الإيمان لدباغة الجلود" على سبيل المثال حصلت على موافقة كل من الإدارة المركزية لشئون التصدير بقطاع التجارة الخارجية، ومصلحة الجمارك للقيام بعمليات تصدير بنظام السماح المؤقت. من جانبه، كشف هشام جزر، رئيس المجلس التصديري للجلود، عن استمرار تهريب الجلود، وتحايل عدد كبير من التجار على قرار الحظر، وذلك باللجوء إلي نظام "السماح المؤقت" الذي يتيح تصدير الطلبيات التي تم التعاقد عليها قبل صدور القرار شريطة تصنيعها لمرحلة "الكراست". وأضاف جزر أن التصدير وفقًا لنظام "السماح المؤقت" لا يتم تطبيق شروطه، حيث يتم تصدير جلد "وايت بلو" (نصف مدبوغ) على أنه جلد "كراست" (مشطب) خصوصًا في ظل نقص الخبرة لدي العاملين بموانئ التصدير للتفرقة بينهما، بالإضافة إلي عدم وجود لجنة مشكلة حتى الآن للمشاركة في فحص رسائل تصدير الجلود، وهو ما يعني أن تصدير الجلود يتم بشكل رسمي، وبموافقة الوزارة، علي حد قوله. أما ممدوح ثابت مكي، رئيس شعبة المدابغ بغرفة القاهرة التجارية، فأشار إلي أن هناك عددًا كبيرًا من المدابغ ليس بها دفاتر منتظمة، وبالتالي لا توجد مستندات تثبت وقت دخول الخامات، مما يؤكد صعوبة تحديد مطابقة هذه الخامات أو مخالفتها لقرار حظر التصدير. وأوضح مكي، أن تطبيق نظام السماح المؤقت يستلزم قيام أصحاب المدابغ وقت صدور قرار حظر التصدير بالإبلاغ عن البضائع الموجودة لديهم، حتى يتم التعرف عليها، ويتم التمكن من فحص الجلود ومقارنتها بالجلود المحلية، مشيرًا إلي أن هذه الإجراءات لا يتم تطبيقها بشكل عملي الأمر الذي يجعل التجار يمرون علي قرار حظر تصدير الجلود مرور الكرام. وقال يحيى زلط، رئيس غرفة صناعة الجلود، إن تصدير الجلود يتسبب في خسائر للدولة بنحو 3 مليارات جنيه، حيث تتعاقد المدابغ مع الشركات بنظام "الدروباك" وهو استيراد الجلد لإزالة الشعر منه ثم بعد ذلك يعاد تصديره مرة أخرى. وأشار إلي أن كل طن من الجلد يستهلك نحو 18 طن مياه جوفية يتم صرفها في النيل نظرًا لعدم وجود صرف صحي معالج داخل المدابغ، بالإضافة إلى استغلال الطاقة المدعمة من كهرباء وغيرها مما يعني أننا ندعم الصناعة لصالح المستورد. وأضاف زلط أن اتساع عمليات تهريب الجلود أدى إلى زيادات كبيرة فى أسعار الجلد المحلى، واضطرار كثير من الصناع الى وقف إنتاجهم وتحول آخرين إلى استخدام الجلود الصناعية كبديل للجلد الطبيعى فى منتجاتهم. واستطرد قائلا إنه يتم استيراد 100 مليون حذاء من الصين سنويًا غير مطابق للمواصفات، حيث يتم الإفراج عنها بفواتير "مضروبة"، مشيرًا إلي أن تلك الأحذية يتم تصنيعها من مدخلات رديئة أو معاد تدويرها مما ينتج عنها الإصابة بالعديد من المراض وصولًا إلي السرطان، على حد قوله. ورد حمدى حرب، رئيس غرفة دباغة الجلود، قائلاً: إن غرفة صناعة الجلود تسعى جاهدة للقضاء على العملية التصديرية بالكامل للجلود، حيث تقوم حاليًا بعرقلة تصدير الجلود "الكرست" (تامة الدباغة) وذلك بعدما نجحوا فى وقف تصدير الجلود الوايت بلو. وأشار حرب إلي انخفاض حجم صادرات القطاع بنسبة 50% حيث وصلت إلي 750 مليون جنيه بنهاية العام الماضى مقابل مليار و500 مليون جنيه نهاية عام 2010، موضحاً أن استحواذ مصنعى ومصدرى صناعة الجلود على النصيب الأكبر داخل المجلس التصديري ب9 مقاعد مقابل 4 مقاعد للدباغة ساهم في هذه الحملة الشرسة التي يشنها صنها الصناع علي المدابغ.