خلال قراءتي إحدى الروايات، استوقفتني نصيحة الأم لابنتها ذات الثامنة عشرة بالحرص على عدم الوقع فى الحب قبل أن تكمل عامها الثالث والعشرون، موضحة لها إن حينها سيكون عقلها مستقلًا ورؤيتها لحياتها واضحة فتستطيع أن تقرر مصيرها دون تأثير مبالغ فيه من عواطفها. أعجبت بالفكرة لأنها تتماشى مع ما تعلمته بتقدم العمر، فالمرء لن يجد نفسه ولن يتحكم فيها إن تاهت في أروقة نفس أخرى. المشاعر العاطفية التى قد يحس بها المراهق أو الشاب قد تكون حبًا وقد تستمر تلك العلاقات حتى آخر العمر، لكن القاعدة العامة لا تقول ذلك فمعظم تلك المشاعر تكون وقتية تزول بمرور الوقت تاركة وراءها ذكريات جميلة لفترة عمرية زاهية، لكن حين تتطور تلك العواطف وتسيطر تمامًا على الشخص يصعب عليه تخطي الموقف بسهولة. وقد يلجأ البعض القليل إلى الانتحار ظنًا منهم أنهم لا يستطيعون العيش بدون الطرف الآخر؛ وذلك أكبر دليل على سلبية الوقوع في الحب في سن صغيرة، حيث العقل لم يبلغ بعد والعواطف مندفعة؛ لذا نجد دائمًا أكبر نسب الإقدام على الانتحار بين صغار السن، وتحديدًا في الأمور العاطفية يذهب هؤلاء إلى اليأس التام من الحياة مع الانفصال عن الحبيب في حين أن الحياة لا تقف أبدًا بدون أي شخص، فإن كان هناك آباء استطاعوا أن يعيشون بعد أن فقدوا أبناءهم إذن فأي شخص على وجه الأرض يمكن أن يحيا بدون الشخص الآخر. لكن الحقيقة أن هناك حالات قليلة من الانفصال العاطفي التي قد تؤدي إلى نوع آخر من الموت حين تضطر الظروف شخصين يحبان بعضهما بشدة أن يبتعد كل منهم عن الآخر دون خيانة، جرح أو ذكريات سيئة، تاركة ألمًا يصعب احتماله أو التعايش معه فيحيا الإنسان، يتنفس ويمارس طقوسه اليومية، لكن بلا روح، تمامًا كالقلب الذي ينبض برغم اختراق السهم له فيؤلمه مع كل نفس.